ظاهرة «خلو» المحلات التجارية تغزو السوق المحلي بأرقام فلكية
مليون دينار لمطعم على شارع الخليج و650 ألفاً لآخر في أحد المجمعات الشهيرة
يعد طلب صاحب المكتب أو المحل التجاري مبلغا من المال نظير خروجه من الموقع، وهو ما يعرف بـ«الخلو»، أمرا مخالفا للقانون، ومن المتوقع استمرار هذه الظاهرة ما دامت هناك فجوة بين العرض والطلب.
يعد طلب صاحب المكتب أو المحل التجاري مبلغا من المال نظير خروجه من الموقع، وهو ما يعرف بـ«الخلو»، أمرا مخالفا للقانون، ومن المتوقع استمرار هذه الظاهرة ما دامت هناك فجوة بين العرض والطلب.
يبدو أن الطلب المتزايد على المحال والمكاتب التجارية وقلة المعروض في السوق المحلي أعاد ظاهرة كانت رائجة خلال فترة الثمانينيات، وخصوصا فترة سوق المناخ، التي يصفها البعض بـ»الجنون»، وهي ظاهرة «الخلو»، إذ وصلت أسعار خلو بعض المكاتب التي لا تزيد مساحتها على 20 مترا مربعا آنذاك الى مليوني دينار.وعادت هذه الظاهرة لتغزو السوق المحلي من جديد بأرقام فلكية، حيث وصل «خلو» مطعم يقع على الواجهة البحرية لشارع الخليج العربي الى مليون دينار، وكذلك وصل خلو محل في أحد المجمعات الشهيرة بمنطقة السالمية إلى 650 ألف دينار، وغيرها كثير، رغم ارتفاع إيجارات تلك المحلات.
ونظام الخلو معمول به منذ زمن بعيد، وفي أسواق عديدة، وليس حكرا على السوق المحلي، لكن كان معمولا به على نطاق ضيق وبقيم نقدية بسيطة، أما في الوقت الحالي فقد اتسعت رقعة التعامل وبقيم خيالية، حيث إن بعض المستأجرين يطلبون «خلوات» تحت ذريعة موقع المحل الاستراتيجي أو الديكور والأثاث على سبيل المثال.وتدل عودة ظاهرة الخلوات المحلات التجارية والمكاتب على ان هناك طلبا شديدا من قبل المستثمرين والحرفيين، تزامنا مع تنامي حجم أعداد السكان في الكويت والانتعاش الاقتصادي الجزئي، وهذا ما أكدته أرقام رسمية صادرة عن اتحاد العقاريين بأن نسب الإشغال للمحلات والوحدات التجارية في بعض المناطق، مثل الشويخ الصناعية، وصلت إلى 87 في المئة، بينما وصلت نسبة الإشغال في الفحيحيل الصناعية الى 99 في المئة، وفي منطقتي الري وشرق الأحمدي 95 في المئة.طفرة كبيرةوشهدت خلوات المحلات في المجمعات والأسواق طفرة كبيرة منذ عام 2004، وبلغت ذروتها حتى نهاية 2008، حيث بلغ خلو بعض المحلات على شارع الخليج وفي بعض المجمعات إلى أكثر من مليون ونصف، لكن مع اندلاع الأزمة المالية انخفضت هذه الخلوات بنسبة وصلت الى 60 في المئة من قيمتها، وخلال السنوات القليلة الماضية شهدت أسعار الخلوات هدوءا نسبيا، إلا أنها بدأت في الزيادة التدريجية مرة أخرى لتصل إلى أرقام تقترب من أسعار ما قبل الأزمة.ويرجع الخبراء العقاريون أسباب ارتفاع أسعار الخلوات في بداية عام 2004 الى دخول عدد كبير من العلامات التجارية العالمية الى السوق المحلي، حيث لم تكن متواجدة قبل تلك الفترة، إذ بات وكلاء تلك العلامات التجارية يبحثون عن أفضل المواقع الاستراتيجية في السوق خاصة المناطق الساحلية، والمجمعات الشهيرة والمناطق التي تستقطب عددا كبيرا من الرواد.وأفاد أحد وسطاء العقار بأن قيمة الخلو تعادل أو تفوق في بعض الأحيان قيمة العقار ذاته، مشيرا الى ان انتعاش السوق المحلي التجاري والطلب المتزايد على المحال التجارية عزز وساهم في بروز مثل هذه الظاهرة، رغم مخالفتها للقوانين، حيث لا يوجد لها أي سند قانوني. ويؤكد العقاريون ان طلب صاحب المكتب أو المحل التجاري مبلغا من المال نظير خروجه من الموقع يعد أمرا مخالفا للقانون، ولا يوجد ما يسنده في القوانين والتشريعات، أو ما يشير الى شرعيته.وتوقع العقاريون استمرار هذه الظاهرة طالما كانت هناك فجوة بين العرض والطلب، ومن الصعب تلاشيها خلال الفترة القصيرة القادمة، في ظل التوقعات بنمو الطلب على المحال التجارية والمكاتب والورش الحرفية خلال الفترة المقبلة.من جانبه آخر، قال عقاريون إن السوق الكويتي يعتبر اقل الأسواق العالمية في المساحات التجارية، نظرا للازمة التي تعانيها الكويت من حيث ندرة المساحات العقارية القابلة للبناء، بسبب استحواذ الدولة على أكثر من 90 في المئة من مساحة الكويت، سواء لأسباب أمنية أو نفطية، وهو الأمر الذي حدد المساحة المأهولة بالسكان في شريط ضيق جدا لا يتجاوز 8 في المئة من المساحة الإجمالية للبلد.وأضافوا أن الخلوات جزء صغير جدا من المشكلة العقارية في الكويت، حيث يعاني القطاع العديد من المشاكل، منها القيود التي فرضتها الجهات الرقابية على الشركات العقارية، والتي حدت من عملها في السوق المحلي، والتي أثرت سلبا على مشاريعها، حيث إنه وبسبب تلك القيود توقفت الكثير من المشاريع لعدم توافر السيولة لها، مطالبين بتعديل القوانين وأهمها قانون B.O.T.جذب المستثمرينوأكد العقاريون ان السوق بحاجة الى المزيد من الخدمات، وهو قادر على استيعابها دون وجود آثار سلبية، حيث يفترض على المجلس والحكومة إصدار تشريعات تعمل على جذب المستثمرين والأفكار سواء المحلية أو الأجنبية.وأوضحوا ان القطاع التجاري شهد نموا واضحا خلال العام الماضي، تزامنا مع تعافي بعض الشركات جزئيا جراء الأزمة المالية العالمية، إذ ارتفع إيجار المتر المربع في بعض الأبراج بنسبة تصل الى 80 في المئة، بينما وصلت نسبة الإشغال في بعض الأبراج الى 100 في المئة.وأبدوا تخوفهم من استمرار الركود خلال العام الجاري، خاصة ان مؤشرات وأسباب الركود لاتزال قائمة، ومنها ارتفاع الأسعار، وندرة الأراضي، ووجود قوانين تحد من عمل الشركات العقارية الى ان أصبح القطاع معزولا عن بقية القطاعات الاقتصادية.وبينت إحصائية أعدتها «الجريدة» ان العقار التجاري شهد تداولات بسيطة خلال العام الماضي، إذ تم تداول 148 عقارا تجاريا فقط، بقيمة بلغت 482 مليون دينار، تمثل نسبة 1.8 في المئة من إجمالي عدد العقارات المتداولة، والبالغ عددها 8112 عقارا، و12 في المئة من إجمالي قيمة العقارات المتداولة عام 2014، والبالغة قيمتها 3.9 مليارات، بينما تم بيع 18 عقار مخازن، و51 عقارا حرفيا و9 عقارات على الشريط الساحلي وعقاري معارض، بقيمة إجمالية بلغت 95 مليونا تقريبا.