اجلسوا مع بعض
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
في المقابل، على الطرف الآخر في السلطة، ألا يفرض سلطانه وخطوطه الحمراء، كأن يقول إنه لا عودة عن "الصوت الواحد"، ويضع محرماته المسبقة، بألا يقترب أحد من حدود الممنوع في المشاركة السياسية الحقيقية لا "الشكلية"، كالتي نحياها الآن ومنذ عقود ممتدة. المطلوب الآن فتح الأبواب لكلام صريح بين الطرفين، كلام يعي أصحابه ــ وما أكثر ما أردد هذه العبارة ــ أن الدولة في خطر، خطر من الخارج والداخل، فالمنطقة حولنا تغلي بالصراعات المذهبية، وهي نزاعات اختلطت فيها مصالح لدول كبرى، ولا نعلم إلى أين ستنتهي هذه المخاضات المخيفة، وأي مخلوقات فرانكشتاينية غير "داعش" ستولد طالما ظلت ثقافتنا على حالها، واستمر حكام المنطقة يديرون دولهم بقناعاتهم القديمة رافضين حركة التاريخ وجدلية التغيير الحتمية.وفي الداخل، هناك أزمة اقتصادية تطل علينا برأسها، غير السياسية الحالية، تتحدث عنها السلطة وتحذرنا من عواقبها، لكنها لا تفعل شيئاً حيالها، أو ربما تخشى ردود الفعل الشعبوية من فواتيرها... وهناك أزمة فساد تستفحل، وأزمات من غير عدد تحيط بنا من زحمة مرور خانقة، إلى أسعار سكن مرتفعة خيالية، إلى بطالة مقنعة وحقيقية، وتدهور في نوعية الخدمات العامة من صحة وتعليم وغيرهما، وهناك رخاوة ولا مبالاة في الوظيفة العامة مع عدم اكتراث لحقوق وكرامات المراجعين للمرفق العام لإنجاز معاملة ما دون روشتة الواسطة أو دون رشوة، وهناك تدنٍّ في مخرجات التعليم... ومع خلطة تلك الأزمات "المغيثة"، يقبع فوقها كابوس قمع الحريات العامة والخاصة، ويتمثل في قوانين وممارسات سلطوية تحاول أن تجتث أحلام الشباب في التغيير والتعبير.لمَ لا يجلس أهل السلطة وأهل المعارضة مع بعضهم، ليفكروا في حاضر الدولة ومستقبلها الذي لا نقبل أن يكون مجهولاً؟! فلدينا أطفال، نخشى أن ترمى مصائرهم للعبة "القدر"، أو نقول بكلام أوضح، أن يتركوا للعبة العبط والاستغفال والإهمال والجهل.