أنهى التونسيون، أمس، مرحلة انتقالية صعبة تعيشها بلادهم منذ الإطاحة قبل 4 سنوات بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، باختيارهم رئيساً جديداً للبلاد في انتخابات شهدت إقبالاً ضعيفاً عكس الدورة الأولى.

Ad

انتخب التونسيون، أمس، رئيسا جديدا للبلاد في دورة انتخابية ثانية تنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي (69 عاماً) والباجي قائد السبسي (88 عاما) مؤسّس ورئيس حزب نداء تونس العلماني الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة.

وقبل ساعات من فتح مكاتب الاقتراع، قتل الجيش في منطقة حفّوز من ولاية القيروان (وسط) مسلحاً وأوقف ثلاثة آخرين قالت وزارة الدفاع إنهم حاولوا مهاجمة عسكريين يحرسون مدرسة داخلها "مواد انتخابية".

وقال المقدم بلحسن الوسلاتي، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع لـ"فرانس برس": "يقظة العناصر العسكرية وسرعة رد فعلهم مكنتهم من إحباط العملية التي أسفرت عن مقتل مسلح كانت بحوزته بندقية صيد، والقبض على ثلاثة مشتبه بهم، أحدهم مصاب في يده".

وأضاف أن عسكرياً "أصيب بجروح خفيفة في كتفه" خلال صد الهجوم. وتابع أن وزارة الداخلية فتحت تحقيقا في الحادثة، لافتا إلى أن "الإرهابيين لا يستعملون عادة بنادق الصيد" في هجماتهم.

استهداف المسار

وفي أول رد رسمي على هذه الحادثة، قال مهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي تقود تونس منذ بداية 2014 وحتى إجراء الانتخابات العامة "هي محاولات يائسة، لأنهم (المسلحون) واعُون أن اليوم هو آخر شوط لاستهداف المسار (الانتقالي)" في تونس.

وأضاف في تصريح للصحافيين، بعد تصويته في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة تونس "سننتقل من (الوضع) الانتقالي الى الاستقرار، وستكتمل المنظومة السياسية الديمقراطية الجديدة"، داعيا التونسيين الى "الإقبال بكل هدوء وبكثافة على العملية الانتخابية".

تهديدات «داعش»

وتجرى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد أيام من توجيه جهاديين في تنظيم "داعش" تهديدات الى تونس ودعوتهم التونسيين الى مقاطعة الانتخابات.

وتبنى هؤلاء الجهاديون في شريط فيديو نشروه على الانترنت مساء الاربعاء الماضي اغتيال المُعارضيْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، وهددوا بتنفيذ اغتيالات أخرى. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها تبني عمليتي الاغتيال اللتين أدخلتا تونس في أزمة سياسية حادة. وانتهت الأزمة مطلع 2014 باستقالة حكومة "الترويكا" التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية لتحل مكانها حكومة مهدي جمعة.

تأمين الانتخابات

ونشرت تونس عشرات الآلاف من قوات الجيش والشرطة لتأمين الانتخابات. وبعد الإطاحة بنظام بن علي، خططت جماعات جهادية لتحويل تونس الى "أول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا" وفق وزارة الداخلية التونسية.

ومنذ مطلع 2011 قُتِل أكثر من 60 من عناصر الأمن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة.

مراكز الاقتراع

ودعي الى انتخابات الأحد نحو  5.3 ملايين ناخب من المسجلة أسماؤهم على اللوائح الرسمية للاقتراع وفق "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات". وتجرى عمليات التصويت في نحو 11 ألف مكتب اقتراع موزعة على 27 دائرة انتخابية داخل تونس. وبالنسبة الى التونسيين المقيمين في الخارج بدأت عمليات التصويت منذ الجمعة وتتواصل حتى اليوم.

وكان قائد السبسي والمرزوقي تأهلا الى الدورة الثانية، بعدما حصلا على التوالي على نسبة 39.46 بالمئة و33.43 بالمئة من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الأولى التي أجريت يوم 23 نوفمبر الماضي.

وتميزت الحملة الانتخابية للدورة الثانية بحدة في خطاب المرشحين وبتبادلهما الاتهامات، ما أجج التوتر وأثار استياء كثير من التونسيين.

اتهامات متبادلة

وقال السبسي إن المرزوقي "متطرف" و"خطير"، وإنه ما كان له بلوغ الدورة الثانية لو لم يصوت له "الإسلاميون" و"السلفيون الجهاديون". كما قال إنه "خرب البلاد" خلال فترة حكم "الترويكا".

في المقابل يرى المرزوقي أن السبسي الذي عمل رئيسا للبرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي، وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع، "يمثّل النظام القديم"، ويعتبر أنه "خطر على الديمقراطية وعلى الثورة".

وقال المرزوقي للصحافيين، أمس، بعد التصويت، "اللعبة الديمقراطية تقتضي أن نقبل بالنتيجة، وأن يعتبر من ينتصر نفسه رئيس كل التونسيين، وأنا مستعد أن أهنئ خصمي إن فاز، وأنتظر أن يهنئني إن فزت".

وسيكون المترشح الفائز أول رئيس ينتخب بطريقة ديمقراطية وحرة في تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 رئيسان هما الحبيب بورقيبة (1956/1987) ثم زين العابدين بن علي (1987/2011)، اللذين دأبا على تزوير نتائج الانتخابات للاستمرار في الحكم.

وأمام هيئة الانتخابات، قانونياً، حتى الرابع والعشرين من ديسمبر لإعلان اسم الفائز. لكنها أفادت بأنها ستعلن النتائج الأولية اليوم.

(تونس- أ ف ب، رويترز، د ب أ)