تكمن أهمية وجدي شيا أنه كان أحد الحريصين على تصحيح المسار المسرحي، لا سيما المسرح الغنائي الاستعراضي، بعيداً عن العرف السائد بأن المسرح الغنائي للرحابنة، هو الذي قال مرة: «ربما الجودة التي عمل فيها الرحابنة سابقاً وقربهم من الناس، والمستوى العالي وفيروز... كل هذه العناصر هي المعيار والرمز، ولا شك في أنني معجب بتفاصيل هذا المسرح وهذه العائلة، وتربطني بها أكثر من صداقة، لكن ليس بالضرورة أن يكون المسرح اليوم تقليداً لهم أو تأثراً بهم، فلكل نمطه وأسلوبه»، مشيراً إلى أن الربيع الحقيقي الآتي هو مسرحي وفني واستعراضي وموسيقي .

Ad

آمن وجدي شيا بأن الفن رسالة، ويجب أن يؤدي دوره بشكل كبير في هذا الوقت حيث الانقسامات والانحناءات. لطالما أشار في أحاديثه الصحافية وإطلالته الإعلامية إلى أن لا شيء يقاوم البشاعة إلا الجمال، ولا شيء يقاوم الكراهية إلا الحب.

انتقد الوسط الفني بسبب التراجع والابتذال اللذين حلا فيه وقال في حديث له: «أتأسف حين أشاهد بعض مّن يسمينَ أنفسهنّ «فنانات» يتقاضينَ ملايين الدولارات في حفلة واحدة، وأبكي على وطنٍ يتضمن مسؤولين كالموجودين فيه، وشعب فقد ثقافته وضاع في غياهب الفن المدفوع».

عتب على الدولة اللبنانية لإهمالها الفن الراقي والمسرح الهادف الذي يحمل قضايا المواطن والوطن والإصلاح، واهتمامها بعروض «الشانسونييه» التي يحضرها السياسيون، في حين لا تتنبّه لعملٍ ثقافي مُتقن كـ{شمس وقمر» (العمل الاستعراضي الأخير له).

شدد شيا على أن التغيير ليس شعاراً مطروحاً لدى بعض الأحزاب، بل يجب أن يطاول النزعة الوراثية في السياسة وغيرها، والتوارث السياسي، وعدم الانجرار نحو تكرار الوجوه نفسها في الحكم، موضحاً في الوقت نفسه أن الشعب، إذا كان سيئاً، فلا عتب على حكامه.

طوال مسيرته المهنية، رفض فكرة التجارة الفنية، واعتبر أنّ الفنّ أرقى وأسمى من المال. رغم ظلامية الواقع، لم تفارقه النزعة التفاؤلية فهو يؤكد: «رغم كل ما حصل حولنا وما يحصل، نحن متفائلون بهذا الوطن».

بدأ شيا التلحين منذ طفولته، وكان أصغر ملحن يعتمد في الإذاعة اللبنانية بعد اختبار أثبت فيه جدارته وموهبته.

آخر أعماله المسرحية الاستعراضية {شمس وقمر} (2013) عرضت على مسرح كازينو لبنان، وتمحورت حول التغييرات السياسية التي يعيشها العالم العربي حالياً، من خلال ثورات الشعوب ضد حكامها، وقال في هذا الإطار: {بعد مشاهدة العرض قد يرى الناس أنفسهم على حقيقتها ويخرجون بحالة إنسانية معينة، وأنا لم أتِ للتوجيه بل أقدم مضامين لها علاقة بالسلوك، باعتبار أن الشمس تضيء الحياة، والقمر يستمد ضوءه منها، وقد استخدمت الكلام واللحن لتحسين السلوك في المجتمع، حيث أقدم طقوس المسرح في {شمس وقمر} مع جودة في اختيار الصورة وبأداء عاصي الحلاني في الغناء}.

قبلها قدم {ليالي الشرق}، استعراض غنائي راقص عرض على مسارح لبنانية، عبر رؤية مشهدية ولحنية وضعها وجدي شيا لقصائد من عيون الشعر العربي القديم والحديث .

من أبرز أعماله أيضاً: {أورنينا}، ملحمة أسطورية معاصرة قدمت في غنائية استعراضية عام 1999، في بيروت ودمشق، كتبها شعراً مردوك الشامي. و{أنا شرقية}: مسرحية مغناة، قدمت عام 2000 في بيروت وعمان، كتبها شعرا جورج جرداق.

في الحب والوطن

قدم شيا أغاني رائعة في ألحانها وكلماتها لنجوم من بينهم: نهاد فتوح، سعاد محمد، جوزف عازار، سميرة توفيق، وأبدعت لطيفة التونسية في «إذا الشعب يوماً أراد الحياة» قصيدة أبي القاسم الشابي التي وضع لها وجدي لحناً رائعاً لتغدو نشيداً يردّده العرب في كل مكان.

كذلك قدم أخيراً أغنية {أمشي مشية مارد} لدارين حدشيتي التي اختيرت نشيداً ليوم السلام العالمي.

برع شيا في أغاني الحب فقدم لوائل كفوري أغنية {الحب فنون} من كلمات الشاعر أنور سلمان، وأغاني لباسكال صقر وغادة شبير وغيرهم. كذلك برع في أغاني الوطن فقدم الكثير للبنان وغيره من بلدان العالم العربي، ولم يبخل بموسيقاه على أي عاصمة عربية، لامتلاكه حساً قومياً عميقاً.

 قدّم برامج فنية وبرامج منوعات على أكثر من محطة تلفزيونية محلية وعربية، وأشرف على البرامج الفنية لقناة {الجديد}، ووضع الموسيقى التصويريّة والمقدمة الغنائيّة لمسلسل {جبران خليل جبران} للكاتب ألكسندر النجّار (2008)، فضلاً عن الموسيقى التصويريّة لأفلام وثائقيّة مع شركة  infoMAP  الإيطاليّة المتخصّصة في إنتاج أفلام وثائقيّة عالميّة.

جوائز ودروع:

• الجائزة الأولى في المسرح الغنائي من {مهرجان بابل الدولي} (1999) عن العمل الغنائي المسرحي {أورنينا}، من بين 45 دولة مشاركة.

• درع وجائزة من السفارة اللبنانية في الأردن عن العمل الغنائي المسرحي {أنا شرقية} (2000).

• درع تقدير في مهرجانات عاليه.

• درع تكريم من الجمعية الوطنية للطفل والأم لتلحينه نشيد الطفل اللبناني.

• الجائزة الأولى في {مهرجان الأغنية العربية} (1997) في القاهرة.

• شهادة تقدير من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.

خلال وجوده في المستشفى، تلقّى وجدي شيا اتصالات من نواب ووزراء وفنانين للاطمئنان على صحته، أبرزهم وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور، كذلك اتصل به عاصي الحلاني. وبخطوة لافتة، حضر الفنان المصري مجدي الحسيني خصوصاً من القاهرة لزيارته في المستشفى قبل وفاته، إذ تربطه به علاقة صداقة فنية متينة وقديمة.

رئيس حزب {القوات اللبنانية} الدكتور سمير جعجع نعى الراحل قائلاً: {خسر لبنان اليوم المؤلّف الموسيقي وجدي شيّا، رحمك الله يا صديقي وأسكنك فسيح جناته}.

كذلك نعاه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان وقال: {غيب الموت موسيقياً لبنانياً وعربياً وصديقاً يفتخر به على كل صعيد، الأستاذ وجدي شيا إبن صوفر الحبيبة. له أفضال على الموسيقى العربية وعلى النضال في سبيل القضايا المحقة بالريشة والجملة الموسيقية المبدعة، وهو دين علينا أن نفيه حقه}.