أكد د. غانم النجار ود. علي الزعبي أن الدستور استطاع أن يحقق الديمقراطية في البلد، ويوقف سياسة المشيخة التي كانت سائدة في الكويت قديماً.

Ad

أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، د. غانم النجار، أهمية المحافظة على الدستور الكويتي والعمل به، مشيرا إلى أنه صمام أمان الديمقراطية في الكويت، وأن تعطيله سابقا جلب للكويت الكوارث.

وقال النجار، خلال ندوة الاحتفال بمضي 52 عاما على الدستور الكويتي، التي نظمتها الأمانة العامة لمجلس الأمة، بالتعاون مع متحف بيت العثمان برفقة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت علي الزعبي:

عندما نقرأ مسودة لجنة إعداد الدستور قديما كانت تتحدث عن الوحدة الوطنية التي كانت بين الحكومة والشعب، أما الآن فإن الأمر اختلف، لافتا إلى أن الاحتفاء بالدستور يجب أن يكون من خلال هوامش، هل نريده بداية أو منتصف أو نهاية الطريق؟، بالطبع هو بداية الطريق.

وأوضح أن البعض يدعي أن هناك أناسا من الخارج فرضوا على الشيخ عبدالله السالم هذا الدستور، مشيرا الى أن كلامهم على هذا الصعيد لا أساس له، وهم يهدفون من خلال هذا الأمر الى نظرية المؤامرة، موضحا أن الدستور ليس الهدف منه أن يوضح كل جوانب الطريق، لافتا إلى أن الدول التي لا يوجد لديها دستور تعاني الكثير، والدليل ما تعانيه بريطانيا.

وأكد أن الدستور الكويتي ما هو إلا فعل تراكمي بالأدلة وليس بالظن، موضحا أن القول بأنه فاشل، وأنه أتى لتنفيذ مآرب معينة، كلام مردود عليه، وخاصة الأقاويل التي تقول إنه فرض من بريطانيا، مشيرا الى أن هذا الدستور علينا أن نقبل بأنه لا يتغير، وهو جامد، وتغييره ليس صعبا فحسب إنما مستحيل، وهو يتطلب أغلبية صعبة تصل إلى ثلثي المجلس وموافقة الأمير، وهذا من المستحيل أن يتم.

 تنازلات مؤلمة

وأشار الى أنه حتى الحكومة عندما أرادت أن تنقح الدستور لم يتسن لها ذلك، وهي لا يعجبها الدستور، لأنه لا يعكس موازين القوى على سطح الأرض، كما أن هذا الدستور توجد به تنازلات مؤلمة أدت الى انسحاب بعض أبناء الأسرة منه، مؤكدا أن الدستور ألغى سياسة التمييز، وكل القوى لم تستطع أن تغيره، وحتى في حال عدم رضاء السلطة عن هذا الموثوق، وحتى أن الحكومة سعت إلى حل المجلس عدة مرات، بهدف تغيير الدستور، لكنها لم تستطع.

وقال إن الدستور لن يتغير وعدم تطبيقه بالشكل المطلوب أبرز عيوبه، مشيرا الى أن الدستور جاء نتاجا لعصارة تجارب سياسة الدول مع الخبراء الكويتيين. وتحدث النجار عن لجنة تقصي حقائق الغزو، فقال لماذا هي سرية حتى الآن في مجلس الأمة، رغم انتشارها في وسائل الإعلام؟ لافتا إلى أن هذه مشكلة في الدستور، موضحا أنه خاطب بعض النواب المخضرمين بمجلس الأمة للإفراج عن هذا التقرير، لكن الجميع يتهرب من هذا الأمر لحساسيته، موضحا أن إقرار المجلس لحق لجوء المواطن هو من أبرز الإنجازات، كما أن قضية سحب الجناسي ذكرت في 8 محاضر في لجنة الدستور، موضحا أنه من حق الدولة سحب الجنسيات، لكن بشروط، وحتى تسحب الجنسية لابد أن يكون عن طريق محكمة، وليس صندوقا أسود، مشيرا الى أن نقاش لجنة الدستور في الستينيات حول هذه القضية كان أعمق وأفضل من المناقشات الحالية.

التجربة علمتنا

وأكد أن التجربة علمتنا أن هذا الدستور الذي ينقص من قدرة البعض إذا غاب حدثت الكوارث، والدليل أزمة 76 وأزمة المناخ اللتين حدثتا بعد تعطيل العمل بمجلس الأمة والدستور، فضلا عن حل مجلس الأمة وتعليق الدستور وحدوث الوضع، ولا نعلم انه اذا عطل الدستور من جديد ماذا يحدث، هل سيحدث أمر أكبر من الغزو.

ولفت الى أن كواليس المؤتمر الشعبي كانت لا تريد الدستور، وكان هناك توجه آخر، لكن القوى الوطنية رفضت ذلك، وامتثلت للدستور، الأمر الذي وحد الكويتيين، كما انه لو لم يكن هناك دستور لما حُلت أزمة الكويت، رغم أن الكويت كانت تغلي، وكل ما حصل في النهاية تطبيق قانون توارث الإمارة الذي نص عليه الدستور.

وأشار إلى أن الدستور باق وربما للأبد، وإذا لم تستطع الأسرة أو الحكومة تغييره، فهذا لن يتم أبدا، والقوى السياسية إذا لم يكن لديها التفاف جماهيري لن تستطيع أن تحرك ساكنا على هذا الأمر، مبينا أن الدستور لا يمكن أن يتغير إلا بالتوافق، وهو «يسوى» وإذا حضر حلت المشكلات وإن غاب حدثت المشكلات.

 الحال انعكست

من جهته، أكد د. علي الزعبي أن مشكلة الدستور دائما ما تؤخذ من جانب سياسي، لكن لم تأخذ من الجانب السيولوجي، مثلا في السابق كانت الموالاة في المناطق الخارجية والمعارضة في شرق، والآن انعكست الحال، فالمعارضة أصبحت بالمناطق الخارجية، لافتا الى أن الدستور جاء ليخفف حدة الصراعات والخلافات في المجتمع الكويتي، سواء كانت أسرة الحكم أو الأقطاب الاخرى.

وقال الزعبي إن دستور 62 جعل من الصراعات الكبرى كأنها لن تحل، ملمحا الى ان الدستور نسف بعض المواريث الاجتماعية، وحوّلنا من المشيخة الى الدولة، ومن التبعية الى المواطنة، واستطاع أن ينظم عملية المواطنة والعدالة والتفاعل داخل المجتمع الكويتي، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

وأشار الى أنه أكد أن نظام الحكم ديمقراطي بعد إنهائه حقبة عصر المشيخة والانتقال الى المجتمع الديمقراطي، موضحا أن الانتقال إلى الوضع السياسي والدستوري السليم تم بسلاسة وسرعة.

وتابع: رغم كل العيوب والشروخ في الدستور، فإنه الطريق لأمان وصلاح البلد منذ نشأته.

المشكلة في النفوس

وأضاف: كما أن الدستور الكويتي منح المواطن حرية لم تكن موجودة في عصر المشيخة، ولولا هذه الوثيقة ما استطعنا انتقاد الحكومة أو بعضنا، كما هو حاصل في دول الخليج، لافتا الى أن المشكلة الرئيسية هي في النفوس لا بالنصوص.

وكشف أن الصراع الحاصل حاليا هو صراع على المصالح، سواء كان ذلك في السلطة التشريعية أو التنفيذية، مشيرا الى أن الدستور ضبط العلاقة والتفاعل بين الحاكم والمحكوم، ووضح حقوق وواجبات كل واحد منهما.

وقال إن عبدالله السالم، يرحمه الله، قيد بالدستور صلاحيات أبناء الأسرة، عندما سحب ما كان عندهم سابقا، حتى أن البعض كان يلوم الشيخ سعد العبدالله بالقول إن «أباك هو من وهقنا بالدستور»، مبينا أن همّ الحكومة كله كان ولايزال السيطرة على البرلمان، موضحا أنها لم توعّ المواطنين سياسيا، وأن هناك 88 في المئة لا يفقهون الدستور، وهم يقولون إننا نريد مزيدا من الديمقراطية والحرية، وفي الوقت نفسه 77 في المئة يصوتون لمن يخدمهم، موضحا أن السلطة هي التي خلقت هذا الأمر وعدم الوعي، والكويت خلقت شياطين السياسة والطائفية والقبلية، مبينا أن هذا الأمر كان مخططا له بشكل مدروس، ونحن لا نعيش في دولة ديمقراطية، إنما برلمانية.