«ألماس ونساء» للينا هويان الحسن...
خروج على صورة المجتمع الدمشقي النمطية في الدراما
صدر أخيراً عن دار «الآداب» كتاب جديد للروائية السورية لينا هويان الحسن، بعنوان «ألماس ونساء» ويتمحور حول سير نساء دمشقيات برزن في المهاجر الأوروبية والأميركية، وحول الطبقة البورجوازية السورية في دول الاغتراب في مطلع القرن العشرين.
صدر أخيراً عن دار «الآداب» كتاب جديد للروائية السورية لينا هويان الحسن، بعنوان «ألماس ونساء» ويتمحور حول سير نساء دمشقيات برزن في المهاجر الأوروبية والأميركية، وحول الطبقة البورجوازية السورية في دول الاغتراب في مطلع القرن العشرين.
تحتل مسألة الهوية مكاناً رئيساً في قلب نص «ألماس ونساء» بقلم لينا هويان حسن، حيث تلقي الضوء على أكراد دمشق من خلال شخصية الأمير بوتان الكردي الذي تؤرقه هويته، مستقية مراجعها من بحثها في الوثائق التاريخية...تقع الرواية في 239 صفحة من القطع الوسط، وتتميز بمعلومات وأخبار حول النسيج الاجتماعي الدمشقي المكون من ثلاث ديانات متجاورة هي الإسلام والمسيحية واليهود، حصرتها الروائية في جزأين، تبعت فيهما أسباب الهجرة السورية، من بينها الهرب من هوية ما، والبحث عن هوية مفقودة، وتناولت إنجازات النساء الدمشقيات اللواتي انطلقن في رحلة قدرية صوب الأرجنتين أو باريس.
وتحكي عن حياة أفراد الطبقة البورجوازية السورية في الغربة، لا سيما في البرازيل والأرجنتين، عارضةً تفاصيل حياتهم اليومية من عادات وتقاليد وطقوس، حملوها معهم من وطنهم الأم...يندمج مفهوم الاستقلال والقرار الذاتي أو الإرادة الحرة في الكتاب بهدف إبراز إنجازات «عصر النهضة» العربية، من خلال قصة ألمظ في الجزء الأول من الكتاب، ابنة تاجر سجاد دمشقي وحفيدة بابور الهندوسية التي تقدم ألماسة زرقاء كانت عيناً للاله فيشنو كهدية لحفيدتها يوم زواجها من الكونت اللبناني كرم الخوري المقيم في باريس. لكن حكاية ألماظ تأخذ مساراً مفاجئاً بسبب عشقها للبيكباشي محمود التركي وتجد نفسها تعبر الأطلسي في رحلة غريبة صوب البرازيل. في الجزء الثاني، تأخذ قصة برلنت آفاقاً رحبة غير مسبوقة، فتتعدد الشخصيات المتحدرة من أصول وأعراق وديانات مختلفة (كانت متوحدة تحت نير الخلافة العثمانية)، ويظهر ثراء المدينة العربية آنذاك، مثل دمشق والقاهرة وبيروت، ويتضح الهوس بباريس التي تألقت مع تدفق المهاجرين إليها مع نهايات القرن التاسع عشر.أما قصة روميّة خانم التي تهرب إلى ساو باولو وتتزوج هناك، فتتناول حياة الجالية السورية، التي نقلت معها تقاليد الوطن بحساسياته الدينية والعرقية، فتتجلى مناكفاتهم في أبسط التفاصيل مثل تسمية الأكلات الشعبية الدمشقية وغيرها... في الوقت نفسه تجتمع الجالية بأطيافها وتنهمر دموع الحنين من أعين الجميع في استقبال قماشة بروكار وصلت ساوباولو.لينا هويان الحسن روائية سورية صدرت لها ست روايات ودراستان توثيقيتان حول المجتمع القبلي في سورية ومجموعة شعرية. وتنقل الكاتبة عن الكاتب الأميركي الساخر مارتن توين (1835-1910)، في كتابه {الأبرياء خارج البلاد} (1869): {السنوات بالنسبة إلى دمشق ليست سوى لحظات. دمشق لا تقيس الوقت بالأيام والشهور والسنين، إنما بالإمبراطوريات التي شهدت قيامها وازدهارها ومن ثم انحطاطها وفناءها... دمشق شكل من أشكال الخلود... قلبت النظر في رفات أهالي ألف أمبراطورية، وستشهد أيضا قبور ألف إمبراطورية أخرى قبل أن تفنى}.تستحضر الحسن كتابات تاريخية عن الشام التي تشهد منذ أكثر من ثلاث سنوات صراعات مسلحة، تهدد تاريخها وعمرانها، وأدت إلى سقوط أكثر من 170 ألف قتيل لغاية الآن}، وهي الوحيدة التي تناولت عوالم البادية السورية وعموم الرقعة الجغرافية الممتدة إلى بوادي الأردن والعراق ونجد، وكرست لها أعمالاً مثل: «بنات نعش وسلطانات الرمل ورجال وقبائل».عن سر ارتباط رواياتها بالتاريخ وبالمجتمع البدوي، تقول في حديث لها: «يبدو أنني أملك شغفاً بالتاريخ، وتحديدا مطلع القرن العشرين، فمعظم رواياتي تحدث في هذه الفترة. في أعمالي الروائية عن المجتمع البدوي كتبت عن الثقافة الحياتية البائدة، كتبت وأنا أعلم أني أعاصر انقراض هذا النمط من الحياة، وفي الوقت نفسه أعيش عصر الانسحاق المادي والإسمنتي للإنسان».تضيف: «في رواية «ألماس ونساء» كتبت عن المجتمع الدمشقي الحقيقي، كما قرأته في الوثائق بعيداً عن الصورة النمطية التي كرستها الدراما السورية عنه، لافتتانها بتلك الطقوس المهملة التي كانت تمارسها جماعات بشرية منسية، وتؤكد تمسكها بشدة بالذاكرة المهجورة، معتبرة أن الأدباء هجروا هذه العوالم بذريعة الحداثة»...