بحلول نهاية السنة، سيكون الكونغرس قد دفع مبالغ طائلة لإعادة بناء أفغانستان، بعد معالجة مشكلة التضخم، بما يفوق تلك التي أنفقتها الولايات المتحدة لإعادة بناء 16 بلداً أوروبياً بعد الحرب العالمية الثانية بموجب "خطة مارشال".

Ad

تعرّض جزء هائل من تلك الأموال (104 مليارات دولار) لسوء الإدارة والسرقة، ومعظم المشاريع التي بُنيت بدأت تتصدع أو لن تصمد طويلاً، فقام بعض الأفغان المرتبطين بشخصيات نافذة بتهريب ملايين المساعدات المالية المسروقة في حقائب سفر تم تفتيشها خلال رحلات متجهة إلى دبي، لكن أغفلت الحكومة الأفغانية عن هذه العمليات المشبوهة والواسعة النطاق، ورغم الكشف عن عمليات الاحتيال وسوء استعمال الأموال، تابعت الولايات المتحدة ضخ الأموال على مر السنوات لأن قطع الموارد المالية كان يُعتبر طريقة مؤكدة للحكم على جهود الحرب بالفشل.

حين يقلص البنتاغون مهمته القتالية هناك في نهاية السنة، يسهل أن نعتبر حرب أفغانستان مرحلة توشك على الانتهاء، بالنسبة إلى دافعي الضرائب الأميركيين على الأقل، لكن وفق الوضع القائم، ستتابع الولايات المتحدة وحلفاؤها دفع فواتير أفغانستان في المستقبل المنظور. ترسخ هذا الالتزام يوم الثلاثاء حين وقّع السفير الأميركي في كابول والمستشار الأمني لأفغانستان اتفاقاً أمنياً ثنائياً من شأنه أن يضمن بقاء وحدة صغيرة من قوات حلف الأطلسي هناك لسنتين على الأقل.

وافقت الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف الأطلسي حديثاً على دفع 5.1 مليارات دولار في السنة للجيش والشرطة، حتى عام 2017 على الأقل، من المتوقع أن تتابع الدول المانحة الغربية ضخ مليارات إضافية لإعادة البناء وتنفيذ مبادرات أخرى، مما يؤكد أن أفغانستان لن تُحرم من المساعدات الدولية في أي وقت قريب، تبدو الحكومة مفلسة.

منذ بضعة أسابيع، دعت وزارة المالية الأفغانية الولايات المتحدة إلى دعم خطة إنقاذ بقيمة 537 مليون دولار بشكل عاجل، محذرةً من أنها لن تتمكن من دفع الرواتب من دونها.

 إنه جزء من نزعة شائعة ومثيرة للقلق، إذ تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن أفغانستان ستواجه فجوة مالية بقيمة 7.7 مليارات دولار سنوياً بين المرحلة الراهنة وعام 2018، وإذا استمر تدفق المال بهذا الشكل يجب أن تثبت الحكومة الأفغانية أنها جديرة بالثقة، ويجب ألا يتردد الكونغرس من جهته بقطع المساعدات إذا استمرت موجة الفساد بلا رادع.

القول أسهل من الفعل طبعاً في بلدٍ تُعتبر فيه الصفقات التي تحصل تحت الطاولة المعيار السائد، ويمكن أن يثبت الرئيس أشرف غني مدى جديته عبر تعيين وتمكين نائب عام جديد يكون مستعداً لطرد المسؤولين الفاسدين، فكان اقتراحه بقيادة مجلس جديد لإدارة المشتريات جديراً بالثناء لأنه سيحمّله المسؤولية شخصياً.

من أصل مبلغ 104 مليارات دولار الذي خصصه المشرعون الأميركيون لإعادة بناء أفغانستان لم يتم إنفاق 16 مليار حتى الآن وفق جون سوبكو، المفتش العام الذي يشرف على مشاريع إعادة البناء، وبما أن أفغانستان هي واحدة من أفقر دول العالم فمن الواضح أن حاجاتها كثيرة، لكن يجب أن تحسن الوكالات الأميركية المكلفة بإنفاق المال أداءها لتحديد الأولويات ورسم أهداف واقعية وتقديم ضمانات أقوى.

ألقى سوبكو حديثاً خطاباً في جامعة جورج تاون، وأبدى دهشته من المقارنة مع "خطة مارشال" فسأل: "ما الذي قدمه لنا هذا الاستثمار؟".