لاشك أن اقتصادنا كاثيولكي، فكما أن الكاثيوليك لا يرتبطون إلا بزوجة وحدة طوال حياتهم، كذلك اقتصادنا هو عبارة عن زواج مؤبد بين التنمية والبترول، والشهادة لله طوال السنوات الماضية كان البترول نعم البعل لتنميتنا، ولم يقصر يوماً في الصرف عليها من "عرق برميله"، ملبياً جميع احتياجاتها من الإبرة إلى الصاروخ، ولكن، مع الأسف، رغم هذا الإخلاص والتفاني البترولي لم تكن التنمية "هانم" في المقابل على قدر الهقوة، فالأقاويل تثار حول سلوكها هامسة بأنها تمشي على "حل صرفها" والعياذ بالله! لا يردعها برنامج ولا تهديها خطط ولا حتى رؤى مستقبلية!

Ad

 ومن واقع هذا الحال الأسري الاقتصادي، ليس مستغرباً أن صار أولاد البترول والتنمية يعانون الأمرّين، فكما قيل "ليس بالبرميل وحده تحيا الشعوب"!

"المورد البديل"، وهو الابن الأكبر للتنمية والبترول، يقال إنه تاه في حواري أدراج الاقتراحات والمشاريع، ولم يعد حتى الآن، رغم البحث الحثيث عنه في أزقة "غوغل" وعلى أرصفة "ياهو" وفي "براحات" الإكسبلورر، أما البنت الكبري (البنية التحتية) فدخلت، بعيداً عنكم، في مرحلة اليأس وبدأ روماتيزم البيروقراطية يفتت مفاصل شوارعها وأكتاف جسورها وترقوة مرافقها، أما الصحة، شقيقتها الصغرى، فيقال إنها هربت إلى الخارج تاركة أخاها الأوسط، التعليم، يعاني سكرات الزهايمر المبكر، فلا هو يتذكر أين أضاع "الفلاش ميموري"؟ ولا هو يعرف أين هو وضع "اللابتوب"؟.

أما "الأخ الجعدة" الإسكان فحالته حالة، كان الله في عونه، مرهَق أبداً يركض وراء طلبات البيوت حتى حفيت رجلاه، وما إن يأتي المساء حتى ينام قرب باب المصروفات العامة ملتحفاً بأمانيه، يحاول أن يسلّي نفسه بلعبة الأرقام، 100 وحدة سكنية، 110 آلاف طلب، 3 آلاف طلب في العام، 12 ألف وحدة في السنة، 400م و300 م، بناء عمودي 200م... ثم يغمض عينيه ليغفو مدة 15 عاماً! بعدها يستيقظ فجراً، ليترك باب المصروفات ويجلس أمام نافذة "الويندوز" ليبحث في النت عن شقة غرفتين وصالة للإيجار!