ديمة القريني: بعض لوحاتي يبكيني... وتقنيات الرسم أصواتنا الداخلية
«تكرار الأسلوب يمثل سلسلة متكاملة كالرواية بأحداثها وشخصياتها»
الفتاة التي نشأت في بيت الـ{جنة»، دقت أصوات العالم بابها، فأنصتت إلى الموسيقى وعزفت «الكمان»، وكتبت الخواطر ولاحقت شواردها، وقرأت في المنطق والفلسفة والأدب وذهلت أمام فنجان قهوة؛ ثمة خطوط تراها ولا يراها الآخرون، وحديث تنصت إليه ولا يسمعه الآخرون، وريشة لها لون الغيوم وعطاء ديمة.
من تلك التفاصيل تشكلت الفنانة ديمة القريني، التي تعمل مصممة ديكور في متحف الفن الحديث، وشاركت في كثير من الفعاليات الخارجية والداخلية، وفازت بجوائز عدة، آخرها جائزة معرض «الربيع التشكيلي» في دورته الثامنة، مع تسعة فنانين كانوا من بين 83 فناناً تنافسوا بأعمالهم التي تجاوزت المئة عمل، وعرضت في قاعتي «أحمد العدواني» و{الفنون» في ضاحية عبدالله السالم.
«الجريدة} حاورت القريني عن الجائزة، واقتراباً من عالمها التشكيلي وتلصصا على بيت قالت فيه والدتها الشاعرة الكويتية جنة القريني: {تنسل ديمة تغمض الأسرار... تنسدل الغيوم».
الفتاة التي نشأت في بيت الـ{جنة»، دقت أصوات العالم بابها، فأنصتت إلى الموسيقى وعزفت «الكمان»، وكتبت الخواطر ولاحقت شواردها، وقرأت في المنطق والفلسفة والأدب وذهلت أمام فنجان قهوة؛ ثمة خطوط تراها ولا يراها الآخرون، وحديث تنصت إليه ولا يسمعه الآخرون، وريشة لها لون الغيوم وعطاء ديمة.
من تلك التفاصيل تشكلت الفنانة ديمة القريني، التي تعمل مصممة ديكور في متحف الفن الحديث، وشاركت في كثير من الفعاليات الخارجية والداخلية، وفازت بجوائز عدة، آخرها جائزة معرض «الربيع التشكيلي» في دورته الثامنة، مع تسعة فنانين كانوا من بين 83 فناناً تنافسوا بأعمالهم التي تجاوزت المئة عمل، وعرضت في قاعتي «أحمد العدواني» و{الفنون» في ضاحية عبدالله السالم.
«الجريدة} حاورت القريني عن الجائزة، واقتراباً من عالمها التشكيلي وتلصصا على بيت قالت فيه والدتها الشاعرة الكويتية جنة القريني: {تنسل ديمة تغمض الأسرار... تنسدل الغيوم».
سنكون عند العتبة الأقرب، حدثينا عن عملك الفائز أخيراً في معرض الربيع التشكيلي الأسبوع الماضي؟
العمل الذي فاز بجائزة معرض الربيع التشكيلي الثامن 2015 بعنوان {ركام المشاعر}، وهي لوحة استخدمت فيها ألوان الإكريليك على كنفاس، وقياسها 100x120 سم. تحكي اللوحة خطوط المشاعر والأفكار المتراكمة داخلنا، وإضافة الحروف هي المواضيع المتشابكة في العقل والقلب بانتظار الكلمة والأمل الجديدين.تجاوزت الأعمال المئة في المعرض، ما انطباعك حول هذه المشاركات؟حضور الفنانين الكبار ومشاركتهم دعم لنا، واحتكاكنا بتجاربهم العريقة وتجاربهم المخضرمة تفاعل ثري، لذا أحرص على الإنصات إلى نصائحهم وتوجيهاتهم. كذلك يبرز في الكويت الآن وفي الساحة التشكيلية بشكل واضح، حضور كثير من الطاقات الشبابية الجميلة التي لديها موهبة وفكر حداثي وتطوير للفن التشكيلي، وهو نراه من خلال التنافس بالمشاركة في المعارض والورشة.بيت {الجنة»«ركام المشاعر}، اسم يعبر عن تفاصيل اللوحة المعبأة بانهيالات اللون وتساقطه، كذلك اللوحات الأخرى التي تتماهى مع اسمها، ما الذي يهمك في الأسماء؟يتكامل اختيار أسماء لوحاتي مع موضوع العمل. لكل لوحه موضوع مختلف ومزاج مختلف ولون يميزه فيولد الاسم. أجد لوحاتي أحياناً تبوح باسمها وكأنها تختاره بنفسها!أسماء اللوحات اشتغال أدبي، وهو ما يؤكد حضور العالم الزاخر بالأدب في محيط والدتك الشاعرة جنة القريني، وأخيك الشاعر سامي وأخيك المسرحي نوار. ولكن شققت طريقك في الرسم؟الأدب والموسيقى رفيقا الدرب مع الفن التشكيلي، وطفولتي معجونة بهذا كله، كوني تربيت في بيت فيه أهم شاعرات الوطن العربي أمي الغاليه جنة القريني والتي كان لها التأثير الأكبر في حبنا أنا وأخوتي في هذه المجالات الفنية بين الكتابة والمسرح والفن التشكيلي، وهي المشجع والناقد الأول لنا حتى نصقل مواهبنا بالشكل الصحيح.ويبقى للأدب دور مهم في ثقافة الفنان، فكنت أقرأ لتتكون الأفكار والصور والمشاهد وتترجم باللون من خلال لوحاتي. تثري القراءة خيال الفنان وتزيد من عمقه في ترجمة اللوحة.تسحرنا البدايات، رحلة البحث عن صوتنا الداخلي، ولا نود لسحرها انتهاء، حدثينا عن التشكلات الأولى؟ كانت بدايتي ممزوجة بين الكتابة والعزف على آلة الكمان والرسم، وكنت أحب كل ما له علاقة بالفنون. كتبت قصيدة موزونة في العاشرة من عمري ولكن كنت أبحث عن أمور أكبر وأكثر تعبيراً عن نفسي، فعزفت على آلة الكمان لحبي الشديد للموسيقى وعشقي لصوت الكمان وما يحمله من ألحان وقصص تترجم على أوتاره. ولكن كنت أفتش عن أشياء أستطيع من خلالها أن أعبر عما بداخلي أكثر وأكثر. هنا كان الفن التشكيلي الذي احتل المركز الأول بين المجالات كافة وبدأت.ما التفاصيل التي حاكيتها؟كانت بدايتي برسم كل ما أشاهده كطبيعة صامتة واطلاعي على كتب الفنانين العالميين وتجاربهم في بداياتهم، وتأثرت في بدايتي بالفنان الفرنسي كلود مونيه فعشقت اللون والطبيعة، حتى التحقت في دورات في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية وبدأت بالمشاركة من خلال المعارض.ما المدارس الفنية التي تأثرت بها؟المدرستان الواقعية والكلاسيكية بداية؛ وبعدها انتقلت إلى الفن الحديث والمعاصر لأجد نفسي فيه حتى أعبر بحرية عما أود قوله من خلال اللون والموضوع والفكرة.نبرات أصواتناما أكثر طقوسك في الرسم جنوناً؟الموسيقى والهدوء وشرب القهوه من طقوسي في الرسم. أكون في قمة غضبي الداخلي حين يزعجني وجود أي شخص أثناء بداية أي عمل فني. تلازمني هذه الحالة حتى أنهي نصف العمل، وبعدها أتقبل أي حوار أو أي شخص ممكن أن يكون معي في هذه الصومعة. تنوع التقنيات لم يمنع وجود ثيمة مكررة تجمع اللوحات، أيمثل ذلك مشروعا متكاملا؟تماماً. تكرار الأسلوب باللوحات يمثل سلسلة متكاملة، وكالقصة أو الرواية بأحداثها وشخصياتها ومزاجها، ولكل فنان بصمة وأسلوب يميزانه، وذلك يكون من خلال اللون أو الخطوط أو الشخصيات، والتقنيات المختلفة نبرات أصواتنا، تلمحينها وتدركين تميزها رغم ما توحي به من تكرار.من يعرفك يذكر سكونك، ابتسامتك الدائمة، وعينيك العميقتين، فهل اكتفيت بلغة الرسم تماهيا بشخصيتك الهادئة؟ أعشق الهدوء وطبيعتي الهادئة تجعل مني ناقدة للتفاصيل كافة، لأني أراها بوضوح، وأخزن كل الأحداث والحروف والنظرات وأدونها بلوحاتي.لكن الألوان، الخطوط، الانهيالات في التفاصيل... صراخ داخلي، أليس كذلك؟ليس صراخاً بقدر ما هو ثورة، وهو ما أعتني به بداخلي رغم الابتسامة الواضحة، وآمل أن أرجم هدوئي وكلامي بحروف اللون والخط والفكرة. أعمالي جديرة بترجمة شخصيتي وثوراتي، وتعبر عنها بشكل جيد.الثورات إعلان حرية، فإلى أي أفق تتسع حرية لوحاتك؟لوحاتي حرة بمواضيعها المختلفة وخطوطها وألوانها، وتحلق في سماء اللون دون قيود ومن دون باب يوصد أمامها، وهو ما يدفعها إلى التسلح باللون حيادية أو غموضاً أو إعلاناً للثورات.يحضر الإنسان مهمشاً، مظلوماً في لوحاتك، وتبرز ملامح المرأة من بين الوجوه. كيف تختارين موضوعك في الرسم؟ تعبر لوحاتي بشكل كبير عن معاناة المرأة في مجتمعاتنا على جميع الأصعدة، وتختلف المواضيع باللوحات بحسب الفكرة والحدث، الفنان يعبر عما يراه من أحداث ومواقف من خلال اللون وهكذا كانت تولد اللوحة.هل أبكتك لوحة؟نعم أبكاني بعض لوحاتي أثناء ولادتها، لأنها كانت تخرج بعمق وتعبر ومواضيعها كانت مؤثرة بداخلي. كانت تتشكل بكاء وتنهمر ألوانها بكاء، خصوصاً المتعلقة بالهموم الإنسانية.- ديمة القريني فنانة تشكيلية خريجة {تصميم ديكور مسرحي} وتعمل في متحف الفن الحديث-عضو الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية.-عضو الرابطة الدولية للفنون التشكيلية للفنون – اليونسكو- عضو مسرح الخليج العربي.- شاركت في كثير من المعارض التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية.- شاركت في معرض اليوم العالمي للأمم المتحدة – الكويت.- لها مشاركات خارجية أبرزها: معرض منظمة أوبك في فنزويلا، معرض الأسبوع الثقافي في السودان، معرض وورشة مهرجان أصيلة في المغرب، معرض في برلين، معرض الفن المعاصر في مدريد.فنجان قهوةفي لقاء جمعنا مرة، أشرت إلى سحر القهوة وأثرها في حياتك، كنت كمن يبوح بسر، وكان السر مغايراً عما يذكره الفنانون في علاقتهم بالقهوة، ليتك تحدثيننا عن ذلك.ربما تكون القهوة طقساً من طقوس التأمل قبل العمل الفني أو خلاله، ولعبق رائحتها أثره في تشكيل الفكرة وعزل ما تراكم في يومنا عنه. ولكن علاقتي بها تتجاوز ذلك، وتبتدئ من لحظة محاولة استكشاف التشكلات التي ترسمها بقايا في قعر الفنجان، والتي كنت فيها أقلبه وأتأمله وأحاول قراءته واستكناه أسراره بلا مواربة، وهي حالة عربية بامتياز. فقراءة الفنجان في مجتمعاتنا العربية واستنطاق أسراره رغبة حثيثة، وبما أن حرية التعبير مقيدة عند الإنسان العربي؛ فكل فنجان تعبير فني، وكل لوحة عبارة عن {فنجان مقلوب} يخبرنا بما فيه من أسرار وخفايا سواء كانت اجتماعية أو عاطفية أو سياسية برموز تجريدية وخطوط انسيابية وألوان تحمل مزاج الموضوع بالحزن والفرح.والآن تجربتي الجديدة كانت من خلال الخطوط المتشابكة، وهي تعبر عن الأفكار والاتجاهات والتناقضات في المشاعر والظروف والحياة.