لا أعلم إن كانت زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف للدوحة مقرره أم إنها جاءت بعد ما يسمى «التسريبات» التي قامت بها بعض المجموعات ضد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

Ad

يبدو واضحاً أن أصابع الاتهام تتجه صوب تنظيم «الإخوان المسلمين» بالنظر إلى العلاقة المتوترة مع النظام في مصر، ويبدو واضحاً أيضاً أنه توجد اتهامات، ولو على مضض، بضلوع قناة الجزيرة في صفقة تلك التسريبات!

وبطبيعة الحال تستهدف هذه التسريبات المزعومة عرقلة العلاقات الخليجية (الدول التي أقصدها السعودية والإمارات والكويت والبحرين) مع مصر التي عادت بقوة بعد تسلم النظام الحالي في مصر مقاليد القيادة والحكم.

والحقيقة الواضحة أن العلاقة بين دول الخليج والحكم المصري الحالي أصبحت استراتيجية ومهمة جداً للطرفين، وبشكل تكاملي بين قوة العسكرية المصرية ورأس المال الخليجي، وكلاهما لم يعد له غنى عن الآخر.

ويعلم الجميع بشبه الجمود الذي اعترى العلاقات بين الطرفين بعد صعود الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى سدة الرئاسة، وإبان ما حدث من بعض الملاحظات التي رصدتها الأجهزة الخليجية حول نظام مرسي، وهي ملاحظات تتعلق بالأمن القومي بالدرجة الأولى، حيث جرت بعض الأمور في الإمارات والكويت صنفت على أنها دعم من حزب الإخوان المسلمين في مصر، والكل يذكرها.

والآن، وبعد عودة العلاقات بين الطرفين إلى مستوى كبير من الوئام ومن التعاون الوثيق، ظهرت ما يسمى «تسريبات» التسجيلات المزعومة.

وهي، صدقت، أو لم تصدق (وهو الأقرب)، لم ولن تؤثر على التقدم المطرد للعلاقات بين الجانبين، وحسناً فعل الرئيس السيسي باتصالاته السريعة مع زعماء السعودية والإمارات والكويت والبحرين، وذلك حسبما سمعت، للتحاور حول تلك التسريبات، وشرح موقفه وموقف النظام من مصر حولها.

وواضح أنه حصلت قناعه بسلامة الموقف المصري، وهو ما تدل عليه التصريحات الخليجية التي أثنت على عمق العلاقة مع مصر وثباتها في وجه أي محاولات للعرقلة أو الإعاقة، ثم زيارة الأمير محمد بن نايف للدوحة لاستبيان موقفها حول الأمر، وكانت الدوحة استقبلت الأمير محمد بحفاوة كبيرة، وكانت لقاءاته مع الأشقاء في قطر مثمرة، والدليل تغير لهجة قناة الجزيرة تجاه نفس الموضوع بعد الزيارة.

والآن، وكما قال المثل الخليجي «ردينا على طير يللي!»، إذ بعد الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، لترميم العلاقة بين مصر وقطر، وبعد التقدم الكبير الذي جرى خصوصاً عندما التقى السيسي في القاهرة مبعوث أمير قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بصحبة خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السعودي السابق، والتطور الذي جرى بعد هذا اللقاء بإقفال قناة «الجزيرة مصر»، فوجئ الجميع بقناة الجزيرة تعود إلى نهجها السابق ضد النظام الحالي في مصر ببثها وتأكيدها صحة التسريبات!

وعلى دول مجلس التعاون الآن وسريعاً الالتفات نحو ما جرى وأخذه بجدية، فالوقت كالسيف، وإن تلكأت في ترميم العلاقة المصرية القطرية من جديد فقد تحدث مشاكل وتباينات لدول الخليج، الجميع في غنى عنها.

ووجود الملك سلمان بن عبدالعزيز كملك جديد للمملكة السعودية الشقيقة سيكون عامل دعم كبير مع أخيه سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، إلى جانب القيادتين الإماراتية والبحرينية.

أخيراً، على دول مجلس التعاون النظر بجدية ووأد أي محاولة لتعكير صفو العلاقة مع مصر، إذ إن الموضوع هو موضوع أمن قومي، وليس أمراً عادياً، وإن كان للدوحة ملاحظات معينة، فليكن حلها ضمن منظومة مجلس التعاون لا التغريد خارجه.