إسرائيل ونظرية المؤامرة!

نشر في 17-10-2014
آخر تحديث 17-10-2014 | 00:01
إسرائيل المستفيد الأول والأخير من الحالة الكارثية التي يعيشها العرب، ليس من حيث إنها آمنة ومحصنة سياسياً وشرعياً من الجهاد والمقاومة، بل أيضاً من حيث إنها باتت جزءاً من قواعد اللعبة الإقليمية وتكتيكاتها وأدواتها، فمنطقة الشرق الأوسط تشهد حروباً مستعرة شرق إسرائيل وغربها، شمالها وجنوبها، دون أن تخترقها رصاصة واحدة.
 د. حسن عبدالله جوهر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون يصرّح بأنه لم يعد سراً أن إسرائيل تقدم مختلف أنواع الدعم للمعارضة "المعتدلة" السورية، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو يعلن في مؤتمر صحافي عام وجود أصدقاء عرب جدد، من غير الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، قد تم التنسيق معهم أثناء العدوان الأخير على غزة، ووزير الصحة اليهودي يزور جرحى جبهة النصرة وعصابات "داعش" الذين يتم علاجهم في المستشفيات الإسرائيلية، وحكومة تل أبيب طوت صحفة الخلاف مع حكومة أوردغان التركية على خلفية مداهمة السفينة "مرمرة" وقتل ركابها، وبدأت من جديد موجات الهجرة العربية من اليهود شمال إفريقيا والصومال واليمن لأرض الميعاد، والأردن يلغي عبارات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في مناهجه الدراسية، وفقهاء "داعش" وغيرهم من الجماعات الدينية المسلحة ينفون وجود أي أدلة شرعية على الجهاد من أجل فلسطين أو حمل السلاح في وجه إسرائيل.

 هذه مجموعة من التطورات الجديدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في حين تتقاتل الشعوب العربية والمسلمة مع بعضها بكل شراسة، ومن لا يقاتل بالبنادق والسيوف والخناجر يتناحر خلف شاشات الفضائيات وأجهزة الحاسوب والهواتف النقالة.

المستفيد الأول والأخير من هذه الحالة الكارثية هو بالطبع إسرائيل، ليس من حيث إنها آمنة ومحصنة سياسياً وشرعياً من الجهاد والمقاومة، بل أيضاً من حيث إنها باتت جزءاً من قواعد اللعبة الإقليمية وتكتيكاتها وأدواتها، فمنطقة الشرق الأوسط تشهد حروباً مستعرة شرق إسرائيل وغربها، شمالها وجنوبها، دون أن تخترقها رصاصة واحدة، فكيف كان هذا التحول؟ وأين ذهبت أدبيات العرب وقرارات القمم والمؤتمرات؟ وأحلام الزعماء الجهابذة في مسح هذا الكيان الغاصب وإلقائه في البحر أين تبخرت؟

هذه ليست دعوة إلى تجهيز الجيوش العربية أو إعلان النفير العام أو إصدار فتاوى الجهاد لتحرير فلسطين، فالعرب برموزهم ومشايخهم وأحزابهم الدينية وأموالهم وثرواتهم كانوا كالدمى، وأصيبوا بكل أمراض الجبن وضعف مناعة الغيرة والحياء طوال العدوان الأخير على شعب غزة لمدة شهرين متتاليين معظمها كان خلال شهر رمضان، وقد يكون التفسير السياسي وحتى انغماسهم في ذبح بعضهم ورقة التوت لتغطية عورتهم، ولكن أن تتحول إسرائيل إلى أداة وإلى حليف وإلى صديق في إذكاء هذا الخزي فهذا ليس له تفسير، ولعن الله نظرية المؤامرة التي نتهم دائماً بأننا نؤمن بها لتفسير ما ليس له تفسير، فقد قالها شمعون بيريز بأن إسرائيل لا تنعم بالأمن إلا عندما يقتل العرب بعضهم!

back to top