إنها بحق كارثة! كارثة عقائدية وتربوية وأخلاقية! بهذة الكلمات عبر المحرر خورشيد حرفوش، بصحيفة "الاتحاد الإماراتية" عن ردة الفعل التلقائية لـ٧٦% من النخب الإعلامية والثقافية والتربوية والفنية والدينية، بعد أن اطلعوا على نتائج استطلاع أجرته صحيفة "الاتحاد" للكشف عن حقيقة "الصور الذهنية للإسلام في عقول الأطفال" عبر ثلاثة اتجاهات:

Ad

الاتجاه الأول: عينة عشوائية (١٥٠) طفلا، أعمارهم بين ٦ و١٢ عاماً من الجنسين، من ١٥ جنسية عربية، طلب منهم التعبير الحر بالرسم ومن دون تدخل أو إيعاز: كيف يرون الإسلام والمسلمين وكيف يعبرون عنهما بالرسم؟ الاتجاه الثاني: شريحة عشوائية (١٢٥) أبا وأما، طلب منهم الإجابة عن أسئلة محددة: هل يشاهد طفلك الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي وما تنقل من أحداث عنف وقتل من حولنا؟ وهل حاولت منعه من المشاهدة؟ وهل سألت طفلك: لماذا يقتل المسلمون بعضهم بعضا؟ وهل تحاول الإجابة أم الهروب منها أم لا تعرف بماذا تجيب؟ وهل تستشعر أن صورة الإسلام الحنيف أصبحت مشوهة في ذهن طفلك؟

 الاتجاه الثالث: عينة من (٢٥) معلمة في التعليم الأساسي طلب منهن الإجابة عن سؤالين: هل سبق أن سألك أحد الأطفال توضيحا لما يراه من مشاهد القتل والذبح والعنف والدمار التي يراها في التلفاز: لماذ يقتل المسلمون بعضهم بعضا؟ وكيف كانت الإجابة؟ وهل تحاولين الهروب من الإجابة أم تحتارين؟!

 نتائج هذا الاستطلاع، قُرئت من (٥٠) شخصية إعلامية وثقافية وتربوية ونفسية ودينية لتعم النتائج، وشكلت صدمة كبيرة لهم، وخصوصا تجاه "محتوى الرسوم" التي رسمها الأطفال (٨٣ رسمة) لمشاهد انفجارات وقتل وعنف وإعدام ودمار وبنسبة ٥٦%، فقد اتضح أن الأطفال، على الرغم من صغر سنهم، متابعون لكل ما يجري حولهم من أحداث سياسية، ويتأثرون بموجة العنف والإرهاب التي تجتاح المنطقة والعالم عبر وسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا التلفاز وشبكات التواصل الاجتماعي.

 لقد عبرت الرسوم بوضوح عن حالات التناقض والانفصام النفسيين التي يعيشها أطفالنا، بين ما يسمعونه ويتعلمونه من الأسرة والمدرسة والمجتمع عن سماحة الإسلام وقيمه ومبادئه الأخلاقية والإنسانية! وما يرونه من جرائم ترتكب على الأرض باسم الدين! كما اتضح أن كثيرا من الآباء والأمهات يتركون أطفالهم يشاهدون التلفاز، ويستخدمون الإنترنت والهواتف بدون ضوابط بحجة أنهم لا يستوعبون ما يشاهدونه، كما بينت القراءات أن الأطفال قد تكونت لديهم "صور ذهنية مسيئة عن الإسلام والمسلمين" نتيجة للصدمة النفسية التي سببتها المشاهد الدامية، ومن ثم انعكس سلبا على سلوكياتهم وتصرفاتهم في هيئة اضطرابات النوم، والكوابيس، واضطرابات نفسية وسلوكية تتمثل بالخوف والهلع والقلق والتبول اللاإرادي، واضطرابات الكلام وسوء التوافق والتأخر الدراسي، مما يستلزم التدخل العلاجي والنفسي لمحو تأثير تلك الصور الذهنية السلبية.

 كما أظهرت الدراسة أن نشأة الطفل في مثل هذه الأجواء الملبدة بالتناقضات مع غياب الحوار الأسري والإرشاد والتوعية المدرسية، شكل لدى الأطفال انطباعات واتجاهات سلبية عن الدين والأخلاق والقيم، إلا أنه مجرد ممارسات للعنف!

وتنتهي الدراسة إلى أننا جميعا مسؤولون: الدولة والمجتمع، وأنه لا مفر من مراجعة المسؤولية الإعلامية لوسائل الإعلام، والمسؤولية التربوية للمدارس، والمسؤولية الاجتماعية للأسرة، والمسؤولية الدينية والأخلاقية لكل مؤسسات المجتمع المعنية وأجهزته دون استثناء.

وبعد، فإن مثل هذا الاستطلاع، الخطير في نتائجه، يجب ألا يمر مرور الكرام، والمطلوب من الكتّاب والإعلاميين وكل المعنيين بشؤون أطفالنا أن يتناولوا بالبحث والدراسة، ومن ثم عمل استطلاعات أكبر على المستوى الخليجي والعربي، وعقد مؤتمرات وورش عمل حولها، أطفالنا ضحايا تصرفاتنا وأوضاعنا المتردية، ما ذنبهم أن شوهنا صورة ديننا في عقولهم؟ وما ذنبهم أن زرعنا الخوف والقلق في نفوسهم؟ وما ذنبهم أن جعلنا المستقبل سوداويا أمامهم؟ أطفال العالم يستمتعون بأعياد رأس السنة، وكلهم أمل في مستقبل أفضل، ونحن نترك أطفالنا نهبا لمشاهد العنف والقتل والترويع! وطالبان باكستان ترتكب مجزرة مروعة ضد مدرسة أطفال في بيشاور، و"داعش" يربي الأطفال على العنف والدم وقطع الرؤوس وحمل السلاح! "داعش" ينشر صورا وأشرطة لمقاتليه يلعبون كرة القدم برؤوس ضحايا مدنيين وهم في سعادة بالغة!! أنقذوا أطفالنا واحموهم، وأدركوهم قبل أن يخطفهم "داعش"!

* كاتب قطري