مجلس الاحتياطي الفدرالي... رهان على مربع الفشل
منذ ديسمبر 2008 أخفق مجلس الاحتياطي الفدرالي في هدفيه الرئيسيين؛ الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار، ولم تصل معدلات البطالة في أي مرحلة إلى نقطة قريبة من تقديراته للوظائف التامة، كما أن مقياسه المفضل للتضخم كان طوال معظم السنوات الست الماضية إما أدنى أو أدنى كثيراً من معدل الـ2 في المئة للنمو السنوي الذي يستهدفه المجلس.
أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفدرالية ليسوا مغرمين، على نحو مفرط، بالتورط في معدل فائدة الصفر أو "زد إل بي". ومنذ ديسمبر 2008 استقرت رافعة مجلس الاحتياط الفدرالي المفضلة في السياسة، معدل الأموال الفدرالية، بين صفر و0.25 في المئة؛ وهو بصورة فعالة المستوى الأدنى الممكن، نظراً لأن عوائد الصفر على المبالغ النقدية تعني أن البنك المركزي لا يستطيع بشكل فعال وضع معدلات فائدة سلبية. وكانت عملية صنع السياسة منذ ذلك الوقت عبارة عن فوضى نقدية. وسواء أكان ذلك مبرراً في نظرهم أم لا، فإن أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي اعتبروا السياسة غير التقليدية، مثل شراء الأصول أو الوعد بإبقاء معدلات الفائدة متدنية فتراتٍ طويلة من الزمن، أكثر خطورة من سياسة معدلات الفائدة العادية. وتخشى لجنة السوق المفتوحة الفدرالية أن تفضي السياستان إلى اقتراض متهور وتشويه الأسواق. وكان العائق أمام التيسير عبر سياسة غير تقليدية أعلى، كما كان الركود والتعافي أكثر إيلاماً نتيجة لذلك.
أهداف لم تتحققوسوف أضع الأشياء بصورة أكثر صراحة ووضوحاً. يتعين على حكام المصارف المركزية أن ينفروا من "زد إل بي" سواء أكانت السياسة المتعلقة بها سترفع عدم الاستقرار المالي أم لا، لأن البنك المركزي ببساطة لا يستطيع القيام بعمله عندما يكون معدل الفائدة الرئيسي عند درجة الصفر. ومنذ ديسمبر من سنة 2008 أخفق مجلس الاحتياطي الفدرالي بشدة في هدفيه الرئيسيين: الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار. ولم تصل معدلات البطالة في أي مرحلة إلى نقطة قريبة من تقديرات مجلس الاحتياطي الفدرالي للوظائف التامة. كما أن مقياس المجلس المفضل للتضخم كان طوال معظم السنوات الست الماضية إما أدنى أو أدنى كثيراً من معدل الـ2 في المئة للنمو السنوي الذي يستهدفه المجلس. وفي عالم "زد إل بي" لا يستطيع مجلس الاحتياطي الفدرالي القيام بعمله – وهذه مشكلة خطيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي ومجلس الاحتياطي. وقد تكون أخطر المشاكل التي يتعرض لها هذا المجلس.والسؤال هو: ما سبب تصميم مجلس الاحتياطي الفدرالي على العودة إلى "زد إل بي" في المستقبل، على افتراض تخليه عن ذلك في المقام الأول؟التصورات الاقتصاديةفي أحدث التوقعات الاقتصادية التي صدرت عن لجنة السوق المفتوحة الفدرالية كان متوسط الأجل الطويل لمعدلات الأموال الفدرالية 3.75 في المئة – وذلك وفقاً لما يدعى خطة النقاط التي يقترح كل عضو في تلك اللجنة أن تتجاهلها الأسواق (ويعمدون إلى تضمينها على الرغم من ذلك) ولكن حتى إذا افترضنا أن أعلى نقطة هي لجانيت يلين التي ستمارس بحلول سنة 2017 سيطرة دكتاتورية على مجلس الاحتياطي الفدرالي، فإن ذلك سيرفع معدلات الأموال الفدرالية الى 4.25 في المئة، كما أن الأسواق تراهن على أن المعدلات ستستقر حول ذلك المستوى.لكن هذا ليس جيداً على الإطلاق. وقد ارتفعت معدلات الأموال الفدرالية إلى 5.25 في المئة قبل الركود الكبير ثم هبطت على الرغم من ذلك إلى "زد إل بي". وكان ركود سنة 2001 أكثر اعتدالاً إلى حد كبير، وعلى الرغم من ذلك فإن مجلس الاحتياطي وبغية محاربة ذلك الركود عمد إلى خفض معدلات الفائدة من 6.5 في المئة إلى 1 في المئة، وشعر أنه من الضروري إبقاء تلك المعدلات عند ذلك المستوى لبعض الوقت. يوجد الكثير من الشك إزاء كمية الاحتياطي التي يتعين على المرء بلوغها بين معدلات الأموال الفدرالية وبين "زد إل بي"، ولكن بوسعنا أن نستخلص أن حوالي 4 نقاط مئوية ليست كافية. لماذا سيكون مستوى الأجل الطويل بطيء الوتيرة؟ يوجد عاملان يسهمان في ذلك الوضع: الأول هو أن المعدلات الحقيقية بعد التضخم والتي توازن بين العرض والطلب في الاقتصاد أدنى مما كانت عليه في العادة، وذلك بسبب تباطؤ التوقعات المتعلقة بالنمو الطويل الأجل، أو نتيجة عوامل هيكلية تسهم في تحقيق توفير زائد، وربما مسألة أخرى مختلفة بصورة تامة، ولكن بالنسبة إلى أي معدلات حقيقية، فإن المعدل الاسمي، وهو الذي يحدده مجلس الاحتياطي في الواقع، يمكن أن يكون عالياً بشكل كيفي ببساطة من خلال تغيير معدل الأجل الطويل للتضخم الذي يستهدفه البنك المركزي.اختيار معدلات التضخملذا يتعين علينا أن نتحدث بوضوح حول هذا الجانب. بوسع البنك المركزي اختيار معدلات التضخم التي يريدها للاقتصاد، ومن خلال ذلك يستطيع رفع معدلات الأموال الفدرالية، وبالتالي لا يوجد سبب كي يعلق مجلس الاحتياطي الفدرالي في معدلات فائدة متدنية جداً للتوظيف التام. وقد يتمكن المرء من المجادلة في أن البنوك المركزية تكافح من أجل السيطرة على التضخم عندما تعلق في "زد إل بي"، ولكن تصعب المجادلة ضد ذلك المسار نظراً إلى فشل مجلس الاحتياطي المستمر في تحقيق أهدافه خلال السنوات الست الماضية.ولذلك فإن السعي إلى السيطرة على التضخم يتطلب تحقيق المجلس لتفويضه وتعزيز صدقيته من خلال الابتعاد عن "زد إل بي"، وعلى سبيل المثال عبر تأجيل أي خطوة تتعلق بخفض التسوية النقدية بينما يتعزز النمو وذلك إلى أن يبلغ التضخم المستوى المرغوب. ولكن إذا عدنا إلى تصورات مجلس الاحتياطي الاقتصادية فسنشهد أن لجنة السوق المفتوحة الفدرالية كانت تخطط لزيادة معدلاتها بصورة ثابتة خلال السنوات الثلاث الماضية على الرغم من حقيقة أن التوقعات تشير إلى بقائها دون 2 في المئة طوال تلك الفترة.ومجلس الاحتياطي، الذي يحتاج بشدة إلى مزيد من التضخم بغية رفع معدلات الأموال الفدرالية في الأجل الطويل كي يتمكن من القيام بعمله، قد خطط، علانية وبشكل متعمد، لرفع معدلات الفائدة بطريقة يظل فيها مقياسه المفضل للتضخم عند 2 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة.ومن جديد فإن مجلس الاحتياط الفدرالي سيتعمد الإخفاق في هدفه المتعلق بالتضخم خلال الأعوام الثلاثة المشار إليها، وبذلك سيتمكن من ضمان عودته إلى "زد إل بي" أثناء الانكماش التالي واستمراره في هذا النهج إزاء هدف التضخم مع إضاعة هدف التوظيف الأقصى. وليس بوسع المرء التأكد تماماً من السبب وراء ذلك، ولكنني أظن أنه يريد القيام بهذا العمل لأنه يخشى التشكيك في صدقيته بسبب تحديد هدف أعلى للتضخم.لائحة أسباب طويلةوتوجد لائحة طويلة حول الأسباب التي تدفع إلى الظن بأن تشديد السياسة النقدية بسرعة كبيرة أكثر خطورة من القيام بها بشكل بطيء: ثمة أدلة قوية على حدوث تباطؤ كبير في أسواق العمل بالولايات المتحدة والخارج، ولا توجد ضغوط مضادة للتضخم من جانب أوروبا والأسواق الناشئة، كما يبدو أن عدد الهزات المحتملة على الصعيد الجيوسياسي يزداد كل يوم. ويبدو كذلك أن لجنة السوق المفتوحة الفدرالية تعيش في عالم مختلف بصورة تامة.