بعد جدل طويل تخللته اتهامات متبادلة بين أنقرة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، تحركت طلائع قوات البيشمركة العراقية باتجاه مدينة كوباني في محاولة لدعم صمود مقاتلي «وحدات حماية الشعب» في مواجهة الهجوم الضاري لتنظيم «داعش».

Ad

وسط ترقب لمعركة حاسمة في شمال سورية، غادرت آليات عسكرية تابعة لقوات البيشمركة الكردية أمس قاعدتها العسكرية في شمال العراق متوجهة إلى تركيا، تمهيدا للعبور الى مدينة كوباني التي تتعرض منذ أكثر من 6 أسابيع لهجوم دامٍ من «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش).

وأكد ضابطان من البيشمركة أن القوات التي غادرت قاعدتها شرق مدينة أربيل، ستتجه براً إلى الاراضي التركية. وأوضح أحدهما أن «40 مركبة تحمل رشاشات وأسلحة ومدافع، مع 80 من قوات البيشمركة، ستتجه براً الى دهوك (المحافظة الحدودية مع تركيا في شمال العراق)، وستعبر اليوم» إلى داخل الاراضي التركية، على أن «ينتقل 72 آخرون عن طريق الجو في وقت مبكر من فجر الأربعاء».

وعلى الفور، أكد وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو أنه «من الآن ليست هناك مشكلة سياسية لعبورهم (الحدود إلى كوباني). يستطيعون العبور في أي لحظة».

«درون داعش»

في المقابل، وفي محاولة استعراضية لإثبات سيطرته على الجزء الأكبر من كوباني، نشر «داعش» مساء أمس الأول شريطاً مصوراً يظهر تحليق طائرة بدون طيار فوق المدينة وشرحاً لما يحدث على الأرض يقدمه المصور البريطاني جون كانتلي المحتجز لدى التنظيم المتطرف.

ويتضمن الشريط مشاهد لكوباني من الجو، قال التنظيم إن «طائرة مسيرة لجيش الدولة الإسلامية» هي التي التقطتها. وفي هذه المشاهد بدت شوارع كاملة من المدينة مدمرة.

كما تظهر في الفيديو صوامع حبوب يعلوها علم تركي في محاولة من التنظيم لتأكيد أن موقع التصوير هو كوباني، وأن الجهة المقابلة من الحدود هي أراض تركية.

في الشريط المصور، الذي تبلغ مدته 5.5 دقائق، يدلي جون كانتلي برسالة تؤكد أن «المجاهدين» لم يتراجعوا في المناطق التي سيطروا عليها في كوباني بضغط من الضربات الجوية للولايات المتحدة وحلفائها، بل العكس هو الصحيح.

وأوضح الرهينة البريطاني، الذي سبق له أن ظهر في أشرطة اخرى للتنظيم المتطرف، أن الجهاديين ما زالوا يسيطرون على الاحياء الشرقية والجنوبية من كوباني.

معلومات وظهور

وليس في الفيديو أي مؤشر إلى زمان تصويره، لكن كانتلي يتحدث فيه عن معلومات نشرتها هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) في 17 أكتوبر الجاري، وينقل أيضاً تصريحات أوردها المتحدث باسم «البنتاغون» جون كيربي في 16 منه.

وكانتلي مصور صحافي حر تعاون مع الصنداي تايمز والصنداي تلغراف ووكالة فرانس برس وغيرها من وسائل الاعلام، وقد خطف في نوفمبر 2012 مع زميله جيمس فولي الذي قطع رأسه لاحقاً جهاديو الدولة، كما قطعوا رأس صحافي أميركي آخر هو ستيفن سوتلوف، وكذلك رأس موظف إغاثة بريطاني هو ديفيد هينز.

وبعد اختفاء استمر قرابة عامين، ظهر كانتلي في 18 سبتمبر مرتدياً زياً برتقالي اللون في شريط فيديو بثه التنظيم الذي أكد أنه يحتجزه.

البوابة الحدودية

وعلى الأرض، عززت تركيا إجراءات الأمن على حدودها مع سورية أمس غداة محاولة مقاتلي «داعش» السيطرة على البوابة الحدودية بين كوباني ومدينة مورستبينار التركية وهي الطريق الرسمي الوحيد للمقاتلين الأكراد وخسارتها ستكون ضربة كبيرة لهم وللمدنيين المتبقين في المدينة.

في هذه الأثناء، هز انفجاران شديدان المنطقة الحدودية أمس مع شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مزيداً من الضربات الجوية على مقاتلي التنظيم.

لا نظام ولا أكراد

وكرر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو القول أمس إن بلاده تأمل أن تسيطر المعارضة السورية المعتدلة على كوباني بدلاً من النظام السوري أو الأكراد.

وقال داود أوغلو، لتلفزيون بي بي سي، إن على الولايات المتحدة «أن تجهز وتدرب الجيش السوري الحر، بحيث لا يحل النظام (السوري) محل تنظيم الدولة الاسلامية اذا ما انسحب من (كوباني) ولا يحل إرهابيو حزب العمال الكردستاني (التمرد الكردي في تركيا) محله».

وشدد رئيس الحكومة التركية على أن «المجازر ستتواصل إذا ما قضي على الدولة الاسلامية»، مشدداً مرة جديدة على أن بلاده «ستساعد كل قوة وكل تحالف من خلال قواعدها العسكرية أو أي وسيلة أخرى إذا توصلنا إلى اتفاق على قيام سورية جديدة تعددية وديمقراطية وعلى ضرورة قتال الدولة الإسلامية والنظام السوري».

وعود أميركية

بدوره، أكد رئيس ائتلاف المعارضة هادي البحرة، لصحيفة «عكاظ» السعودية عدم تسلم «أي سلاح من الادارة الاميركية»، مؤكداً أنها «مجرد وعود لكن الكونغرس اعتمد تدريب الجيش الحر، ولكن البرنامج التدريبي سيأخذ وقتا طويلا»، مطالباً «قوات التحالف الدولية بالتنسيق مع القوى العسكرية مع عمليات الجيش الحر على الارض السورية لكي يتمكن التحالف من تحقيق اهدافه».

وشدد البحرة على أنه «بدون التنسيق مع الجيش الحر ستكون العمليات ناقصة»، مشيرا الى ان «من اولوياته توحيد القيادة المركزية للجيش تحت مظلة واحدة تنضوي تحت لوائها جميع الكتائب»، لافتاً الى أن «من الاسباب الجوهرية لعدم نجاح الجيش الحر في حربه ضد النظام الاسدي هو وصول العتاد العسكري مباشرة للكتائب دون الرجوع أو التنسيق مع القيادة المركزية».

تقدم «النصرة»

في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بأن جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في بلاد الشام) تمكنت من السيطرة على سبع قرى وبلدات بجبل الزاوية في محافظة إدلب هي «بليون وكنصفرة وابلين وابديتا ومشون ومغارة وشنان».

وبحسب المرصد، فإن الاشتباكات العنيفة التي تجددت صباح أمس بين مقاتلي جبهة النصرة وتنظيم جند الأقصى ضد جبهة ثوار سورية في بلدة البارة بريف إدلب، «أسفرت عن مقتل عدد من مقاتلي الطرفين، وانتهت بسيطرة النصرة على مقرات الجبهة بقيادة جمال معروف في معرة النعمان».

(دمشق، أنقرة، واشنطن -

أ ف ب، رويترز، د ب أ)