كشف وزير النفط ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الدكتور علي العمير عن تقدير الانفاق الرأسمالي على الصناعة النفطية بنحو 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة تحقيقاً للتوجهات الاستراتيجية للقطاع النفطي.

Ad

وقال العمير في كلمته في افتتاح منتدى استراتيجيات الهيدروكربونات الأول اليوم أنه على الرغم من ضعف متوسط أسعار النفط الخام فانه يمكن الاستفادة من أجواء هذه الأزمات واستبدالها بأجواء أكثر تفاؤلاً وايجابية وتسخير الجهود لضمان الخير لشعوبنا وصناعتنا.

ولفت إلى أن هناك تحديات كبيرة تشمل سلسلة أنشطة صناعة النفط والغاز من نشاط الانتاج إلى ايصال المواد الهيدروكربونية للزبائن في مختلف الأسواق التي بدأت تشهد تقلصاً مع بداية انكماش الطلب في بعضها وتباطؤ معدل تنامي الطلب في الأسواق الواعدة وارتفاع وتيرة التنافس في ضوء وفرة في المعروض.

وأوضح أن أسعار النفط اصبحت تعاني من التقلبات والتذبذبات والتدني بدلاً من الاستقرار النسبي الذي شهدناه خلال السنوات السابقة وأثمر نقلة نوعية في مجال التقدم التكنولوجي، مبيناً بأن الأجواء الحالية تؤكد حقيقة واحدة هي أهمية التعاون الهادف على كل المستويات لضمان استقرار الأسواق وأمن الطاقة ونقل التكنولوجيا سواء بين الحكومات أو الشركات النفطية الوطنية والعالمية ومراكز البحث والتطوير.

وذكر أنه على الرغم من أجواء تراجع أسعار النفط في السوق "فإننا في الكويت مصممون على تسريع انجاز المشاريع النفطية الكبرى تماشياً مع التوجهات الاستراتيجية لمؤسسة البترول لأن ذلك يعتبر ايفاء للمسؤولية التي تقع على عاتقنا أمام وطننا وأمام المجتمع الدولي لاستيعاب احتياجات الطلب وضمان أمن الطاقة بصفة عامة".

وأضاف "إننا نؤمن بأن التوسع في صناعة البتروكيماويات داخل وخارج الكويت لتحقيق التكامل مع صناعة التكرير يضمن استقراراً في الايرادات والاستفادة القصوى من انتاج النفط الخام البترولية بشكل يساعد في التخفيف من تأثير تقلبات الأسعار".

وقال العمير أن القطاع النفطي يعتبر رافداً مهماً لفتح مجالات العمل للشباب الكويتي وفتح فرص عمل لدخول القطاع الخاص الكويتي في بعض المشاريع "إذ ننظر بكل الفخر والاعتزاز لهذه الجهود المخلصة التي تبذل لتعزيز الصناعة البتروكيماوية".

وأفاد بأن تلك الصناعة من أهم الصناعات الواعدة في السنوات المقبلة لأهميتها كمواد أساسية في الصناعات التنموية والاستهلاكية المتعددة كالسيارات والمعدات الطبية والإطارات والمنتجات البلاستيكية وغيرها من الصناعات مضيفاً أننا "نعتبرها عوناً لتحقيق طموحاتنا وطموحات الشعب الكويتي محلياً واقليمياً وعالمياً".

وأوضح أن الركيزة الأساسية لنجاح خطط المستقبل تتمثل في أمرين هما الاستفادة من الخبرات والتقنيات التي تمتلكها الشركات النفطية العالمية علاوة على استقطاب العناصر الوطنية وتنميتها وتطوير مهاراتها ورفع انتاجيتها.

خلاف

من ناحيته، قال وزير الطاقة في سلطنة عمان محمد الرمحي أن المصلحة كانت تفرض فلسفة تأسيس المنظمات ومنها "أوبك" مؤكداً على أن الوضع حالياً تغير "وأصبحنا نضر أنفسنا".

وأضاف الرمحي أن من المؤكد عدم وجود محاولة من داخل أوبك أو حتى من خارجها لتخفيض الانتاج، لافتاً إلى احتمال وجود خلاف بين أعضائها حول تلك النقطة.

وعن تأثر خطط الانتاج في سلطنة عمان أكد على أن السلطنة تستطيع الصمود أمام انخفاض الأسعار في العام الجاري 2015 أما في حال استمرار انخفاض الأسعار لسنوات مقبلة فتتأثر السطلنة والعديد من الدول ومن ثم سيقومون بتغيير خطط الانتاج.

أوائل الدول

من جهته، قال وزير النفط العراقي عادل مهدي أن العراق كانت من أوائل الدول التي أنتجت النفط منذ القرن الماضي ولديها ثروات نفطية كبيرة موضحاً بأنه يتم استثمار هذه الثروة وفق خطة تطويرية بالتعاون مع العديد من الشركات والمؤسسات العالمية.

وأشار إلى أنه من المأمول أن يبقى العراق في قائمة الدول الأخيرة التي سيعتمد عليها العالم في تزويده بمصدرين على الاأقل للطاقة هما النفط والغاز، موضحاً بأن العراق يفكر كغيرة في تطوير مصادر أخرى للطاقة الجديدة والمتجددة.

وحول رؤيته للحاضر والمستقبل في ضوء انخفاض أسعار النفط، قال مهدي أن هناك بعض الوقائع لا بد من وضعها في الحسبان وهناك حقيقة كبيرة أساسية طالما يتم تجاهلها وهي أن مصادر الوقود الأحفوري كالنفط والغاز والفحم تحتل الجزء الأعظم من الطاقة العالمية وتمثل أكثر من 80 في المئة من مجمل استخدام الطاقة في حين تمثل بقية المصادر الأخرى مثل الطاقة الشمسية والنووية وغيرها أقل من 20 في المئة.

وأوضح أنه وفقاً للإحصاءات فإن النفط يمثل نحو 33 في من إجمالي الطاقة في العالم والفحم 26 في والغاز 22 في المئة فيما تمثل بقية مصادر الطاقة أقل من 20 في المئة، مشيراً إلى أن الوقود الأحفوري أفضل من عدد آخر من مصادر الطاقة منها الطاقة النووية التي تسببت في كوارث كبرى وهو ما جعل عدداً كبيراً من الدول يندفع نحو الطاقة النووية.

وعدد الوزير العراقي عوامل أهمية الوقود الأحفوري اقتصادياً وبيئياً، مشيراً إلى أنه سيستمر المصدر الأساسي للطاقة في السنوات المقبلة وفقاً لإحصاءات متعددة ومتعمقة على خلاف ما تصوره وسائل الإعلام بأن الطاقة المتجددة أخذت مكانة النفط والغاز والفحم.

وأضاف بأن من الحقائق الأخرى إن الطلب على النفط والغاز في ازدياد وبناء على التقديرات المستقبلية فإن الطلب على النفط سيستمر بمعدل زيادة قدره 1.5 في المئة سنوياً، مشيراً إلى أن الطلب سيصل إلى نحو 110 ملايين برميل يومياً عام 2025.

وأشار إلى أن قطاع الشحن والنقل سيلعب دوراً مهماً في الاستهلاك، لافتاً إلى أن من المتوقع أن تتضاعف ملكية السيارات في الصين إلى خمسة أضعاف خلال الفترة من 210 إلى 2025.

وحول أسعار النفط قال أن التوقعات الاقتصادية علم معقد وغالباً ما تأتي النتائج مخالفة للإغلبية حيث أن عوامل الاقتصاد متداخلة داعياً إلى أخذ الأمور المستقبلية بالحيطة وعدم الاندفاع.

احتياطيات هائلة

من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي في مؤسسة البترول الكويتية نزار العدساني أهمية دور الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز التي يمتلكها الخليج العربي في تشجيع تجارة هذين الموردين بين المنتجين والمستوردين وضرورة تعزيز دور المنطقة لتكون مركزاً تجارياً للهيدروكربونات.

وقال العدساني بأن هذه الاحتياطيات ليست متوفرة لأي منطقة في العالم، مضيفاً بأن مسؤولية المنتجين الرئيسيين تتمثل في ضمان قنوات آمنة لايصال الهيدروكربونات إلى الأسواق المختلفة وهذا لا يقتصر فقط على النقل بواسطة الناقلات العملاقة لكن يتعدى ذلك إلى النقل عن طريق الأنابيب وتطوير موانئ الخليج العربي.

وذكر أن بلدان الخليج نجحت في بناء فوائض مالية ضخمة خلال السنوات الماضية مستفيدة من أسعار النفط المرتفعة مضيفاً بأنه بالرغم من الأوضاع المالية المريحة لدول الخليج العربي فإن دول المنطقة تحرص على تشجيع الاستثمار الأجنبي كوسيلة لتحقيق التوسع الاقتصادي والتوزيع في مصادر الاقتصاد بما يخفف الاعتماد على النفط والغاز نسبياً وبالتالي الاستفادة من نقل التكنولوجيا والخبرات التي تملكها الشركات العالمية.

وأضاف أن التغيرات التي طرأت على أنماط تجارة الخليج العربي من النفط والغاز في أسواق العالم تعزز فرص اقامة شراكات استراتيجية في الأسواق الآسيوية الواعدة.

وأشار العدساني إلى أن الاقتصاد العالمي تعرض لعدة متغيرات خلال العقود الماضية لعل أبرزها تنامي الصين والهند كقوى اقتصادية جديدة وتزامن هذا النمو مع ارتفاع المعروض من الإمدادات النفطية خصوصاً من النفط الصخري وهو ما دفع المنتجين في دول الخليج إلى التركيز على الأسواق الآسيوية الواعدة.

وقال العدساني بأن ثمة آفاقاً كبيرة لتحقيق التكامل والترابط الاستراتيجي بين دول الخليج العربي والدول الآسيوية الواعدة من خلال تصدير النفط الخام والمنتجات البترولية واستيراد المواد الأخرى التي تشمل التقنيات والأجهزة والمعدات بأنواعها.

ولفت إلى أن عام 2014 شهد العديد من المتغيرات التي ستبقى آثارها ماثلة على صناعة النفط والغاز لسنوات مقبلة وتعلن عن بداية فترة جديدة حيث بقاء أسعار النفط دون المئة دولار للبرميل.

وأضاف أن أسعار خامات برنت شهدت ضعفاً كبيراً حيث انخفضت من متوسط 111 دولاراً للبرميل خلال شهر يونيو الماضي إلى 48 دولاراً وهو ما يعني هبوطاً بواقع 63 دولاراً للبرميل كما تقلصت الفوارق بين نفطي خام الإشارة برنت وغرب تكساس الوسيط الأمريكي من 13 دولاراً للبرميل خلال شهر يناير 2014 إلى 30 سنتاً للبرميل خلال شهر يناير 2015.

وذكر أن ضعف أداء الاقتصاد العالمي باستثناء الاقتصاد الأمريكي أثر سلباً على معدل تنامي الطلب العالمي على النفط وإلى اعتدال معدل تنامي الطلب العالمي على النفط، مشيراً إلى أن مصافي النفط الجديدة التي تمت إضافتها إلى السوق خلال عامي 2014 و2015 أحدثت أثراً كبيراً في مسار توجهات الأسواق النفطية وزيادة المعروض من المنتجات النفطية لا سيما المتوسطة منها.

وقال أن تطوير النفط الصخري والنفط الرملي الكندي ساعد على تعزيز المعروض من النفط في الأسواق وكذلك التواجد الأمريكي في السوق لا سيما كمصدر رئيسي للمنتجات البترولية التي تصدر إلى أسواق أمريكا اللاتينية وأفريقيا وأوروبا.

وأضاف أن تطوير انتاج النفط الصخري لا يزال مستمراً في زيادة المعروض من النفط برغم التراجع المستمر في الأسعار إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل خلافاً للتوقعات السابقة التي سادت في صناعة النفط والغاز.

وذكر أن أجواء هبوط الأسعار دفعت إلى قيام الشركات بمراجعة نشاطاتها المختلفة في الاستكشاف والحفر والتنقيب فضلاً عن اتباع استراتيجية ترشيد تكاليف الانتاج ورفع كفاءة وانتاجية أنشطتها للاستفادة القصوى وتحقيق القيمة المضافة.

وقال العدساني أن التحديات أمام منتجي النفط كبيرة ومعقدة وتشمل كثرة المنافسين في سوق النفط العالمي والتغير في ديناميكية العرض والطلب على النفط وضغوط الشروط والقيود المفروضة دولياً للمحافظة على البيئة والمتغيرات الديمغرافية التي تعمل في جملتها لإعادة رسم صناعة النفط والغاز.

ودعا إلى التعاون الهادف بين الدول المنتجة للنفط من جهة والدول المستهلكة للنفط من جهة أخرى وكل الأطراف الأخرى المعنية في الصناعة النفطية بهدف تحقيق الاستفادة الكاملة من تداعيات الأزمة الحالية واستثمارها في تطوير فرص تخلق نقلة نوعية في صناعة النفط.

وذكر أن الكويت تُكرس جهوداً كبيرة لتطوير شراكات استراتيجية مع الشركات النفطية العالمية والمتخصصة في الخدمات النفطية على أساس المصلحة المشتركة والاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة لدى تلك الشركات على نحو يرتقي بالقدرات والأداء لتطوير صناعة النفط الكويتية فضلاً عن التأكيد على استهدف رفع القدرات الانتاجية لتصل في نهاية عام 2015 إلى 3.15 مليون برميل يومياً.

يُذكر أن منتدى استراتيجيات الهيدروكربونات الأول يقام تحت شعار "أشكال التعاون الجديدة في الخليج" وترعاه مؤسسة البترول الكويتية بتنظيم من المجلة البترولية المتخصصة "البتروليوم إيكونيميست" ويشارك فيه خبراء ومعنيون من داخل الكويت وخارجها.