ما عاد للجيش العراقي وجود
![ديفينس ون](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1620749537649861100/1620749556000/1280x960.jpg)
أخيراً، على ضوء نجاح "داعش" في الرمادي، من الضروري أن نعيد النظر في انتصارات مثل القتال في البلدة الحدودية السورية كوباني أو "الانتصار" في تكريت، فما زلنا نجهل لمَ قاتل محاربو "داعش" بكل ما أوتوا من قوة من أجل بلدة حدودية لا أهمية لها، مواجهين موجات من الغارات الجوية الأميركية، وبالنظر إلى تلك المعركة اليوم، قد نميل إلى الاعتقاد أن "داعش" كان يحاول "تعلم" كيفية التعاطي معنا: ضحى بالأرواح والمعدات لمعرفة السبيل الأفضل إلى مواجهة الغارات الجوية الأميركية المتواصلة، ويبدو أنه نجح في ذلك، إذ تدعي القيادة المركزية أن الغارات الجوية قتلت منذ بداية الحملة 8500 مقاتل من "داعش"، وقد تكون هذه الادعاءات صحيحة، لكن بالنظر إلى انتصار الرمادي، تبدو معركة تكريت أشبه برداء مصارع الثيران: مجرد عملية تمويه لتحويل انتباه قوات الحكومة العراقية، والميليشيات، والإيرانيين، والأميركيين بعيداً عن محافظة الأنبار وتحضيرات "داعش" للهجوم على الرمادي. كذلك تشير التقارير الإعلامية إلى أن خسائر "داعش" في تكريت لم تكن كبيرة، صحيح أن تكريت حظيت بدفاعات جيدة، إلا أنها لم تكن محصنة (عملية توفير للقوى اعتمدت إلى حد كبير على العبوات المتفجرة المبتكرة)، وإذا صح ذلك، يكون الوقت والطاقة اللذان استلزمتهما إعادة احتلال تلك المنطقة والأضرار الجانبية الناجمة مؤشراً سيئاً بالنسبة إلى الهجمات المستقبلية، وخصوصاً في مواقع قد يدافع عنها "داعش" بشراسة، مثل الموصل. صحيح أن ضباب الحرب قد انقشع بعض الشيء، إلا أننا ما زلنا عاجزين عن رؤية الصورة كاملة، مع أنها قد تكون أسوأ أو ربما أفضل، لكن مفهوم أن الجيش العراقي والائتلاف الداعم له، والذي تقوده الولايات المتحدة، قد يتمكنان قريباً من شن الهجمات ضد "داعش" ما هو إلا وهم، وإذا شُن الهجوم، بدلاً من ذلك، بالتعاون مع الميليشيات الشيعية التي تشكل اليوم نواة قوة الحكومة العراقية العسكرية، وترافق مع ضربات جوية أميركية مكثفة، فكونوا على ثقة بأن أي انتصارات سيحققونها ستقوض إلى حد كبير البنية التحتية، وستليها أشرس عملية قمع للسكان العرب السنة المحليين، ولا شك أن هذا ليس انتصار المجتمع المدني العراقي الذي يسعى إليه القادة الأميركيون، ومن المؤكد أن تطوراً مماثلاً سيؤدي إلى موجات جديدة من حشد القوى للجهاد.إذاً، ما السياسة التي يلزم أن تتبعها الولايات المتحدة؟ تتوافر في المنطقة المكونات الضرورية لإنشاء حلقة احتواء غير محكمة حول "داعش"، وتشتد هذه الحلقة حين يحاول "داعش" دخول مناطق ينتمي سكانها إلى مجموعات إثنية ودينية أخرى، وعلى الولايات المتحدة أن تدعم هؤلاء المدافعين بالسلاح، والمال، والمعلومات، والغارات الجوية، عندما يتعرضون للضغط، ولكن ينبغي ألا تتوهم أن هؤلاء قادرون على إنزال الهزيمة بـ"داعش"، وإعادة احتلال مساحات كبيرة من الأراضي العراقية، وتحويل هذه المناطق إلى مجتمع سياسي عراقي متماسك.* باري بوسين