قررت اللجنة العليا المشكلة من برنامج إعادة الهيكلة و«هيئة العمل» إصدار إذن عمل لكل كويتي أو كويتية يعمل في القطاع الخاص، حتى يكون لكل مواطن رقم قيد يظهر لدى هيئة العمل، يسهّل «التفتيش» والتأكد من وجوده على رأس العمل.

Ad

 

رغم صدور قرار من الدولة في عام 2005، يُحدد نسب العمالة الوطنية لدى الجهات غير الحكومية، في خطوة مهمة تُمهد الطريق أمام المواطنين لدخول القطاع الخاص، لتخفيف حدة الضغط على القطاع الحكومي، وما يترتب عليه من آثار سلبية، أهمها تضخم الباب الأول من الميزانية المتعلق بالرواتب والأجور، فإن القرار لايزال «حبرا على ورق»، ولم يطبق بصورته الفعلية رغم مرور نحو 10 أعوام على صدوره!

مصادر مسؤولة داخل برنامج إعادة هيكلة القوى العامة والجهاز التنفيذي للدولة، أكدت لـ «الجريدة» أن عدم الجدية في تطبيق القرار سالف الذكر على الشركات العاملة في القطاع الأهلي، أضاع على خزينة الدولة مئات ملايين الدنانير من الأموال العامة، التي من المفترض أن تُحصّل نظير مخالفة هذه الشركات للقرار، وعدم التزامها بالنسبة التي حددها لتوظيف العمالة الوطنية وفقا لطبيعة أنشطتها.

وقالت المصادر: «إن ثمة فجوة كبيرة بين نسب العمالة الوطنية المسجلة في كل من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبرنامج إعادة هيكلة القوى العامة والجهاز التنفيذي للدولة، والهيئة العامة للقوى العاملة، تشف عن مدى تخبط الجهاز الحكومي في إدارة هذا الملف، وعدم قدرته على رصد النسب الحقيقية للعمالة الوطنية في «الخاص»، وإعلان رقم موحد بين الجهات الثلاث المذكورة آنفا».

وأضافت المصادر: «أن نسب العمالة الوطنية المسجلة في مؤسسة التأمينات تتراوح بين 80 و85 ألفا، وفي برنامج إعادة الهيكلة من 60 إلى 65 ألفا، في حين تدنت النسبة لتصل الى 35 ألفا فقط في «هيئة العمل»، بينما النسبة المئوية للعمالة الوطنية في القطاع الخاص بلغت 4 في المئة فقط من إجمالي العمالة، أي أن نسب تشغيل العمالة الوافدة داخل القطاع الخاص بلغت 96 بالمئة، ما يؤكد وجود خلل حقيقي في تطبيق القرار».

«بقالات» شركات

وأرجعت المصادر السبب الرئيسي وراء عدم تطبيق القرار، الى ضعف التفتيش على الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الأهلي، سواء من مؤسسة التأمينات أو من إدارة التفتيش المركزية التابعة للهيئة العامة للقوى العاملة، موضحة أن هناك قرابة 35 مفتشا فقط في «هيئة العمل» مكلفين التفتيش على عشرات الآلاف من الشركات العاملة في القطاع الأهلي، والمسجل على ملفاتها مئات الآلاف من العمالة الوطنية والوافدة».

وأشارت الى أن الأمر لم يقتصر فقط على عدم التزام الشركات بالنسب التي حددها القرار لتشغيل العمالة الوطنية، بل ذهب لأبعد من ذلك الى محاولات التزوير وسرقة ونهب أموال الدولة، من خلال تعيين عمالة وطنية وهمية للحصول على الدعم المالي المقدم للعمالة بطرق ملتوية لم تخل من الاعتداء على المال العام.

وأضافت: «أن عمليات التفتيش أظهرت وجود بقالات لم تتعد مساحتها الـ 8 أمتار مسجل عليها قرابة 25 عاملا من العمالة الوطنية، وجميعهم من النساء اللاتي يتم استغلالهن نظير الحصول على مبلغ شهري من المال، وهن في بيوتهن، ولاسيما أن الاستفادة الكبرى تعود على هذه الشركات التي تحصل على دعم العمالة كاملا من الدولة».

عقوبات

وعددت المصادر 4 عقوبات وضعتها الدولة على غير الملتزمين بقرار نسب العمالة، وهي كالآتي: الحرمان من المناقصات التي تطرحها الدولة، ونزع ملكية الأراضي الزراعية أو الأراضي الأخرى الممنوحة كهبات من الدولة، والحرمان من الدعم المالي الذي يقدم من الدولة لبعض المؤسسات، والحرمان من شهادات الجودة التي تمنحها الهيئة العامة للصناعة، مضيفة «أن هذه العقوبات «محلك سر» ولم تطبق حتى بالطرق المثلى، ما حدا بالمخالفين الى التمادي أكثر في مخالفاتهم وكسر القرار من باب «من أمِن العقوبة أساء الأدب».

تقدير الاحتياج والمناقصات

وفي حين أكدت أن الطامة الكبرى في عمليات التوظيف الوهمي والتلاعبات بدعم العمالة، تكمن في إعفاء الشركات الصغرى المسجل على ملفاتها أقل من 25 عاملا من عمليات التفتيش على تقدير الاحتياج، وليس ذلك فحسب، بل السماح لها بدخول المناقصات التي تطرحها الدولة، والفوز ببعضها في كثير من الأحيان، أي أن الدولة لم تكتف بعدم المعاقبة على التلاعبات، انما تكافئ المخالفين بمنحهم المناقصات، كشف الوكيل المساعد لشؤون قطاع الاستقدام والاستخدام في الهيئة العامة للقوى العاملة، أحمد الموسى، أن «الهيئة» تعكف حاليا على دراسة احتساب نسب العمالة الوطنية من إجمالي العمالة المقدرة للشركات العاملة في القطاع الأهلي، وذلك لإلزامها بالتقيد بالنسب التي حددها القانون بشأن تعيين العمالة الوطنية في القطاع الخاص.

ويوضح الموسى لـ «الجريدة» أنه «في حال قدرت إدارة تقدير الاحتياج 100 عامل لشركة ما في القطاع الأهلي، فإنه سيتم صرف هذا العدد من العمالة مطروحة منه النسبة التي حددها القانون بشأن العمالة الوطنية، وفقا لكل نشاط، حتى يكون ملزما بالاستعانة بها، وللحد من ظاهرة التلاعبات والتعيينات الوهمية من بعض الشركات».

وقف الملفات

وأكد الموسى استمرار حملات التفتيش على الشركات العاملة في القطاع الأهلي للتأكد من استيفائها النسب التي حددها القانون بشأن العمالة الوطنية، مشددا على أنه سيتم وقف ملفات الشركات غير المقيدة بهذه النسب، أو التي لم تعدل أوضاعها، ولم تتلاف الإخطار بالمخالفة المحررة ضدها من مفتشي «هيئة العمل»، إضافة الى أنه ستتم مخاطبة برنامج إعادة هيئة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة للوقف الفوري للدعم المقدم للعمالة الوهمية المقيدة على ملفات هذه الشركات.

وبشأن أعداد الشركات المخالفة لقرار نسب العمالة الوطنية، ذكر أنها كبيرة، غير أنه بتنفيذ الضوابط الجديدة التي وضعتها «هيئة العمل»، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة، سيتم الحد من هذه الظاهرة، ووقف عمليات التلاعب بنسب العمالة الوطنية.

إذن عمل للكويتيين في «الخاص» لمنع التلاعبات في «نسب العمالة»

أكدت مصادر مطلعة أن أولى خطوات إصلاح الخلل الذي ضرب أطناب قرار تحديد نسب العمالة الوطنية في القطاع الخاص، يكمن في وجود رغبة حقيقية من الدولة في إصلاح هذا الخلل، عبر تفعيل قرارات اللجنة العليا المشكلة من الهيئة العامة للقوى العامة، وبرنامج إعادة هيكلة القوى العامة والجهاز التنفيذي للدولة.

وكشفت المصادر أن هذه اللجنة اتخذت أخيرا قرارا ستكون له انعكاسات إيجابية في القضاء على هذه الظاهرة، وهو «إصدار إذن عمل لكل كويتي أو كويتية يعملون في القطاع الخاص، حتى يكون لهم رقم قيد يظهر لدى «هيئة العمل» يسهل عمليات التفتيش، والتأكد من وجود كل فرد على رأس عمله من عدمه».

وأضافت: «هناك قرار مهم يجب صدوره على وجه السرعة، وهو منح موظفي إعادة الهيكلة صفة الضبطية القضائية، حتى يتسنى لهم سرعة اتخاذ القرار بشأن الشركات المخالفة التي توظف عمالة وطنية وهمية، أو المتهربة من دفع المخالفات، نظير عدم استيفاء نسب العمالة، ولاسيما أن «الهيكلة» على علم بأسماء مئات الشركات المخالفة، غير أنها لا تملك إلا رفع أسمائها الى «هيئة العمل» للتفتيش عليها، ما يجعل فرص هذه الشركات في الهروب من العقاب كبيرة، في ظل تدني أعداد المفتشين، وبطء التفتيش».