باريس تتحول إلى عاصمة عالمية ضد الإرهاب... وأكثر من 1.5 مليون يتقدمهم عشرات الزعماء شاركوا في «مسيرة الجمهورية»

نشر في 12-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-01-2015 | 00:01
• الاتحاد الأوروبي يدرس تعديل «الشينغن» للسماح بمراقبة الحدود والحد من تحرك المقاتلين

• إدارة أوباما تدعو «الحلفاء» إلى قمة أمنية بواشنطن في 18 فبراير لمواجهة خطر التطرف

• عبوة تحرق صحيفة ألمانية نشرت صور «شارلي»... وإخلاء صحيفة بلجيكية تعرضت لتهديد

• كيري: أي عمل إرهابي لن يوقف أبداً مسيرة الحرية 

• تأييد الهولنديين لخيرت فليدرز يتضاعف

في تضامن غير مسبوق مع فرنسا، بعد أسوأ واقعة إرهابية في تاريخها الحديث، انضم العشرات من رؤساء الدول والحكومات بينهم مسلمون، إضافة إلى أحزاب ونقابات ومجموعات دينية يهودية ومسيحية ومسلمة وجمعيات وشخصيات عامة، إلى أكثر من مليون ونصف مليون فرنسي، في «مسيرة الجمهورية» التي جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، وتحولت معها باريس إلى عاصمة لمكافحة الإرهاب، الذي خلف على مدار ثلاثة أيام نحو 17 قتيلاً في هجوم على أسبوعية "شارلي إيبدو"، تلاه استهداف شرطة البلدية، ثم عمليتا احتجاز رهائن متزامنتان، إضافة إلى ما أثاره ذلك من تساؤلات حول حرية التعبير والدين والأمن، خصوصاً للجاليات العربية والمسلمة.

تحوّل أسوأ هجوم تشهده فرنسا منذ 5 عقود إلى مأساة ذات بعد عالمي مع مشاركة أكثر من خمسين زعيماً في دول أجنبية في مسيرة تاريخية في باريس تقدمها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، تكريماً لضحاياً سقطوا على مدار ثلاثة أيام على يد ثلاثة متطرفين اثنين منهم على علاقة بتنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب، والآخر بايع فعلياً تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش".

وفي أقوى تحد للجماعات الإرهابية، سبقت حشود بشرية هائلة زعماء العالم إلى قلب باريس، حيث انطلقت المسيرات المليونية من ساحة لاريبوبليك (الجمهورية) إلى ساحة لاناسيون (الأمة) اللتين يفصل بينها ثلاثة كيلومترات، في تكريم لم يسبق له مثيل لضحايا هجمات نفذها متطرفون.

وعلى مدار ثلاثة أيام عاش فيها الفرنسيون كابوساً دموياً، مع إقدام الفرنسيين من أصل جزائري شريف وسعيد كواشي على قتل 10 صحافيين في "شارلي إيبدو" وشرطيين، قبل أن يتحصنا بمطبعة مع رهينة في شمال باريس بالتزامن مع عملية مماثلة قام بها الفرنسي من أصل مالي حمدي كوليبالي قتل فيها شرطية في البلدية قبل أن يتحصن في متجر يهودي ومعه عدد كبير من الرهائن، وانتهت بمقتل منفذي الاعتداءين و4 رهائن.

الصف الأول

وظهر في الصف الأول للمسيرة، التي تواجدت فيها الجاليات العربية والمسلمة بقوة رغم المخاوف من رد فعل عنيف تجاهها، إلى جانب الرئيس الفرنسى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، والملك عبدالله الثاني عاهل الأردن، وقرينته الملكة نور، ورئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، ونظيره البريطاني ديفيد كاميرون وغيرهم.

كما شارك في هذا التجمع غير المسبوق قادة أطراف متصارعة، بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأيضاً الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وتم نشر نحو 2200 من أفراد الأمن لحماية المسيرة من أي مهاجمين محتملين وتمركز قناصة على أسطح المباني، في حين اختلط رجال شرطة بالزي المدني بالحشود.

وتم تفتيش نظام الصرف الصحي في باريس قبل المسيرة، وإغلاق محطات قطارات الأنفاق حول مسارها، بينما نقلت وسائل المواصلات العامة القادمين إلى باريس بالمجان.

المطلوبة الأولى

من جهة ثانية، قالت مصادر تركية وفرنسية، إن المطلوبة الأولى حياة بومدين (26 عاماً) شريكة كولوليبالي، التي تلاحقها الشرطة الفرنسية، غادرت فرنسا قبل عدة أيام من الهجمات ويعتقد أنها في سورية.

وذكر مسؤول أمني تركي كبير أن باريس وأنقرة تتعاونان الآن في محاولة لتعقبها، لكنه أضاف أنها وصلت إلى اسطنبول دون أي تحذير من استخبارات فرنسا. وقال المصدر التركي "نعتقد أنها في سورية في هذه اللحظة، لكن ليس لدينا دليل على ذلك. على الأرجح هي ليست في تركيا".

اتفاقية الشينغن

وقبل ساعات من التظاهرة، التي تحولت معها باريس إلى عاصمة العالم، التقى وزراء الداخلية والأمن الأوروبيون والأميركيون في وزارة الداخلية الفرنسية أمس، لبحث رد مشترك على تهديد الهجمات الإرهابية.

وبينما كان وزير العدل الأميركي إريك هولدر أول من وصل إلى مقر الوزارة أمس، كشف نظيره الإسباني خورخيه فرنانديز دياز التزامه الدفاع عن فكرة تعديل اتفاقية الشينغن للسماح بمراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي، للحد من تحرك المقاتلين الإسلاميين العائدين إلى أوروبا.

وقال، دياز لصحيفة إل باييس قبل الاجتماع، "سندافع عن فكرة مراقبة الحدود، ومن المحتمل أن نضطر بالتالي إلى تعديل اتفاقية شينغن"، التي تنص على حرية التنقل داخل فضاء شينغن الذي يضم حالياً 26 بلداً في أوروبا منها 22 من الاتحاد الاوروبي.

قمة عالمية

وعقب الاجتماع، أعلن هولدر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيدعو الحلفاء إلى قمة أمنية في 18 فبراير. وقال، للصحافيين، "سنجمع كل حلفائنا لبحث السبل التي نستطيع بها مواجهة هذا التطرف العنيف الموجود في أنحاء مختلفة من العالم".

كما دعا وزير داخلية بلجيكا جان جانبون إلى وضع "لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب" الذين ينضمون الى التنظيمات. وقال في تغريدة "إن التعاون بين أجهزة بلداننا بالغ الأهمية. ويجب وضع لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب".

موجة اعتداءات

ومع تصاعد التحذيرات من تجاوز الأحداث قدرات أجهزة الأمن الفرنسية المتخصصة في مكافحة الإرهاب، لاسيما في ظل اضطرارها إلى مراقبة كل عناصر التيار الإسلامي المتطرف، كتبت صحيفة "بيلد" الألمانية أمس أن الاستخبارات الأميركية رصدت اتصالات أكد فيها قادة في "داعش" أن هجمات باريس مقدمة لموجة اعتداءات على مستوى أوروبا، مشيرة إلى اتصالات أجراها الشقيقان شريف وسعيد كواشي في هولندا.

واعتبرت باريس حسب هذه الاتصالات بمنزلة الإشارة لسلسلة اعتداءات تستهدف مدناً أوروبية أخرى من بينها روما، حسب الصحيفة التي أشارت إلى أن أي خطة ملموسة لم تذكر.

لوائح المشتبهين

ومنذ يوم الأربعاء، ضمت الاستخبارات والشرطة الفرنسية مئات وربما آلاف الأسماء إلى لوائح المشتبه فيهم بأنهم تورطوا يوماً ما في التيار المتطرف، لكن لم يعتبروا خطرين أو قادرين على تنفيذ عملية.

وطالت تلك اللوائح كثيراً خلال الأشهر الأخيرة مع كثرة الفرنسيين الراحلين والعائدين من القتال في سورية والعراق. وأقرّ مسؤول في جهاز مكافحة الإرهاب، فضّل عدم كشف هويته لفرانس برس، "تجاوزتنا الأحداث؟ فعلاً هذا ما حصل"، متسائلاً: "كيف العمل؟ أولاً بدلاً من العمل 15 ساعة في اليوم سنعمل عشرين لكن ذلك لن يكفي، وبالتالي نتحول إلى التركيز على الأولويات، رغم أن ذلك قد يدفعنا إلى ارتكاب أخطاء يستحيل أن نضع شرطياً وراء كل شخص".

وفي بروكسل، أعلن حلف شمال الأطلسي أمس تنكيس علمه وأعلام الدول الأعضاء فوق مقر الحلف تضامناً مع الشعب الفرنسي.

فليدرز

وفي هولندا، قفز التأييد لحزب الحرية المناهض للإسلام بزعامة خيرت فيلدرز إلى أعلى مستوياته في أكثر من عام بعد هجمات باريس. وأظهر استطلاع للرأي نشر أمس أنه إذا أجريت الانتخابات الآن فإن حزب فيلدرز سيكون صاحب أكبر عدد من المقاعد بحصوله على 31 مقعداً في البرلمان البالغ عدد أعضائه 150، أي أكثر من مثلي الحصة التي فاز بها في الانتخابات الأخيرة.

تضامن وتعاون

وفي الهند، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أن "أي عمل إرهابي لن يوقف أبداً مسيرة الحرية". وقال، على هامش زيارة الى نيودلهي، "نحن متضامنون مع الفرنسيين الذين يسيرون تكريماً لضحايا الهجوم الذي سقط فيه قتلى على مكاتب شارلي ايبدو في باريس".

وفي إيران، دعا وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى تعاون عالمي في مواجهة الإرهاب، مؤكداً، في مؤتمر صحفي، أمس أن أحداث التي وقعت في باريس تمثل ضرراً كبيراً على صورة الإسلام على مستوى العالم، وأن إيران حذرت أكثر من مرة قبل ذلك من انتشار الخطر الناجم عن "داعش".

صحيفة ألمانية

وفي ألمانيا، قالت الشرطة الألمانية أمس، إن مبنى صحيفة هامبورغر مورغن بوست الألمانية تعرض لحريق متعمد، مضيفة أنه تم القبض على شخصين مشتبه فيهما.

وذكرت متحدثة باسم الشرطة أن عبوة حارقة ألقيت على مبنى الصحيفة أثناء الليل، وأشعلت النار في وثائق بالداخل حيث كان يتواجد أيضاً عدد من الأشخاص داخل المبنى، موضحة أنه جرى القبض على شخصين مشتبه فيهما قرب مكان الجريمة، لأنهما كانا يتصرفان بشكل مُريب.

ونشرت الصحيفة المعروفة محلياً باسم «موبو»، رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مصدرها أسبوعية «شارلي إيبدو»، على صفحتها الأولى بعد الاعتداءات، بعنوان «لا بد من توفير أكبر قدر من الحرية».وواكبتها عدة صحف ألمانية أخرى.

إخلاء صحيفة بلجيكية

وتم أمس إخلاء مكاتب صحيفة «لو سوار» البلجيكية التي تصدر بالفرنسية، بعد أن تلقت تهديداً من مجهول، لأنها أعادت نشر الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة «شارلي ايبدو».

(باريس- أ ف ب، رويترز، د ب أ)

back to top