أمير تاج السر: الجوائز الأدبية حافز للإبداع... و{صائد اليرقات» تواصل النجاح
يرى الأديب السوداني أمير تاج السر أن «كتارا» هي جائزة المستقبل، ويعدها إضافة حقيقية، وكسباً جيداً في حقل الجوائز الأدبية.
أمير تاج السر الذي فازت روايته 366 بجائزة «كتارا» أحد أبرز كتاب الرواية بالسودان، قدَّم للساحة الأدبية أعمالاً عدة حققت نجاحاً لافتاً. تربطه بالكتابة علاقة حميمة للغاية، يكتب عن شخصيات يعرفها، والتقى بها في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدرها أن تُكتُب في روايات. كذلك كتب جانباً من حياته في «مرايا ساحلية»، و{قلم زينب»...
عن الجائزة وروايته الفائزة وأعماله كان هذا الحوار.
أمير تاج السر الذي فازت روايته 366 بجائزة «كتارا» أحد أبرز كتاب الرواية بالسودان، قدَّم للساحة الأدبية أعمالاً عدة حققت نجاحاً لافتاً. تربطه بالكتابة علاقة حميمة للغاية، يكتب عن شخصيات يعرفها، والتقى بها في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدرها أن تُكتُب في روايات. كذلك كتب جانباً من حياته في «مرايا ساحلية»، و{قلم زينب»...
عن الجائزة وروايته الفائزة وأعماله كان هذا الحوار.
فزت أخيراً بجائزة كتارا عن روايتك «366»، فما هي رؤيتك لهذه الجائزة الجديدة؟
أعتبر «كتارا» جائزة كبرى، اختصرت كثيراً من الطرق للكتابة العربية لتعبر إلى القارئ الآخر. وأرى أن الجائزة إضافة حقيقية، وكسب جيد في حقل الجوائز الأدبية، وهي جائزة ولدت بإمكانات ضخمة، وسميتها جائزة المستقبل، وأعني ذلك فعلاً، وأعتقد أن الدورات المقبلة ستشهد انتعاشاً أكثر. هل توقعت الفوز بالجائزة عندما تقدمت لها؟ لم تكن تشغلني الجائزة، وقد تقدمت لها ولم أتابعها مطلقاً، إلى أن تم إخطاري بالفوز، وهنا تذكرت أنني تقدمت بالفعل. لكن ربما صالحتك جائزة {كتارا} بعد عدم فوز روايتك {صائد اليرقات} بالبوكر؟ بصراحة، لا أريد الربط بين الإبداع والجوائز. الجوائز حافز جيد للكاتب، لكن عدم فوزه لا يعني عدم صلاحيته للإبداع. أسعدتني جائزة {كتارا} كثيراً بلا شك، وفي الوقت نفسه أقول صراحة إن خسارة {البوكر} لم تعق {صائد اليرقات} من النجاح. تمزج {مهر الصباح} روايتك التي صدرت منها طبعة حديثة أخيراً بين الخيال والتاريخ والواقع والمستقبل. لماذا هذا المزج؟ {مهر الصباح} ملحمة، تحدثت عن القهر الإنساني على مر العصور. هي رواية فيها كل شيء فيها تاريخ وجغرافيا، ومجتمع، وإسقاطات وأساطير، وأخذت مني وقتاً طويلاً في التفكير والكتابة، وأعتبرها بصدق النص الذي أستوحي منه، وأعود إليه بين حين وآخر. لقد انتشرت وطبُعت أربع مرات ولكن في صمت، وقد كان ذلك المزج حتمياً لأجل إيصال الفكرة، وهي عن القهر الإنساني، حين يتحوَّل الإنسان تحت ظل القهر إلى حيوان ثم ينتهي الرجل خصياً بلا ذكورة. إنها أحداث تبدو خيالية لكنها قد تحدث في الواقع بكل تأكيد. صرَّحت بأن هذه الرواية أهم نص أنجزته، فما السبب رغم أن إصداراتك التالية نالت جوائز واحتفاءً أدبياً عالياً؟ نعم، هي نصي الأهم في رأيي الشخصي لما بذلته فيها من مجهود كبير، ولما كتبته فيها من أفكار. كتبتها منذ 13 عاماً، ولم تكن الجوائز والاحتفالات متاحة كما يحدث الآن، وإلا لنالت احتفاء أيضاً. عموماً، انتشرت في شبه صمت وطبعت أربع مرات وترجمت إلى الإنكليزية، حيث اعتبرها البعض المعادل العربي لرواية {مئة عام من العزلة} لماركيز، الأمر الذي أسعدني كثيراً بلا شك. أما رواياتي التي نالت جوائز، فلا أقلل من قيمتها، فهي أيضاً روايات تحمل أفكاراً مهمة في رأيي، مثل {صائد اليرقات}، و{366}، ولديَّ روايات ساعدت ظروف في انتشارها مثل رواية {إيبولا 76}، التي تنبأت بانتشار فيروس إيبولا الذي يرعب الناس هذه الأيام. تسير بنا {مهر الصباح} إلى زمن لم يعد ملكاً للحاضر، فماذا يمثل لك الزمن كروائي، وكيف تعمل على تطويعه في نصوصك الأدبية؟ الزمن عندي هو ما يحتضن الأحداث ويوزعها، والزمن يمكن أن يكون الآن أو أمس أو ربما غداً حسب فكرة الرواية. لعبت «مهر الصباح» على تقنية الزمن أيضاً من ضمن تقنيتها، لذلك هي تتحدث عن الآن بصيغة الأمس، وكأنما الرواية كانت تقرأ ما سيحدث. وثمة رواية «أرض السودان الحلو والمر»، وقد أسهمت أيضاً في وضع زمن مكان زمن، وهكذا عموماً أرى أن الكتابة تملك قرون استشعارها، وتصدق كثيرا. كيف تتجلى صورة المشهد الأدبي في السودان حالياً؟ مثل بقية الأقطار، يوجد كُتاب أساتذة، مستمرون في الكتابة بنهجهم نفسه، مثل إبراهيم إسحاق، وعبد العزيز بركة، وبثينة خضر، وثمة أجيال جديدة ممتازة مثل منصور الصويم، معتصم الشاعر وحمور زيادة. وثمة نقاد يحاولون اللحاق بالكتابة، ناهيك بمناقشات أدبية، ودور نشر جديدة تنشر بتقنيات دور النشر العربية نفسها، وتشارك في معارض الكتب. أي يوجد مشهد ثقافي متكامل. والأهم أن ثمة استمرارية في العطاء، رغم الظروف كافة. المسألة هنا ليست اختياراً، هي مسألة حتمية، لأن الثقافة من ضرورات الحياة، ولا بد من حملة للمشاعل الثقافية في كل زمن. أصدرت روايات عدة، فكيف تصف علاقتك بالرواية اليوم، وما مدى التماس بينك وبين شخصياتك؟ لم أصدر روايات عدة بالتعبير البسيط، لكني كتبت تجربة، ومشروعاً شمل روايات وسيرة ذاتية، وشعراً، ولو كان ذلك خارج الوطن العربي لتم الاحتفاء به بصورة لائقة. كتبت رواية تاريخية ومعاصرة، وكتبت الواقع والأسطورة، وكتبت عن مهنتي وشخوص صادفتها في الترحال. كتبت أيضاً عن الكتابة في كتابي {ضغط الكتابة وسكرها}. وبالطبع علاقتي بالكتابة عموماً علاقة حميمة للغاية، وما زلت أكتب حين أجد وقتاً لذلك. شخصياتي أعرف معظمها، وبعضها استلفته من أشخاص واقعيين التقيت بهم في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدره أن يُكتب في روايات. بالنسبة إلى وجودي الشخصي، فغالباً لا تجده داخل روايات، وإنما في كتب السيرة مثل {مرايا ساحلية}، و{قلم زينب}. تستخدم السخرية في بعض كتاباتك، فلماذا تتبع هذا الأسلوب؟ السخرية عندي ليست هدفاً في حد ذاته، بمعنى أنني لا أتعمد كتابتها، لكنها تأتي عرضاً في بعض رواياتي مثل {صائد اليرقات} و{زحف النمل} و{العطر الفرنسي}، وأعتقد أن القراء يحبون أن يكسر الجمود بشيء يجعلهم يبتسمون، ولكن بالطبع يوجد أدب غزير ساخر له جمهوره. ترجُمت أعمالك إلى لغات عدة، فهل وصلت كما تريد، وما هي رؤيتك لمشروع الترجمة في حد ذاته؟ نعم ترجمت إلى خمس لغات حتى الآن، واكتسبت قارئاً مختلفاً وناقداً مختلفاً لأعمالي، وصار بإمكاني المشاركة في مشاريع عالمية للكتابة. الترجمة مهمة طبعاً ولأدبنا العربي نكهته ومذاقه، وينبغي أن يعرفه الآخر، ونحن مللنا من ترجمة الآخر لدينا لدرجة أن ثمة أعمالاً ترجمت أكثر من خمس مرات بواسطة مترجمين مختلفين، وقد تحدثت كثيراً عن ذلك، وتمنيت أن تعكس الجهات المهتمة بالترجمة عملها وتترجم الأدب العربي إلى لغات العالم المهمة.