الأوضاع في اليمن اتضحت أكثر، وأخيراً وضع "الزووم" الخليجي عليها، والرئيس عبدربه هادي نقل الشرعية إلى عدن انتظاراً لما ستؤول إليه الأمور.

Ad

الرئيس هادي كان محتجزاً بداره من قبل الانقلابيين الحوثيين، وكان تحت سيطرتهم الكاملة، لكن، وبطريقة سينمائية وبعمل مخابراتي محترف، تم تهريبه وتخليصه من حصاره ليلتجئ إلى العاصمة الجنوبية عدن.

تعددت الروايات حول طريقة تحرره من الحصار الحوثي، لكنها بالفعل كانت "ضربة معلم" قاسية بحق أتباع الحوثي، بل لم تكن متوقعة أبداً!

كان وصول هادي إلى عدن واستئنافه فعاليات عمله وإطلاقه التصريحات ضد الحوثيين واجتماعه بعدة قوى سياسية تمثل انقلاباً بالصورة اليمنية المستمر بثها منذ سبتمبر 2014، ثم كانت الزيارة المفاجئة للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني لهادي في عدن كأول مسؤول إقليمي يزوره، حيث التقيا في مديرية التواهي بعدن، وعقدا اجتماعاً مغلقاً مدة ساعتين.

وبطبيعة الحال تمثل زيارة الزياني دعماً هائلاً لهادي، الذي لايزال يتمتع بالشرعية السياسية والدستورية، وواضح من الزيارة أن دول مجلس التعاون تعلن بشكل مباشر وقوفها العلني مع الرئيس هادي ودعمها المطلق له.

الحوثيون من جانبهم، والذين كما يبدو فوجئوا باختفاء هادي وفوجئوا أكثر بوصوله إلى عدن وترسيخ صلاحياته كرئيس للجمهورية، أعلنوا أن هادي مطلوب للعدالة.

تصريحات الزياني بعد الزيارة كانت مباشرة وباتجاه أكثر من مرمى، حيث وصف الحوثيين، بدون أن يسميهم بالاسم، بالمنظمات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، وهنا واضح أن الزياني جعل تصريحه عاماً، وواضح أكثر أن العين الخليجية أخذت تحدق جنوباً صوب اليمن، وبنظرات ثاقبة وباهتمام بالغ.

وبعيداً عن تفاصيل ما جرى في اليمن، تبين للجميع أن لعب السياسة بين مجلس التعاون وإيران أخذ في التوسع منذ فترة قريبة، نتيجة الشعور العام بخطورة ما يجري ونتائجه الوخيمة في مستقبل الأيام، فإيران استغلت الخلافات البينية والتشرذم العربي أسوأ استغلال، وللأسف بمساندة أميركية وإن بطريقة غير مباشرة، حيث تبين للجميع أن الطائرات الأميركية بدون طيار تساند الحوثيين في تقدمهم باليمن، والعذر الجاهز هو محاربة القاعدة! وأيضا كانت الخلافات التي أدت إلى جمود العلاقة بين بعض دول مجلس التعاون وتركيا لها تأثير سلبي، وذلك بسبب الخلافات حول ما جرى في مصر.

واليوم أو غداً سيزور أردوغان الرياض، وبعده مباشرة سيكون السيسي هناك، وواضح أن هناك جهوداً لرأب الصدع، ومن يدري فقد يفاجأ الجميع بلقاء أردوغان والسيسي برعاية سعودية في الرياض.

الأكيد أن تفكير دول مجلس التعاون الآن ليس كتفكيرها قبل شهر، وواضح أن الدعم المباشر والتخلص من الحوثيين هو هدف أساسي حاضر، وهذا ما بينته زيارة الزياني ولقاءات أردوغان والسيسي المنتظرة في الرياض مع الملك سلمان.

على كلٍّ، هو هدف لا مناص منه، فاليمن كما يوصف، هو الحديقة الخلفية لمجلس التعاون، وتحكُّم طهران في قراره ليس من مصلحة الجميع، وطهران التي تئن وتشتكي انخفاض أسعار البترول لن تستطيع المضي قدماً في اليمن إذا تضافرت الجهود الخليجية بمساندة مصرية تركية، ففي تلك الظروف ستخرج مرغمة وستوافق على خسارة جزئية في صنعاء، مع إبقاء هيمنتها على القرار في عواصم أخرى حسب وجهة نظر إيرانية أتوقعها!

أيضاً على دول مجلس التعاون أن تنتبه إلى أن الملعب ليس في اليمن وحده، بل في دمشق ملعب، وفي بيروت ملعب وفي بغداد ملعب!

المؤكد أنه إذا صمم الخليج وعمل على تخليص اليمن وعودة الشرعية فعليه الاستعداد لملاعب أخرى، فإيران ليست خصماً سهلاً، ولكنه أيضاً ليس صعباً، وإن يد الله مع الجماعة.