«دافع من جيبه»!
أول العمود:
ما قام به الملك عبدالله بن عبد العزيز يرحمه الله تجاه المرأة السعودية يعدّ تغييراً نوعياً يحسب له.***مرضان ينخران في جسم الدولة، سوء الإدارة ونموذجه الطازج في التعامل مع رفع الدعم عن الديزل، واستباحة المال العام كما هو في قضية أموال التأمينات المستثمرة!لفت نظري في الحديث الدائر حول دور د. فهد الراشد، وهو من أوائل العاملين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عام 1977، وانتقل لاحقا للعمل في الهيئة العامة للاستثمار، واستقال في ديسمبر 1990 بعد استباحة الأموال المستثمرة في الهيئة ومكتب الاستثمار الكويتي في لندن زمن الغزو العراقي. لفت نظري أنه تكلف من جيبه الخاص لمتابعة فضيحة التأمينات منذ عام 2008، بمعنى أنه عمل كمواطن عادي غيور على بلده، وهو تصرف يحسب له، ويشيع جوا من التفاؤل بأن الدنيا بخير، لكن السؤال هنا: أين الدولة منذ 2008؟ وإن تغاضينا عن هذا العام نسأل مرة أخرى، أين الدولة منذ نشر تقرير ديوان المحاسبة عن القضية عام 2013؟ لماذا لم تقم هي بتقديم بلاغ كالذي قدمه المواطن د. فهد الراشد؟على الجانب الآخر من تداعيات الفضيحة التي أمامنا كيف يمكن للمؤسسة أن تقنع الناس مستقبلا بموضوع العجز الاكتواري الذي تتحجج به كلما جاء تشريع يزيد من الأعباء المالية، ويكون لمصلحة المواطنين الذين لهم تأمين؟السؤال الآخر، كيف يمكن إقناع الرأي العام بأن وزراء المالية المتعاقبين ليسوا أبرياء من هذه الفضيحة بناء على حديث د. الراشد للزميلة "القبس" في 18 يناير الجاري، بأن التحقيق الداخلي للمؤسسة لم يكن جدياً؟وأيضا، كيف يمكن إقناع الشعب الكويتي بمسألة مراجعة الدعومات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الاستهتار الذي ليس له مثيل في المال العام؟ نقول ذلك لأن الحكومة ستكون مضطرة لتقليص الدعم لأكثر من خدمة كالكهرباء والماء والوقود بعد التراجع الكبير في سعر برميل النفط؟ أظن أن الحكومة ستواجَه بغضبه شعبية ربما ليس ضد الترشيد، بل ضد عدم قدرتها على تأمين أفضل لاستخدام المال العام لفائدة اقتصاد البلد.وأيضا، كيف يمكن الاستناد إلى مقولة إن الكويت دولة مؤسسات، ويأتي حكم من قضاء سويسرا يقول للحكومة الكويتية: الطريق معبد... وتعالي للتحقيق في أموال التأمينات بعد رفض الأول لطعن مدير مؤسسة التأمينات بكشف حساباته، وكل ذلك بناء على جهد المواطن د. فهد الراشد! أين هذه المؤسسات بدءاً من التأمينات ذاتها، ومجالس الأمة والحكومات المتعاقبة؟ أين تفعيل قوانين حماية المال العام؟ ما يحدث في الكويت من تعامل مع مسألة المال خطير جداً، وهو بوضوح جريمة في حق الوطن، فنحن اليوم لا نقرأ في الصحف إلا عن أموال بيع النفط (رواتب، كوادر، نهاية خدمة، اختلاسات، تهريب ديزل، تقاعس عن تحصيل أموال الدولة، رشا... إلخ) في المقابل لا نجد أي محاسبة جدية لمثل هذه الكوارث الأخلاقية بالأساس.في مثل هذه الأجواء الملوثة لا يمكن لأي حكومة أو مجلس تشريعي أن يتحدث مع المواطن عن رفع الدعومات أو الترشيد، إذ سيكون ذلك صعبا وكلفته السياسية عالية لأنها مسألة ثقة.