بينما ينهي مجلس الشيوخ مناظرته بشأن التشريعات الإيرانية، فمن المتوقع أن نسمع الكثير عن "المتشددين"، حاول متشددو مجلس الشيوخ المزعومون إدخال إضافات إلى صفقة نووية تتفاوض بشأنها اليوم الولايات المتحدة مع المعتدلين الإيرانيين، لكن فرص نجاح أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء ضئيلة، فمن المتوقع أن يدعو زعيم الأكثرية، ميتش ماكونيل، لإنهاء المناظرة الدائرة حول تعديلاتهم الإضافية هذه.

Ad

تشير بعض المدارس الفكرية إلى أن هذا أمر إيجابي، فيدعي مؤيدو المفاوضات مع إيران أن متشددينا يمكنون المتشددين في إيران، الذين ينظرون بعين الريبة أيضاً إلى هذه الصفقة.

ينظر الرئيس باراك أوباما نفسه إلى سياسات الصفقة الإيرانية من هذا المنظار، ففي شهر مارس، حين بعث السيناتور توم كوتون و46 جمهورياً آخرون برسالة إلى القادة الإيرانيين، مذكرين إياهم بأن الكونغرس أو أي رئيس في المستقبل يستطيع أن يعكس كل صفقة تُوقَّع مع إيران، معتمدين بالتالي على ورقة المتشددين، أعلن أوباما: "من المفارقة في رأيي أن نرى بعض أعضاء الكونغرس يعربون عن رغبتهم في إقامة وحدة حال بينهم وبين المتشددين في إيران".

لا شك أن نعت أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء بـ"المتشددين" يخفي وراءه منطقاً سياسياً ما، فيستطيع البيت الأبيض بمهارة تحويل النقاش الدائرة بعيداً عن محتوى الصفقة التي يُفاوض بشأنها، بدلاً من ذلك، تتركز المناظرة حول الأميركيين والإيرانيين الذين ينادون بالسلام (المعتدلين) مقابل مَن يريدون الحرب في كلتا الأمتين (المتشددين).

هذه خطوة بسيطة إنما خادعة، تقلل هذه المناورة من قوة المتشددين في إيران وتبالغ على نحو واضح في تصوير قوة المتشددين في الولايات المتحدة.

على مَن يُفاوضون بشأن الصفقة من داخل النظام في إيران، مثل وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أن يحصلوا مع موافقة القائد الأعلى، آية الله خامنئي، على أي اتفاق، إذاً يعطي الضوء الأخضر لهذه الصفقة في إيران متشدد.

في النظام الأميركي تسير المسائل بالعكس، يدعم سيناتورات أمثال ماركو روبيو، وتوم كوتون، وتيد كروز، تعديلات تفرض شروطاً جديدة قبل رفع عقوبات الكونغرس عن إيران، ولكن لا يتوافر في مجلس الشيوخ عدد كافٍ من الأصوات لإلغاء قدرة أوباما على نقض هذا التشريع، في حال أُدخلت إليه هذه التعديلات بكلمات أخرى يصوغ أوباما النقاشات في الولايات المتحدة لأنه يتمتع بالقدرة على تجاهل متشدديه، في حين أن ظريف مضطر إلى استرضاء متشدديه.

أضف إلى ذلك محتوى التعديلات بحد ذاتها، فقد استخف بعض الديمقراطيين والجمهوريين بعدد من التعديلات الجمهورية بشأن هذا القانون، معتبرين إياها "حبوب سم" هدفها جعل الصفقة مع إيران مستحيلة، لكن هذه التعديلات تفرض على إيران وقف حربها مع جيرانها، وإطلاق سراح المواطنين الأميركيين المسجونين، والإقرار بحق الدولة اليهودية الوحيدة في العالم في الوجود، وخارج إطار المفاوضات الإيرانية، لا تُعتبر هذه وجهات نظر متشددة، فقد أعرب أوباما نفسه عن دعمه هذه المواقف.

لنقارن هذه المطالب بما يُطالب به المتشددون الإيرانيون، فقد شدد حسن فيروز أبادي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، يوم الأحد الماضي على الخط الأحمر الذي يعتبر أنه ما من منشأة عسكرية ستكون مفتوحة أمام التفتيش الدولي، لكن هذا يطرح مشكلة، بما أن الولايات المتحدة والقوى العظمى الأخرى وافقت على السماح لإيران بالاحتفاظ بالجزء الأكبر من بنيتها التحتية النووية مقابل عملية تفتيش شاملة، ولكن يبدو أن المتشددين الإيرانيين يعيدون إلى طاولة المفاوضات أمراً يعتقد فريق أوباما أنه حُسم.

لكن وجه الاختلاف الأكثر أهمية بين متشددي إيران ومتشددي الولايات المتحدة يبقى شرعيتهم السياسية، فقد دعم الشعب الإيراني الإصلاح، لكن حرس الثورة ووكالة التجسس المحلية عززا رغم ذلك سيطرتهما على السلطة، مع أن الانتخابات أدت إلى فوز المصلحين بالرئاسة.

لنقارن تنامي قوتهم هذا بمأساة المعتدلين في إيران: في عام 1997، انتخب الإيرانيون الرئيس المصلح محمد خاتمي، الذي وعد بفتح نظام إيران السياسي، لكنه عجز خلال عهده عن وقف عمليات اعتقال الناشطين من الطلاب أو إقفال الصحف المعارضة، وبحلول نهاية عهد خاتمي حوكم بعض المستشارين المقربين منه علناً بعد أو وُجهت إليهم تُهم تعادل الخيانة، وعلى نحو مماثل انتخب الإيرانيون عام 2013 حسن روحاني، الذي ترشح بصفته مصلحاً، مع أنه أشرف خلال عهد خاتمي على عملية قمع المصلحين، رغم ذلك لم يحرر روحاني قادة الحركة الخضراء عام 2009 من الإقامة الجبرية، فضلاً عن معظم الناشطين الذين تظاهروا ضد انتخابات عام 2009.

عندما يتحدث أوباما عن المفاوضات مع إيران، يجمّل كل هذه التفاصيل، ويشدد بدلاً من ذلك على أن روحاني يتمتع بتفويض يسمح له بخوض المفاوضات وأنه يحاول استغلال هذه النافذة الدبلوماسية.

هدد أوباما باللجوء إلى حق النقض لوقف هذا القانون الذي يمنح الكونغرس فرصة لإعادة النظر، لا تعديل أي اتفاق تتوصل إليه الإدارة مع إيران والقوى العالمية الخمس الأخرى، ويقول الرئيس اليوم إنه لن يوقع القانون، إلا إذا لم يشمل هذا النوع من التعديلات التي تمكن المتشددين المزعومين، ففي النهاية لا تُعتبر هذه التعديلات مقبولة في نظر المتشددين الذين يتمتعون بنفوذ كبير في إيران.

Eli Lake إيلي ليك