إذا كان الهدف من فيلم «يوم مالوش لازمة» تقديم فيلم قائم على الترفيه، وتضييع قرابة الساعة والنصف الساعة في «اللاشيء»، فقد نجح بطله محمد هنيدي وكاتبه عمر طاهر بالإضافة إلى مخرجه أحمد الجندي في تحقيق الهدف بدرجة كبيرة!

Ad

وإذا كان المطلوب أن يستعيد هنيدي القمة، والإيرادات، فالأمر المؤكد أن فيلمه انتزع القمة في ظل منافسة محسومة، لكنه مُطالب بمراجعة حساباته، وألا يرتكن إلى ما حققه من إيرادات قيل إنها اقتربت من الثمانية ملايين جنيه، لأنها إيرادات هزيلة مقارنة بما حققه فيلمي «الجزيرة 2» (35 مليون جنيه) و»الفيل الأزرق» (32 مليون جنيه) في الموسم السابق!

اعتمد الفيلم على دراما اليوم الواحد، حيث تبدأ الأحداث صبيحة اليوم المحدد لزفاف البطل «يحيى» (محمد هنيدي) المحاسب في أبو ظبي، واستعدادات أمه (هالة فاخر) وابن خالته «سامح» (محمد ممدوح) في حين تُجبره عروسه «مها» (ريهام حجاج) أن يبدأ يومه بزيارة قبر أبيها، وقراءة الفاتحة على روحه، ويبدو البطل متأذياً ومتضرراً. وتتوالى المشاكل التي تواجهه طوال اليوم، ويتوجس منها شراً، ويُصبح كل همه أن ينتهي اليوم على خير، وتمر ليلة العرس من دون مفاجآت، خصوصاً بعد أن تظهر  الفتاة «بوسي» (روبي) التي أحبته من طرف واحد، وأصابها مس من الجنون عندما علمت بأمر زواجه من فتاة أخرى فراحت تطارده، وتهدده بالقتل!

 هذا التحديد الصارم لزمن الأحداث كان في حاجة إلى كاتب سيناريو مخضرم يملك خبرة كبيرة، ومقدرة هائلة، في هذا النوع من الدراما، وهو ما لا يملكه الكاتب عمر طاهر، ومن ثم جاءت مواقف فيلم «يوم مالوش لازمة» أقرب إلى «الاسكتشات» التي يعتلي فيها «المونولوجست» خشبة المسرح، أو يقف وراء «الميكروفون،على غرار ما كان يحدث في البرنامج الشهير «ساعة لقلبك» ليؤدي «نمرته» ويغادر من دون أن يُخل بسياق الدراما أو يمثل غيابه أزمة من أي نوع!

حدث هذا بالضبط مع معتز التوني، رغم طرافة تقديمه شخصية طبيب التجميل الجاهل، والممثل الواعد محمد عبد الرحمن وهو يؤدي، بخفة ظل محببة، دور «الصيدلي» الأرعن، كذلك الحال مع الوجه الصاعد محمد أسامة مساعد «المتردوتيل» «شفيع» (بيومي فؤاد) و»الديلر» (أحمد فتحي) ومخرج حفل الزفاف فضلاً عن الممثل القدير سامي مغاوري في دور مدير الأمن الذي تجمعه مائدة واحدة و»الديلر» فيظنه أحد الضباط الذي عمل في خدمته. فالكل يقدم فقرته حسب إمكاناته، وحسب درجة العلاقة التي تربط كاتب النص بالشخصيات التي التقطها من محيطه، ولهذا السبب تفاوتت جرعة الكوميديا من ممثل إلى آخر، وامتلأ الفيلم بممثلين يمكن حذف أدوارهم من دون أن نأسف على غيابهم (هياتم وابنها وبنتها وهالة فاخر)، وعج بمواقف لا طائل من ورائها، على رأسها المشهد القبيح الذي تصورت فيه الأم أن ثمة علاقة شاذة بين ابنها وابن خالته، والافتعال الواضح في مشهد المأذون. بل إن الفيلم كاد يقع في براثن العنصرية، وهو يتناول أزمة التعصب الكروي، وقدم الفريق الإفريقي بشكل غاب عنه الإحساس بالمسؤولية!  

في المقابل نجح المخرج أحمد الجندي في ضبط إيقاع الفيلم (مونتاج وائل فرج)، ولم يغب الوهج عن بعض المشاهد ({الروم كونترول» التي تحولت إلى ملعب «بلاي ستيشن»)، وتعاطي البطل المخدرات في  «تواليت» الفندق، وتوظيف الموسيقى (موسيقى عمرو إسماعيل) وأغنية «بشرة خير» لكن الاستعانة بالتيمة الموسيقية لفيلم «سايكو» مع كل مشهد تظهر فيه «روبي» للإيحاء بأنها مختلة عقلياً لم يحترم ذائقة وعقلية المتفرج، لكنها مناسبة للقول إن روبي، التي أدت دور الفتاة الغيورة المخبولة، جسدت الشخصية باقتدار، وفهم، كبيرين، ولا أبالغ إذا ما قلت إنها بطلة الفيلم الحقيقية، مع الوجوه الجديدة، بينما لم تستثمر ريهام حجاج الفرصة، ولم تغادر المنطقة الرمادية في الأداء، في حين تخلص هنيدي من الصوت العالي لكنه فقد الكثير من التلقائية التي كانت تميزه في بداية مسيرته الفنية!

بلغ الارتباك الذي أصاب السيناريو ذروته في مشهد النهاية، حيث ظهر عنوان على الشاشة يؤكد مرور ثماني سنوات على ليلة العرس، وعلاوة على انتهاك الوحدة الزمنية للأحداث، وخدش دراما اليوم الواحد التي ظلت سمة للسيناريو طوال الوقت، اتسم المشهد بالتباس وغموض ليس لهما ما يبررهما، فالبطل جالس على كرسي مدولب مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، يروي لابنه وقائع يوم العرس الذي يصفه بأنه «يوم ما لوش لازمة»، وفجأة تدخل الأم/ الزوجة فنكتشف أنها  المخبولة «بوسي»، التي تعنفه لأنه أفشى سر اليوم، وتُطالبه بمغادرة الكرسي، ونُدرك أن هيتشكوك في «سايكو» كان أكثر بساطة وأقل تعقيداً!