نظام الأسد انتهى وبانتظار ترتيبات الجنازة!
مع أن الإيرانيين يواصلون حقنه بالإبر المنشطة، ومع أن حسن نصرالله يواصل الإرغاء والإزباد من خلف الحدود الغربية، فإن نظام بشار الأسد أصبح بِحُكم "الساقط"، إذ لم يعد يسيطر إلا على أقل من ربع البلاد، ولم يعد يملك من جيشه "العقائدي" إلا الفرقة الرابعة التي تحرس قصوره الدمشقية وأماكن تواجده وتحركاته المحدودة، وإلا "مروحيات" البراميل المتفجرة وبعض المجموعات المحاصرة التي تنتظر المعارضين لتستسلم لهم.كان مرشد الثورة علي خامنئي أعلن أنه سيرسل قوات برية إلى سورية، وكان الرئيس حسن روحاني قال إن إيران ستبقى تدعم بشار الأسد حتى النهاية، وكان قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وعد و"هدد" بمفاجئة مزلزلة، وكان هذا النظام السوري نفسه قد أعلن عن وصول سبعة آلافٍ من المقاتلين الإيرانيين للدفاع عن دمشق، لكن ما جاء خلافاً لكل هذا أن الناطقة باسم الحكومة الإيرانية مرضية أفخم قد نفت، نفياً قاطعاً، وجود أي قوات لبلادها على الأراضي السورية.
وهذا يعني أن إيران، التي لولاها لما كان هذا النظام البائس قد استمر ولو ستة أشهر فقط بعد انطلاق ثورة عام 2011، تعيش الآن حالة ارتباك وفوضى أكثر من حالة الارتباك والفوضى التي يعيشها بشار الأسد، وحقيقة فإن هذا أمر طبيعي مادام أصحاب الرؤوس الحامية قد أقحموها في هذه الحرب المحتدمة في اليمن وفي حروب العراق التي ما إن تنطفئ نيران إحداها حتى تشتعل نيران عشرين حرباً جديدة، هذا بالإضافة إلى حروب سورية وحروب لبنان وحروب الأوضاع الاقتصادية المتردية والحروب "الأهلية" الداخلية التي من الواضح أنها ستصبح أخطر الحروب وأكثرها كلفة. حتى المندوب الدولي ستيفان دي ميستورا بات يطالب برحيل بشار الأسد وبات يدعو الأميركيين إلى الضغط عليه عسكرياً لحمله على الرحيل، وكان أحد أهم كتاب "واشنطن بوست" الذي هو ديفيد إغناطيوس قد قال في مقال له قبل أيام: "لقد حان وقت البحث عن بديل للرئيس السوري" وإلى جانب كل هذا فإن هناك معلومات مؤكدة تشير إلى أن كبار رموز هذا النظام باتوا يستعدون للقفز من سفينة الحكم وباتوا يُجْرون اتصالات في هذا المجال مع الجيش السوري الحر ومع فصائل أخرى من المعارضة.وأيضاً عندما يخسر هذا النظام البائس فعلاً خلال يومين فقط أهم مراكزه ومواقعه العسكرية في الجبهة الجنوبية... ألا يعني هذا أن بشار الأسد قد انتهى واقعياً وعملياً، وحتى وإن بقي يحتفظ بالشريط الممتد من العاصمة السورية إلى اللاذقية والذي يعني الإصرار على الاحتفاظ به أن هناك تفكيراً جديَّاً في خيار الدولة "النصيرية" إذا تلاشت كل الخيارات الأخرى، والدليل هو محاولات حسن نصرالله وحزبه إخراج مسلحي المعارضة المعتدلة وغير المعتدلة من منطقة القلمون ومن الحدود السورية – اللبنانية.إنها ليست أمنية، بل حقيقة يؤكدها ما يجري على الأرض، فهذا النظام، نظام بشار الأسد، قد انتهى بالفعل ويبقى أنه قبل دفنه لا بد من حفر قبرٍ له ولابد من ترتيبات لجنازته، وهذا يبدو أنه يتطلب موافقة ومشاركة أميركية، لكن ما يزيد الأمور تعقيداً أنَّ هذه الموافقة مرتبطة بإنجاز اتفاقية "النووي" بين إيران والولايات المتحدة.