بينما رفض الاسكتلنديون الانفصال عن وطنهم الام، مغلبين خيار الوحدة، ومعلنين ان ولاءهم للندن، نمت وازدادت وكبرت «دمامل» الفرعية في الكويت، وانتقلت من خارج الجامعة الى داخل اسوارها، وهو امر رفضه الجميع، على الاقل ظاهرياً.
وعادت جاهلية... هذا ما اجمع عليه الاساتذة والطلاب والقانونيون واعضاء مجلس الامة في تعليقهم على انتشار الانتخابات الفرعية بين طلبة الجامعة والمؤسسات الاكاديمية الموازية لها.وطالب الدارسون بمنعها بسبب دورها الرئيسي في تمزيق الوحدة الوطنية ووصول غير ذوي الكفاءة الى ما لا يستحقونه من مراكز يفترض بها ان تستغل لخدمة الطلبة.واعتبرت مجموعة من علماء الاجتماع ان ما يحدث امر طبيعي لأن «من اساء الادب امن العقاب»، مشيرين الى ان تغيير الاسم الى «لجان تشاورية» ما هو الا انعكاس لما يحدث خارج المسرح الاكاديمي، حيث تنتشر ظاهرة «الفزعة» للقبيلة التي تقوم على اساس الدم بغض النظر عن الكفاءة، لافتين الى الدور الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في تغليب الولاء للقبيلة وتوسيع مشاركة ابنائها في»الفرعية».واشار عدد منهم الى ان وجود «الائتلافية» على رأس الاتحاد منذ اكثر من 3 عقود ورغبتها في المحافظة على هذا «الرأس» جعلتها تتبنى هذا الطرح مما حدا بقوائم اخرى الى مجاراتها في هذا المنحنى.وواصل الولاء للدولة انحداره في ظل سكوت الادارة الجامعية عما يحدث داخلها، ويقول عضو الهيئة التدريسية في قسم العلوم الاجتماعية د. بدر العيسى ان «الجامعة لا تحرك ساكنا وتقف موقف المتفرج، بل تمنح المنتصر حرية الاحتفال بالنتائج الانتخابية قريبا من القاعات الدراسية! لكنها لو طبقت القانون وفصلت المتسببين في شرخ اللوائح لتراجعت هذه الظاهرة»، مؤكدا ان المطلوب هو «تحمير العين»، في الوقت الذي اختلف فيه القانونيون حول: هل الفرعيات الجامعية مخالفة أم لا؟من جهتها، طالبت اللجنة التعليمية في مجلس الامة بمنع جميع «الفرعيات»، سواء تلك القبلية او التي تنظمها التيارات السياسية!أكدت عضو هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.مرزوقة القويضي، أن كل ما يحدث في الجامعة هو انعكاس تام للمجتمع، مشيرة الى أنها مجتمع مصغر عن المجتمع الأكبر، بحيث أصبح وجود "الفرعيات" أمرا طبيعيا، نظرا لغياب تطبيق القانون بشكل عام تطبيقا للمثل القائل: "من أمن العقوبة أساء الأدب". وأضافت أن الطلاب لم يجدوا ضيرا في تطبيق ما يحدث خارج أسوار الجامعة في الجامعة نفسها، مشيرة إلى أن الطلاب يريدون أن يكون هناك تمثيل لكل قبيلة وتوجّه وفكر.وأشارت إلى أن الطلبة أطلقوا عليها اسم "اللجان التشاورية" بين أعضاء القائمة الواحدة، و"هو مماثل لذلك المستخدم على مستوى المجتمع الكويتي، إضافة إلى استخدام مصطلح "الممثل الشرعي للطلبة"، وهو مصطلح نيابي، لكون النواب هم ممثلو الأمة.وتشمل تلك اللجان الفرعية عددا من القبائل المعروفة والعائلات ذات مختلف التوجهات.وقالت إن ظاهرة الفرعيات غير صحيحة وغير سليمة، في وقت يجب على الحرم الجامعي أن يخلو من التعصبات القبلية والفكرية والطائفية، بحيث يكون صوت الطالب حرا قائما على توجّه القائمة بالنظر إلى إمكاناتها في مساعدة الطلبة وتلبية احتياجاتهم"، لافتة إلى أن عددا كبيرا من طلبة أحد المقررات التي تدرسها أشاروا إلى أن صلة القرابة تعد سببا رئيسا لهم للإدلاء بصوتهم لقوائم أو أشخاص بعينهم، بغضّ النظر عن مدى كفاءتهم واستعدادهم لخدمة الطلبة، وهو ما يسمى بـ"الفزعة".دور كبيروحول أبرز العوامل التي تعزز من تأثير الفرعيات، أشارت القويضي إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في هذا المجال، منها "تويتر" و"انستغرام"، بالإضافة إلى غياب المساءلة القانونية، سواء داخل الجامعة أو خارجها.من جانبه، أكد عضو هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في الكلية ذاتها د.خالد الشلال، أن الانتخابات الطلابية مصدر فخر، لأنها وبإتاحة المشاركة الطلابية تمثل تطبيقا للديمقراطية، بحيث تعد الجامعة بمنزلة المدرسة الأولى للطلاب، ولا تقتصر تلك الانتخابات على الحياة الجامعية فحسب، بل وامتدت إلى المرحلة الثانوية. ولفت إلى أن جامعة الكويت منذ تأسيسها عام 1966، ومع بدء ممارسة العمل التقابي وانطلاق الاتحاد الطلابي، خلت الانتخابات آنذاك من أي شكل من أشكال التعصب، ولم يلتفت أحد لأي انتماءات قبلية أوعرقية أو طائفية، والحال نفسها بالنسبة لاتحادات الطلبة في الدول التي حوت دارسين كويتيين كأميركا وبريطانيا.وأضاف أنه ومع مرور الوقت وتطور الوضع السياسي في مجلس الأمة، أضحت الانتماءات بمنزلة بداية لتربية نشء جديد يمثل الأعضاء الحاليين للوصول إلى مجلس الأمة، وهم جميعهم على ارتباط بتجمعات خارجية، سواء كانت دينية وإسلامية أو قبلية، وهو الأمر الذي يعبّر عنه الواقع الجامعي الحالي.طرف أساسيولفت الشلال إلى أن التيار الديني المتمثل بقائمة "الائتلافية" في الجامعة هو طرف أساسي مؤثر في موضوع الفرعيات، لكونها قادت اتحاد طلاب الجامعة لما يقارب 35 عاما، مع تسجيل تقدم بسيط لقائمة "المستقلة"، وليس بالضرورة أن يحمل جميع المنتسبين لهذا التيار صبغة إسلامية، مؤكدا أنه التيار نفسه الذي يساهم في نجاح الأعضاء في مجلس الأمة.ومن جانبه، أكد عضو هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية د. بدر العيسى أن اللجان التشاورية الطلابية في تطور ونمو وازدياد منذ أكثر من 3 سنوات، وساهم في انتشارها إقبال الطلاب الملحوظ على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في السنتين الأخيرتين.وقال العيسى إن التشاورية تمهد الطريق أمام الطلاب للعمل في مجلس الأمة الذي يتخد االلجان لأسلوب ذاته والسلوكيات السلبية نفسها، متسائلا: "إن كانت تلك الممارسات موجودة في مجلس الأمة، فلماذا نستغرب وجودها بين الأوساط الطلابية ممن ينتمي للقبائل ذاتها؟"ولفت إلى أن الولاء للقبيلة في ازدياد ونمو، في مقابل تراجع مفهوم المواطنة بشكل قد لا ينفع معه استخدام الوسائل التوعوية فحسب، بل بالحزم في تطبيق الدولة للقوانين المتعلقة بالفرعيات المنتشرة في المجتمع، واتباع سياسة "تحمير العين" والصرامة، حيث إن الإنسان مجبول بفطرته على التعلّم من الحزم في مقابل التسيب الذي يؤدي إلى مخالفة القوانين.ومن جانبه، أكدت الطالبة في كلية العلوم الاجتماعية، مي المرزوق، أن اللجان الفرعية في الانتخابات الطلابية ظاهرة سلبية بدت ملامحها في السنوات الأخيرة معمقة التعصب القبلي والطائفي، "حيث تزكي القبيلة مرشحيها بإجماع أعضائها على أساس التأييد الطلابي الذي حصل عليه هؤلاء الأعضاء، ويصوت الطلاب للمرشحين بناء على الانتماءات القبلية وصلة القرابة التي تجمع بينهم.ورفضت الطالبة في كلية الآداب، دانة المرزوق، وجود اللجان الفرعية في انتخابات الجامعة، لأن معظم من يعمل بها من القوائم همهم الأول ضمان صوت الطالب إلى جانبهم،" في وقت لا تتعدى وعودهم للطلاب، لكونها "حبرا على ورق".من جهتها، قالت الطالبة في كلية العلوم الاجتماعية، العضوة في قائمة المستقلة في الكلية، خديجة الموسوي، إن من أضرار انتشار الفرعيات تغليب المشاركين فيها مصالح القبيلة، وليس المطالبة بحقوق الطلاب والدفاع عنها، لافتة الى أن على القوائم أن تضم طلابا من جميع أطياف المجتمع، وألا يمثل الطالب إلا نفسه في الانتخابات.من جانبه، قال الطالب سالم البلوشي إن هذه الظاهرة تحدث كل عام انتخابي يشارك فيها الطلبة عن طريق "التزكيات" أو "الفرعيات" على أساسها يتم إعطاء الصوت لانتمائه لنفس القبيلة التي ينتمي لها الناخب، وهذا لا يخدم المصلحة الطلابية، نظرا لإحيائه التشدد القبلي الذي يقتل "الوحدة الوطنية" في نفوس الطلبة.قبلية وطائفيةوأوضح الطالب محمد الزامل أن للفرعيات أثرا بالغا في إحياء القبلية والطائفية في نفوس طلبة الجامعة، مشيرا الى أن "الفرعيات" مجرّمة قانونيا، ويجب محاربتها في شتى الطرق كي نقلل من انتشارها في المجتمع الكويتي، ويجب على الطلبة ألا يكونوا تحت ظل القبلية في الانتخابات الجامعية، بل على مبدأ الوطنية.ولفت الطالب فيصل الشايع الى أن ظاهرة "الفرعيات" موجودة، ولكن خارج أسوار الجامعة، فهي تتم عن طريق الوجود في مقار القائمة أو الرابطة الخارجية كالديوانية، أو المزرعة، ويتم من خلالها تزكية الأعضاء من قبل أبناء القبيلة في الفرعية التي تكون بينهم في الانعقاد بالخفاء والتزكية بالعلن، ومن ثم يتم إظهار المرشحين كي يتم تحفيز روح القبلية في هذا السياق.وقال الطالب عصام الأسعد إن "الفرعيات" لها أثر بالغ في تشتت المصلحة العامة للطلبة، حيث من خلال يستقيم دور "المحسوبية"، حيث يكون الشخص المرشح محسوب على العديد من أبناء قبيلته، والعمل بجهد في خدمتهم عند النجاح في الانتخابات، الأمر الذي يستدعي نسيان بقية طوائف الطلبة، وأن هذا الشيء موجود وبكثرة في جامعة الكويت، نظرا لما نسمعه في المهرجانات الخطابية التي تحصل في فترة الانتخابات. مرشح القبيلةوأشار الطالب يوسف السعيد الى "أنه مع الأسف العديد من الطلبة في الانتخابات الجامعية يقبلون على صناديق الاقتراع، وذلك بسبب انتقاء "مرشح القبيلة" الذي ينتسب لهم وليس اختيار القائمة أو الرابطة التي تعمل بجهد في خدمة المجاميع الطلابية داخل أسوار الجامعة.وبينت الطالبة ابتهال أنور أن للفرعيات أثرا بالغا في تمزيق "الوحدة الوطنية"، لافتة الى أن طلبة الجامعة جيل واع قادر على التغير في شتى محافل المجتمع الكويتي، وأن اتباع هذا المنظور يمثل خطرا على المصلحة الطلابية في الجامعة.وذكرت الطالبة سارة الحمد "أينما كنا، فنحن في مجتمع مدني لا يقيد الحريات، بل يدعمها من خلال تبادل الأنماط، والتعرف على ثقافات أخرى، والتبادل في الآراء، وإعطاء كل حق حقه، ولكن ذلك الحديث يختلف تماما عن "الفرعيات"، التي تمزق الحريات ولا تكفلها، بل تساعد على التبعية، وعلى إحياء الروح القبلية الانتمائية التي تحدث في "الفرعيات الطلابية".
آخر الأخبار
«الفرعيات»... على عينك يا جامعة
08-10-2014