انقسمت الفرق الموسيقية في مصر إلى نوعين رئيسين: الأول تجاري لامع تصدر الفضائيات وتعاقد مع كبار المنتجين، والآخر مستقل سعى إلى تقديم موسيقى مختلفة ومخاطبة شريحة محدد من الجمهور، فاعتاد المصريون الأداء الجماعي في الموسيقى بداية من {واما} مرورا بـ {بلاك تيما}، {كايروكي}، {مسار إجباري} وصولا إلى {وصلة} و{عمدان نور} .
كانت فرقة {واما} إحدى أنجح الفرق الموسيقية وذاع صيت أغانيها قبل تفككها وانفصال أعضائها، يغني كل منهم بشكل منفرد مع انخراط بعضهم في تجارب تمثيلية أبعدتهم عن الغناء.بدوره، حقق فريق MTM المكون من ثلاثة أفراد نجاحاً، ولاقت أولى أغانيه {أمي مسافرة} نجاحاً امتدّ إلى أغانيه التالية، إلا أنه ما لبث أن اختفى...تقف فرقة {بلاك تيما} في نقطة وسط بين الفرق التجارية، وما أعقبها من موسيقى مستقلة، تميز أعضاؤها بتقديم أغان من التراث النوبي، تلتها بعد ذلك فرق: {مسار إجباري، كايروكي، مشوار، سط البلد، وإسكندريلا}.المؤكد أن هذه الفرق اكتسبت شعبية وجماهيرية، لا سيما بعد الثورة، خصوصاً فريق {كاريوكي} نظراً إلى الأغاني التي قدمتها وتعبر عن الواقع بما فيه من أحلام وإحباطات.مجاراة المزاج العاميؤكد هشام أنس عازف عود في فرقة {عمدان نور} أنه غالباً ما تتأسس هذه الفرق بشكل جماعي، ولا يكون خلفها شخص واحد يتخذ القرار ويحشد الباقين بشكل مركزي، بل تشترك مجموعة في بلورة كيان خاص بها، مشيراً إلى ميل فرقته في التعبير عن حالة الناس بغض النظر عن المرحلة التي يمرون بها، وموضحاً أن فرقته لم تقصد التركيز في الغناء على الثورة، بقدر ما قصدت مجاراة المزاج العام لدى المصريين في مرحلة معينة وتلبية متطلباتهم.يضيف أن فرقته تعتمد على المزج بين التراث الشرقي القديم والموسيقى الحديثة، مطالباً باقي الفرق بالحفاظ على الطابع الذي تميزت به وكان السبب في احتواء الجمهور لهذه النوعية من الفن .بدوره يرى الملحن إيهاب عبد الواحد أن الفرق الجماعية عموماً تسعى إلى تقديم {موسيقى بديلة} لتلك التي يتولاها النجم الأوحد صاحب الألبوم الموسمي، مشيراً إلى أن الموسيقى الجماعية، في شكلها الشبابي المستقل، انطلقت بحرية وتمحورت حول قضايا سياسية واجتماعية، وناقشت مشاكل المصريين باعتبارها فناً جاداً وهادفاً وينعكس إيجاباً على جمهوره.يضيف أن الفرقة لم تقصد الغناء للثورة، لأن الثورة ظاهرة سيأتي يوم وتنتهي، بل تعبر عن حالة الشعب المصري الذي عانى بطش النظام السابق، كما في أغنية {فلان بن الأمير} التي تتحدث عن التمييز الطبقي، وتحولت، بعد الثورة، إلى أغنية {فلان بن الوزير}.تيار تجاريينتقد الكاتب وعازف الغيتار رامي أبادير الفرق المستقلة، مؤكداً أنها لم تعد {مستقلة}، بل انجرفت في {التيار التجاري}، من خلال شركات استهلاكية كبرى ومعروفة، أدت دور الراعي لحفلاتها ومختلف فاعلياتها، واعتمدت في توزيع تذاكر حفلاتها على منافذ توزيع ضخمة، على غرار {ميغا ستور} و}فيرجن} وغيرهما، وشاركت في برامج شهيرة تقدمها فضائيات تابعة لرجال أعمال مثيرين للجدل، وبالتالي فقدت ما كان يميزها.يضيف أنه لا يرى عيباً في هذا التحول أو التخلي عن الطابع الذي ظهرت به تلك الفرق، بل العيب في التمسك بتصنيف لم يعد حقيقياً، محملا الجمهور جزءاً من المسؤولية.يتابع: {من غير الوارد أن تخرج تلك الفرق وتعلن أنها انحازت إلى المال والشهرة، ولكن لا يجب على متابعيها الإبقاء عليها في إطار نخبوي مستقل، لمجرد تعزيز ذوق المتلقي وتصدير صورة على أنه متفرد ويتابع كل ما هو مختلف. كذلك لا يجب على الجمهور الاستمرار في قناعته بأن هذه الفرق تحتفظ بوجهها المستقل وتعبر عنه، بل النظر إلى جودة الأعمال المقدمة وتقييمها فنياً بشكل حقيقي بعيداً عن التسميات والتعصب.أما هادي لبيب مدير {فرقة كايروكي} فيعبّر عن تفاؤله بالمرحلة الحالية، وما وصلت إليه الفرق الغنائية، مشيراً إلى أن فرقته لم تتخلَّ عن مبادئها، بل كانت مع المصريين منذ البداية، وشاركت بشكل أساسي في تجسيد حالتهم في 25 يناير ومشاركتهم ثورتهم .يعترف لبيب لـ {الجريدة} أن النقاد الفنيين ينتقدون باستمرار {كايروكي} ومسيرتها، مؤكداً أن أعضاء الفرقة حققوا نجاحات اجتماعية على المستوى الشعبي أكثر من أي مكاسب أخرى تجارية أو اقتصادية، ومعرباً عن أمله في أن تصل أصوات الفرق الغنائية إلى مزيد من الجمهور والمتابعين والشباب .
توابل - مزاج
الفرق الغنائية... إخفاقات ونجاحات ومستقبل غامض
27-10-2014