دخلت قوات الرئيس السوري بشار الأسد أمس في حالة من الانهيار، مع خسارتها المفاجئة معسكر الحامدية الواقع على طريق دمشق - حلب في محافظة إدلب، في ثاني ضربة تتلقاها خلال ساعات بعد طردها من معسكر وادي الضيف القريب، في محيط مدينة معرة النعمان بريف إدلب.

Ad

تمكنت جبهة النصرة، الذراع السورية لتنظيم القاعدة، أمس، من السيطرة على أكبر قاعدتين عسكريتين لقوات نظام الرئيس بشار الأسد في ريف إدلب (شمال غرب) إثر هجوم استمر نحو 24 ساعة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن «جبهة النصرة مدعمة بتنظيم جند الأقصى سيطرت على معسكر وادي الضيف ومحيطه بريف مدينة معرة النعمان، بعد هجوم عنيف بدأته صباح أمس (الأحد)، وتمكنت خلاله من السيطرة على حواجز ومواقع قوات النظام داخل المعسكر ومحيطه».

وحاصرت قوى المعارضة معسكر وادي الضيف الخاضع لقوات النظام منذ عامين دون أن تتمكن من السيطرة عليه، بحسب مدير المرصد، الذي أوضح أن تقدم الجهاديين له اهمية رمزية كبيرة، كما انه يظهر ان جبهة النصرة تسيطر فعلا على المنطقة.

وخلال هجومها على معسكر وادي الضيف «استخدمت جبهة النصرة دبابات وأسلحة ثقيلة أخرى كانت قد استولت عليها الشهر الماضي من جبهة ثوار سورية (المدعومة من الغرب)»، بحسب المرصد.

معسكر الحامدية

وبعد ساعات، قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن «جبهة النصرة وتنظيم جند الأقصى وحركة أحرار الشام سيطرت على معسكر الحامدية شرق مدينة معرة النعمان الاستراتيجية بشكل كامل عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام التي انسحبت باتجاه بلدتي بسيدا ومعرحطاط».

وزاد ان الكتائب الإسلامية تمكنت «من أسر 15 عنصرا من قوات النظام بينهم ضابط على الأقل، في حين نفذ الطيران الحربي ما لا يقل عن 12 غارة على منطقة معسكري وادي الضيف والحامدية، كما قصف الطيران المروحي بثلاثة براميل متفجرة على الاقل المنطقة ذاتها».

وسيسمح هذا الانتصار السريع لجهاديي النصرة بالسيطرة على أغلب مناطق ريف ادلب الحدودية مع تركيا. ويسيطر مقاتلو المعارضة على معرة النعمان منذ أكتوبر 2012. ويحاولون منذ ذلك الوقت التقدم في اتجاه معسكري الحامدية ووادي الضيف القريبين اللذين توجد فيهما قوات ضخمة للنظام يتم تأمين الإمدادات لها غالبا عبر الجو.

تقدم نظامي

في المقابل، ذكر المرصد ان الجيش النظامي استرد منطقة الى الشمال من حلب، وقتل أفرادا من المعارضة، في ما دارت معارك ضارية للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية.

وتشهد حلب، ثاني أكبر مدن سورية، اشتباكات بين قوات موالية للحكومة وجماعات من المعارضة، بما في ذلك جناح تنظيم القاعدة في سورية وألوية اسلامية ومعارضون يؤيدهم الغرب. ودك قصف القوات الجوية السورية مناطق تسيطر عليها المعارضة، واستخدم الجيش البراميل المتفجرة، وهي عبوات ناسفة بدائية محشوة بالشظايا والمسامير.

وأوضح المرصد ان القوات الموالية للحكومة استولت على منطقة مزارع الملاح خارج حلب، وتسعى الآن إلى تأمين مناطق في الغرب وقطع خطوط امداد المعارضة الى المدينة، مؤكدا مقتل 34 من عناصر الجماعات الإسلامية، ومنها جبهة النصرة، عندما هاجم النظام مواقعهم بدعم من فصائل محلية وأجنبية.

وأكدت وكالة الأنباء السورية أن الجيش «يضيق الخناق على الإرهابيين في حلب بعد تحقيقه تقدما جديدا»، مشيرة إلى أن القوات الموالية للحكومة استولت على منطقة الملاح بالكامل، وأيضاً مناطق الى الجنوب والغرب من بلدة حندرات بالريف، وقالت ان اعدادا كبيرة قد قتلت من قوات «العدو».

مبادرة ديميستورا

في هذه الأثناء، واصل مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان ديميستورا، اجتماعاته الهادفة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار في حلب المقسمة، حيث يعقد في بروكسل اجتماعا مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ليضعهم في أجواء الاتصالات التي أجراها مع مسؤولي المعارضة والنظام في ما يتعلق بخطته المقترحة.

ووفقا لمصادر دبلوماسية غربية، فإن ديميستورا سوف يبحث الطلبين الأوروبي والأميركي الخاصين بتأمين مراقبين للإشراف على تنفيذ خطة تجميد القتال في حلب. وقد سبق اللقاء معلومات تفيد بأن وزراء الخارجية الأوروبيين يبحثون تعيين مبعوث أوروبي إلى سورية، والدفع في اتجاه اتفاق يتوصل إليه ديميستورا، يشكل لبنة أساسية لبناء الثقة بين المتحاربين، وسط توافق على دعم الخطة التي جاء بها لتجميد القتال في حلب.

ومن المتوقع أن يبحث اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل رئيسي المبادرات المطروحة لحل الأزمة السورية سواء خطة ديميستورا، أو المبادرة الروسية، إضافة لدراسة المقترحات الفرنسية والأميركية لوقف النزاع. وسيبحث الاجتماع آليات ملزمة للنظام بتجميد العمليات العسكرية والحصول على دعم مجلس الأمن للخطة لاحقا.

تأمين مراقبين

أما الجديد بحسب المصادر، فمطالبة واشنطن ودول أوروبية بتأمين مراقبين للإشراف على تنفيذ خطة ديميستورا، الذي سبق وطمأن المعارضة، بالتأكيد على أن خطة التجميد تعني وقف العمليات العسكرية وليس إعادة نشرها، مع تحذيره من أن أي خرق للتجميد سيقابل بإجراءات عقابية وفق قرار محتمل من مجلس الأمن، إضافة إلى تطميناته بأن تجميد القتال في حلب ليس على الإطلاق جزءا من أي مشروع لتقسيم سورية.

شبكة جهاديين

وفي فرنسا، قامت أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية أمس بتفكيك شبكة تقوم بإرسال جهاديين إلى سورية وأوقفت نحو 10 أشخاص، لاسيما في منطقة تولوز (جنوب) والنورماندي (غرب) ومنطقة باريس.

ونفذت الاعتقالات قوات مديرية مكافحة الإرهاب في الشرطة القضائية الفرنسية وعناصر وحدة «ريد» وهي وحدة نخبة في الشرطة، بمساعدة قوات أخرى، بحسب مصادر في الشرطة، أوضحت أن العملية شملت بين 10 و15 هدفا نتيجة تحقيق لمديرية مكافحة الارهاب استغرق أشهرا إثر تلقي معلومات أفادت عن احتمال مغادرة شخص إلى سورية.

وبحسب الأرقام الرسمية، هناك أكثر من 400 فرنسي في سورية. كما أبدى أكثر من مئتين آخرين نية في الرحيل وعاد نحو 120، بينما هناك نحو مئتين في طريقهم الى سورية وخمسين قتلوا هناك.

وبالرغم من تطبيق فرنسا تشريعات تعتبر من الأكثر قمعا في العالم وتم تشديدها في نوفمبر مع إضافة إمكانية سحب جواز السفر من مشتبه به، فإن موجة المغادرة للانضمام الى الجهاد تستمر.

(دمشق، بروكسل - أ ف ب، رويترز، د ب أ)