«المركز العربيّ للأبحاث»: الشارع العربي منقسم حول الثورات العربيّة
أظهرت نتائج استطلاع المؤشر العربي لعام 2014 الذي أجراه المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، انقساماً في الشارع العربي حول تقييم الثورات العربيّة، قضايا الحركات الدينية المتطرفة، فصل الدين عن السياسة في حين احتلت البطالة صدارة المخاوف والهموم...
أوضح الدكتور محمد المصري، منسق وحدة الرأي العام في المركز العربي، أنّ استطلاع المؤشر العربي الذي ينفذه المركز للعام الثالث على التوالي هو أضخم مسحٍ للرأي العام في المنطقة العربيّة، وتمثّل بياناته مصدراً مهماً لصنّاع القرار والباحثين والمهتمين بشؤون المنطقة العربية.المؤشّرُ العربيُّ، استطلاعٌ سنويّ ينفّذه المركز العربيّ في البلدان العربيّة؛ بهدف الوقوف على اتّجاهات الرّأي العامّ العربيّ نحو مجموعةٍ من المواضيع: الاقتصاديّة، الاجتماعيّة، السياسيّة، بما في ذلك اتّجاهات الرّأي العامّ نحو قضايا الدّيمقراطيّة، والمشاركة السياسية والمدنيّة.
شمل الاستطلاع (نفِّذ من يناير إلى يوليو 2014)، 14 بلداً عربياً، هي: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، السّودان، فلسطين، لبنان، الأردن، العراق، السعوديّة، اليمن، والكويت، فضلاً عن عينةً من المُهجّرين واللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن وداخل الأراضي السورية المحاذية للحدود التركية. شارك في الاستطلاع 26618 مستجيباً أجريت معهم مقابلات شخصيّة وجاهية ضمن عيّناتٍ ممثّلة لتلك البلدان.تفاؤل بالربيع العربيأظهرت النتائج انقساماً في تقييم الثورات العربيّة، فقد أفاد 45% من الرأي العامّ أنّ الثورات العربيّة والربيع العربيّ هي تطوّرات إيجابيّة، مقابل 42% عبّروا عن تقييم سلبيّ لها. وقد فسَّر الذين قيّموا الثورات بأنها سلبيّة بسبب الخسائر البشريّة الكبيرة، وعدم تحقيق الثورات أهدافها، وحالة الاستقطاب السياسي الحادّ، وتدهور الأوضاع الاقتصادية. ولم تكن نسبة الذين قيّموا الثورات بطريقةٍ سلبيّة انطلاقاً من موقف معادٍ للثورات نفسها ذات بال؛ إذ إنّ 5% فقط ترى أنّ الربيع العربيّ هو مؤامرة خارجيّة.ومع أنّ ثمة انقساماً في تقييم الثورات العربيّة، فإنّ الرأي العام العربي ما زال متفائلاً بالربيع العربي، إذ إنّ غالبية الرأي العام (60%) ترى أنّ الربيع العربي يمرُّ بمرحلةِ تعثرٍ، لكنه سيحقق أهدافه في نهاية المطاف، مقابل 17% يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وعادت الأنظمة السابقة إلى الحكم. وذكر مواطنو المنطقة العربية التدهور الأمني في بعض البلدان، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، والتدخل الخارجي، وظهور الحركات المتطرفة، وتحريض قوى الأنظمة السابقة، وتحريض وسائل الإعلام، بوصفها عوامل رئيسة أسهمت في تعثّر الربيع العربي.ينحاز الرأي العامّ العربيّ لتأييد الثورة السوريّة؛ إذ أيّد 68% من المستجيبين تنحّي بشّار الأسد عن السلطة، مقابل معارضة 16%.انقسم الرّأي العامّ العربي بشأن قرار عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي؛ إذ رأى 41% من المستجيبين أنّه قرارٌ سلبيٌ لأنه يعدّ انقلاباً عسكرياً على إرادة الشعب، وأنه جاء للحيلولة دون التحول الديمقراطي، وأنه اعتداء على شرعية الانتخابات وانتهاك للدستور. في المقابل، أفاد أقل من ثلث المستجيبين أنّ هذا القرار كان إيجابياً لأنه جاء لإنهاء الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار، أو نتيجة لفشل مرسي في الحكم، أو لأنه جاء تلبية لرغبة الشعب المصري، أو للحدِّ من سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة.عبّر مواطنو المنطقة العربية عن مخاوف محدودة أو كبيرة من زيادة نفوذ الحركات الإسلامية السياسية، وكذلك من زيادة نفوذ الحركات غير الإسلامية العلمانية. وأفاد 43% من المستجيبين أنّ لديهم مخاوف من الحركات الإسلاميّة السياسية مقابل 40% قالوا إنه ليست لديهم مخاوف منها. وأفاد 37% من المستجيبين بأنّ لديهم مخاوف من الحركات العلمانية مقابل 41% أفادوا أنْ ليس لديهم مخاوف منها.خوف من البطالة تُظهر نتائج المؤشّر العربي أنّ تغيّراً مهماً طرأ على أولويّات المواطنين في المنطقة العربيّة؛ إذ أورد المستجيبون غياب الأمن والأمان باعتباره أهمَّ مشكلةٍ تواجه بلدانهم.وكشفت نتائج المؤشر العربي أنّ الأوضاع الاقتصادية لمواطني المنطقة العربية غير مرضية على الإطلاق؛ إذ إنّ 42% قالوا إنّ دخل أسرهم يغطّي نفقات احتياجاتهم، ولا يستطيعون أن يوفّروا منها (أسر الكفاف)، وأفاد 32% من الرأي العامّ أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز؛ إذ إنّ دخلهم لا يغطّي احتياجاتِهم.الدين والتديّنحول أثر الدين والتديّن في الحياة العامّة والحياة السياسيّة، أظهرت النتائج أنّ مواطني المنطقة العربيّة أفادوا أنّهم إمّا «متدينون جداً» (24%)، أو «متديّنون إلى حدٍّ ما» (63%)، في مقابل 8% «غير متديّنين».مع أنّ غالبية المستجيبين هم من المتديّنين، ترفض غالبية الرأي العامّ تكفير من ينتمون إلى أديان أخرى أو من لديهم وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين.كذلك تشير النتائج إلى أنّ أكثريّة المواطنين ليس لديها فرق في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المتديّنين وغير المتديّنين، إضافة إلى أنّ غالبية الرأي العامّ ترفض أن يؤثّر رجال/ شيوخ الدين في قرارات الحكومة أو في كيفية تصويت الناخبين. وترفض الأكثرية أن تستخدم الدولة الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، وأن يستخدم المترشّحون للانتخابات الدين لكسب أصوات الناخبين. وكشفت بيانات المؤشّر العربيّ أنّ الرأي العامّ في المنطقة العربيّة منقسمٌ بخصوص فصل الدين عن السياسة.أمة واحدة أظهرت النتائج أنّ 81% من الرأي العامّ العربيّ يرى أنّ سكّان العالم العربيّ يمثّلون أمّةً واحدةً، وإنْ تمايزت الشعوب العربيّة بعضها عن بعض، مقابل 14% قالوا إنّهم شعوب وأمم مختلفة.كذلك قيّمت أكثرية الرأي العام سياسات الولايات المتحدة وروسيا وإيران تجاه المنطقة العربية بأنها سلبية، وكان تقييم سياسات تركيا والصين أكثر إيجابية. أمّا بالنسبة إلى الأمن القوميّ العربيّ، أفاد 66% بأنّ إسرائيل والولايات المتّحدة هما الأكثر تهديداً للأمن القومي العربيّ. ورأى 9% أنّ إيران هي الدولة الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربيّ. وأظهرت النتائج أنّ 87% من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بإسرائيل.وكشفت نتائج المؤشّر العربيّ أنّ التلفزيون الوسيلة الأولى التي يعتمدها المواطن العربيّ في متابعة الأخبار بنسبة 76%، ثم شبكة الإنترنت (7%)، فالإذاعات، والصحافة اليومية (6% لكلٍ منهما). وجاءت قنوات التلفزة الوطنية في الصدارة باعتبارها أكثرَ مصدرٍ معتمَدٍ للأخبار. وتلتها بفارقٍ بسيط قناة الجزيرة، ثمّ قناة العربيّة.