أكد المدير العام لمنظمة العمل العربية د. أحمد لقمان، أن «الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية، أثرت سلباً على واقع سوق العمل العربي، الذي خرج منه قرابة مليوني عامل، وذلك زاد نسب البطالة في الدول العربية إلى 20 مليون عاطل»، في حين أن «المنطقة العربية معرضة لمزيد من المخاطر، المتمثلة في زيادة نسب البطالة، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في اليمن وسورية والعراق وليبيا، إضافة إلى الأوضاع المضطربة المحيطة التي تلعب دوراً في تبخر رأس المال المحلي، وهروب المستثمر الأجنبي».
وقال لقمان في حوار مع «الجريدة»، إن «الحديث عن شراء الكويت منصب رئاسة منظمة العمل العربية يحمل في طياته الكثير من الظلم والسطحية، لأسباب عدة أولها، أنها المرة الأولى التي تشهد انتخابات رئاسة المنظمة ترشح 7 ممثلين عن دول عربية، بينما الترشيحات السابقة كافة تقدم خلالها في أكثر مرة 3 مرشحين فقط، ولا ننسى أن تلك الدول يجب أن تحسب لها رغبتها في المشاركة بإيجابية، أما الانسحاب فلا يعني اللعب من تحت الطاولة، أو شراء الولاءات، بل يؤكد لغة التواصل العربي». مؤكداً أن «أي نوع من أنواع الضغوط لم يمارس على الدول التي شاركت في الانتخابات حتى تعلن انسحاب ممثليها»، مضيفاً أن «سوق العمل الكويتي، واعد ومستوعب ويتمتع بحراك وتطور متواصل، وبالتالي يظل رافداً قوياً لاستقطاب العمالة الوطنية والعربية».وفي ما يلي نص الحوار:• نود التعرف على أبرز الأسس التي تقوم عليها منظمة العمل العربي؟- المنظمة عبارة عن وكالة عربية متخصصة في قضايا عدة، على سبيل المثال قضايا التشغيل، وكل ما يرتبط بها، وقضايا العمل والعمال، وهي المنظمة العربية الوحيدة التي تشارك فيها كل من الحكومات متمثلة في وزارات العمل، وغرف التجارة والصناعة، واتحادات العمال، غير أننا نجحنا أخيراً في توسيع دائرة الحوار المجتمعي بحيث تم ضم الشخصيات الاقتصادية الفاعلة إلى المنظمة، من وزارات التخطيط والاقتصاد.وإلى جانب ذلك، نجحنا في توسيع الجانب الاجتماعي بانضمام وزارات التربية، والوزارات المعنية بشؤون التدريب ومؤسسات الضمان الاجتماعي، لاسيما أن قضايا التشغيل ليست متعلقة بأطراف الإنتاج الثلاثة، أو بوزارات العمل فحسب، بل الموضوع أشمل وأعم من ذلك، فهو عبارة عن توجه وسياسات الحكومة، «لذلك حينما أشركنا الوزارات ذات التأثير في سلم الحكومات تغيرت معالم الاهتمام، ومن حسن الطالع أن قمة الكويت تبنّت مخرجات المنظمة التي ظهرت في قمة الدوحة، وأعلنت قضايا العقد العربي للتشغيل، والحد من البطالة، وهذه كلها سابقة من نوعها، ما يؤكد أن المنظمة كانت محقة في رفع وتيرة المخاطر، مما دار في العالم العربي خلال عام 2011، الذي حاول البعض التقليل منه، حينها تم التعاطي من مخرجات المنظمة بشكل أكثر اهتماماً، وأدرجت على سلم الاهتمامات والأولويات، ولم تعد في إطار الإعلام أو سياسات الدول فقط، بل باتت محط اهتمام القادة والحكومات العربية.الدعم المالي• بأي الطرق تحصل المنظمة على الدعم الذي يساعدها في تنفيذ سياساتها؟- الدعم أنواع.. والعاجل فقط الذي لا يملك مصادر متنوعة للدعم، فهناك دعم سنوي محدد ضمن ميزانية المنظمة، حيث تتولى كل دولة دفع مساهمتها وفقاً لأنصبتها في جامعة الدول العربية، إلى جانب هذا، هناك الدعم المعنوي الذي يأتي من خلال المنظمات الإقليمية والدولية، فضلاً عن الدعم الذي تقدمه الدول العربية في صورة معونات، أو من خلال البرامج التي تقتنع، وتتولى تمويلها وتغطية تكاليفها.20 مليون عاطل• كيف أثرت الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية حالياً، على واقع سوق العمل العربي، وزيادة معدلات البطالة، خصوصاً بين الشباب، ومدى تأثير هذه الصراعات على الأقليات؟- لا يمكن توفير فرص عمل بالصورة المطلوبة، أو تحقيق التنمية المستدامة في ظل نشوب الصراعات وغياب الاستقرار، فاضطراب الأمن في منطقتنا العربية، وانشغال القادة بالتعاطي مع الملفات السياسية لترتيب البيت العربي من داخل، جاءت كلها على حساب الملفات الاقتصادية والاجتماعية، ورفعت نسب البطالة في الأسواق العربية، فإذا قارنا بين عامي 2011 و 2014، تجد أن نسب البطالة زادت قرابة 3 في المئة، وخرج من سوق العمل قرابة مليوني عامل، ما زاد نسب البطالة في الدول العربية إلى 20 مليون عاطل.رقم «متواضع»وهناك كثيرون يقولون، إن «هذا الرقم متواضع»، غير أن هناك فرقاً ما بين الأرقام التي تطلق دون أسس، والأرقام التي نعتقد أنها قريبة من الواقع أو تزيد قليلاً، وهنا نود التأكيد على أن المنطقة العربية معرضة لمزيد من المخاطر، المتمثلة في زيادة نسب البطالة، في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه في اليمن وسورية والعراق وليبيا، إضافة إلى الأوضاع المضطربة المحيطة بنا، وتلعب دوراً في تبخر رأس المال المحلي، وهروب المستمثر الأجنبي، لاسيما أن رأس المال كما يقال «جبان».• هل هناك من حصر لأعداد المصانع التي أغلقت جراء الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية؟- هي مسائل تقديرية، غير أنه من المفترض توفير من 3 الى 3.5 مليون فرصة عمل سنوياً، وبالتأكيد منذ عام 2011، لم تعد هذه الفرض متوفرة، إضافة الى أن المصانع التي أغلقت أو خفضت ساعات العمل بداخلها، أوخفضت وردياتها أو أعداد موظفيها كلها ساهمت في زيادة نسب البطالة، والمشكلة تكمن في انحصار البطالة بين فئة الشباب، وهذه كارثة، ومن شأن استمرارها أن يعرض شبابنا إلى الاستقطابات التي تدمر المجتمعات.إنجازات 8 سنوات• عقب مرور 8 سنوات على ترؤسكم لمنظة العمل العربي، ماهي أبرز الانجازات التي تحققت في عهدكم؟.- عندما توليت رئاسة المنظمة عام 2007، كانت تُحدث نفسها، وقراراتها في إطار ذاتها، لاسيما أن الجميع يدركون مكانة وزارات العمل في السلم الحكومي، ما لم يكن الوزير على صلة برأس الدولة، أو يكون شخصية لها ثقلها في الحزب الحاكم، فكان لزاماً علينا الخروج إلى المجال الأوسع، فوجدت أن خيوط اللعبة والتأثير يكمنان في وزارات أخرى، كالمال والاقتصاد، التخطيط، التعليم، المجالس الاقتصادية والاجتماعية، فحاولت ضمّ هذه الوزارات إلى الملعب، لاسيما أن دخولها ظهر جلياً في قمة الكويت التي نوقش خلالها مشكلة البطالة بصورة واضحة.التنمية والتشغيلوهناك أمر آخر تم إنجازه خلال فترة رئاستي للمنظمة، «ألا وهو الربط بين التنمية والتشغيل، فالتشغيل لم يتحرك دون حراك التنمية، والتنمية اذا لم تأخذ بعين الاعتبار قضايا التشغيل فستكون محدودة، وثمارها، إن لم تجنها شريحة واسعة في المجتمع فستتحول إلى تنمية مخيفة، لاسيما أنها لا تساعد على الاستقرار والأمن المجتمعي، لذا حينما وسّعنا دائرة الحوار، تمكنّا من إنشاء جمعية للتدريب المهني، وأخرى للضمان الاجتماعي، وأخيراً أنشأنا مجلس الرابطة للمجالس الاقتصادية والاجتماعية.الكتاب الإحصائيأمر آخر نود الإشارة اليه، أنه حينما تولينا المسؤولية، لم تكن هناك مادة إحصائية تُمكننا من اتخاذ القرار المناسب، فعملنا على تطوير الكتاب الإحصائي، حتى أصبحنا نصدر كتاباً إحصائياً كل عامين، فضلاً عن تطوير تقارير أوضاع التشغيل، وإنشاء الشبكة العربية للمعلومات وسوق العمل، التي تساعد المسؤولين في اتخاذ قراراتهم، إضافة إلى وضع التصنيف المهني، الذي سهّل انتقال العامل بين دولنا العربية، إضافة إلى مساهماتنا في تقديم أفكار جديدة حول تطوير التشريعات.سوق العمل الكويتي• كيف تجد سوق العمل الكويتي، وهل يوفر القانون 6-2010 الحماية اللازمة للعمالة الوافدة؟- للأسف .. لم أطلع على القانون الجديد، غير أنني سمعت أنه حمل في طياته الكثير من المزايا التي تصب في مصلحة العمالة في القطاع الاهلي، ولا أظن سواء في الكويت أو غيرها من الدول العربية أن الأمور قد ترجع إلى الوراء، لاسيما أن أي محاولة للتطوير سواء كانت محاولة كبيرة أو متواضعة، فهي بالتأكيد تحسن أوضاع العمالة، أما بخصوص سوق العمل الكويتي، فهو سوق واعد ومستوعب ويتمتع بحراك وتطور متواصل، وبالتالي يظل رافداً قوياً لاستقطاب العمالة الوطنية والعربية، حيث يتميز السوق الكويتي بتفضيل العنصر العربي في مسألة التشغيل وهذا أمر جيد.• هل تدافع المنظمة عن الدول العربية، لاسيما الخليجية، التي طالتها اتهامات من منظمة العمل الدولية، بعدم الاهتمام بحقوق العمالة الوافدة؟- أجرت المنظمة، العديد من اللقاءات مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية، لمصلحة الدول العربية، حاولنا خلالها الدفاع عن الدول التي طالتها الاتهامات، ونحن حين ندافع، فلا ندافع بالشكل المطلق، إنما بصورة متوازنة، لاسيما أن هناك بعض الملاحظات والسلبيات التي لا يمكن اغفالها على سبيل المثال ما يعرف بـنظام «الكفيل» سيئ السمعة، لكن لا أظن أن هذه الممارسات الخاطئة تتم بدعم حكومي، كون هذا مخالفاً للشريعة الاسلامية، في المقابل هناك تصرفات فردية سيئة وغير انسائية، ونحن نحاول ازالة هذا اللبس الحاصل، طالما أن هذه التصرفات تتنافى مع القوانين المحلية والدولية.العمالة المنزلية• هل تعمل المنظمة على حثٍ الدول العربية التي لا تمتلك تشريعاً قانونياص يحفظ حقوق العمالة المنزلية على إصداره.؟- هذا الأمر لم يكن ضمن دائرة الاهتمام إلا منذ عامين ماضيين، والآن عقب إقرار الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمالة المنزلية، بات لزاماً على الدول العربية الالتفات إلى هذا الأمر، وهناك نية لدى المنظمة لإقامة دورات تدريبية حول التركيز على المخاطر والعيوب التي تُحدق بالعمالة المنزلية، «وأعتقد أن الدول العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، مدركة تماماً أهمية هذا الامر، وضرورة إيجاد تشريع قانوني يحفظ حقوق العمالة المنزلية.• بشأن انتخابات رئاسة المنظمة، كيف ترى فوز ممثل العمال، فايرز المطيري، بالمنصب؟- أولا نود التوضيح بانها ليست المرة الاولى التي يفوز خلالها ممثلا عن العمال برئاسة منظمة العمل العربية، ففي العام 1980، تم اختيار قائد عمالي مغربي لرئاسة المنظمة، وهذه هي المرة الثانية التي يتم خلالها اختيار قيادة عمالية للمنظمة، وفايز المطيري جدير بالمنصب، واختياره هو اختيار للمستقبل.شراء المنصب• في ظل الانسحابات المتتالية للمرشحين، ظهرت بعض الأصوات التي تقول، إن الكويت اشترت المنصب .. فما ردكم؟- الحديث عن شراء الكويت لمنصب رئاسة منظمة العمل العربية يحمل في طياته الكثير من الظلم والسطحية، لأسباب عدة أولها، هذه هي المرة الاولى التي تشهد انتخابات رئاسة المنظمة ترشيح 7 ممثلين عن دول عربية، اذ أن جميع الترشيحات السابقة تقدم خلالها في أكثر مرة 3 مرشحين فقط، ثانيا يجب أن يحسب لهذه الدول رغبتها في المشاركة بايجابية، ثالثا الانسحاب لا يعني، اللعب من تحت الطاولة، أو شراء الولاءات، بل يؤكد لغة التواصل العربي، وهنا أؤكد أنه لم يمارس أي نوكمن أنواع أنواع الضغوط على الدول التي شاركت في الانتخابات حتى تعلن انسحاب ممثليها.• متى يباشر المدير الجديد عمله رئيساً لمنظمة العمل العربية؟.- بإذن الله .. خلال شهر مايو المقبل، حيث سيتم الاتفاق بين المدير العام الحالي والجديد المنتخب على اللقاء في غضون الاسبوعين المقبلين، وقد وعدت الاخوة بتقديم اشكال الدعم كافة، والمساندة للمدير الجديد، ولم ابخل عليه بالمشهورة والنصح.• هل حقق المؤتمر الأمر الهدف المرجو منه؟.- بالتأكيد، ففي ظل الأوضاع غير المستقرة التي تشهدها المنطقة «أكثر من هذا النجاح لا يوجد، فقد شارك خلال المؤتمر قرابة 19 وزيراً عربياً، إضافة إلى مشاركة المدير العام لمنظمة العمل الدولية، وما يزيد على 500 مشارك».الصبيح: المؤتمر جسّد الوحدة لتحقيق مصالحنا العليااختتمت، أمس الأول، فعاليات الدورة 42 لمؤتمر العمل العربي، الذي تستضيفه الكويت خلال الفترة من 18 إلى 25 الجاري، في فندق الجميرا، وشملته رعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد.وبهذه المناسبة، ألقت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية، هند الصبيح، كلمة أعربت فيها عن سعادتها باستضافة دولة الكويت هذه الفعالية العربية التي تجسد خلالها كثير من معاني الوحدة العربية والود والتعاون والتكاتف والتعاضد من أجل تحقيق المصلحة العليا لدولنا ولشعوبنا، خصوصا ونحن نناقش قضايا غاية في الأهمية وتتعلق بأطراف الإنتاج الثلاثة من حكومات وأصحاب أعمال وعمّال، مضيفة أن «ما ضاعف من سعادتنا أن التقينا هذه الجموع الغفيرة التي نكن لها كل الحب وكل التقدير بالتزامن مع احتفالات منظمة العمل العربية باليوبيل الذهبي». وأضافت: «لقد سعدنا أيضا في دولة الكويت باستضافة فعاليات مؤتمر العمل العربي لأول مرة منذ تأسيس منظمة العمل العربية، والذي ناقش كثيرا من الموضوعات المهمة، ومنها الحوار الاجتماعي وسياسات المنازعات وعلاقات العمل وقضايا أخرى.وأعربت الصبيح عن أملها في أن تعقد الدورة المقبلة لمؤتمر العمل العربي في ظروف عربية وإقليمية ودولية أفضل من التي نمر بها حاليا، متمنية أن يتحقق السلام لكل شعوبنا ودولنا العربية، وينعم المواطنين كافة فيها بالأمن والأمان، وخصوصا في الدول التي تعاني حاليا عدم الاستقرار مثل ليبيا واليمن والصومال وسورية وفي دولنا العربية كافة، وسيكون لزاما علينا مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة العربية، كما نأمل أن تتحرر أراضينا المحتلة كافة في فلسطين، وأن نصلي جميعا في المسجد الأقصى.من جانبه، أكد المدير العام لمنظمة العمل العربية، فايز المطيري، أنه ومع ختام أعمال الدورة الثانية والأربعين للمؤتمر سننطلق للبدء من جديد لمتابعة المسيرة نحو الدورة الـ43 مزودين بالنتائج الإيجابية التي حققناها خلال السنة الماضية وتوجناها بالنجاحات الكبرى لمؤتمر العمل العربي.
محليات
لقمان لـ الجريدة•: الحديث عن شراء الكويت رئاسة «العمل العربية» فيه ظُلم وسطحية
24-04-2015