«كتارا» للرواية العربية
هذه هي الدورة الأولى لجائزة "كتارا" العربية، وهي الجائزة التي تقدم للرواية العربية بعد جائزة البوكر التي أثارت كثيرا من ردود الفعل بشأن طبيعة عمل الجائزة وطالت الانتقادات لجان تحكيمها ومخرجاتها. وربما كان الغضب الأكبر، الذي تناوله المتابعون للبوكر، راجعاً إلى منح الدورة الأخيرة الجائزة لإحدى الروايات الأقل مستوى مقارنة بروايات أخرى مشاركة. جاءت "كتارا" في محاولة لإنصاف الأسماء الروائية المهمة في العالم العربي معتمدة على مراحل تحكيمية التزمت السرية في عملها وفشلت كثير من التسريبات التي تناولها المتابعون في معرفة الأسماء الفائزة، ولم تكن الأسماء التي فازت في الجائزة غريبة عن المجال الروائي فجميعها تقريبا كان له دور مهم في صناعة زمن الرواية العربية، وربما بعضها تم ظلمه في "البوكر" كما حدث مع رواية الروائي أمير تاج السر، والتي لم تصل إلى القائمة القصيرة حينئذ.
"كتارا" حاليا تسير على الطريق الصحيح، وفي تجربتها الأولى كانت ناجحة ومقبولة وربما ما يحسب لها أيضا ادخال فرصة رائعة للأعمال غير المنشورة والاهتمام بها، وهي حالة ربما يختلف البعض حولها، ولكنني أرى أنها جيدة ومُرضية، ففي العالم العربي اليوم لا يستطيع كثيرون طباعة أعمالهم، والتي قد تكون بمستوى لا يقل عن الروايات المنشورة، وحين نقول إن "كتارا" تسير على طريق صحيح فلا نعني أنها حققت كل شيء، ولكنها خلقت كثيرا من الثقة لدى العاملين في الحقل الأدبي والروائي. بالتأكيد ستخلق هذه الجائزة الجديدة تنافسا شريفا مع زميلتها "البوكر"، فالجائزة، هنا وهناك، تعتمد على عمل واحد بغض النظر عن الروائي وسيرته وانتاجه الروائي، وهو تنافس ربما يجعل "البوكر" تعيد حساباتها لتخفيف حالة التذمر التي تناولها عدد كبير من المراقبين والكتاب، وهو تراجع نحو الأفضل. إذا كان لنا أن نبدي رأياً في الجائزة الجديدة، وهي تتشكل وتطمح للأفضل، فبالامكان أن نقترح على الإخوة القائمين عليها والذين بذلوا جهدا كبيرا لإنجاحها أن يتم تقسيم الجوائز الخمس على مجموعة من الفئات: لروائي قدم مجموعة من الأعمال تستحق التكريم وتكون الجائزة تقديرية لمجمل أعماله، لرواية متنافسة على أفضل عمل للعام، لروائي شاب عن عمله الأول، لرواية تجريبية، إضافة إلى رواية العمل الدرامي، مع الابقاء على الأعمال غير المنشورة. نبارك للروائيين العرب الاحتفاء بهم وبأعمالهم ونبارك للإخوة القائمين على الجائزة، والتي خلقت شكلاً من أشكال التقارب بين الروائيين العرب من كل وطن عربي وقرائهم، وأثرت حركة القراءة التي كنا نعاني انعدامها مقارنة بالشعوب الأخرى، فجميع الدراسات كانت تشير الى أن القارئ في العالم العربي هو الأقل اطلاعا وعلاقة بالكتاب مقارنة بغيره. الملاحظة الأخيرة التي وددت لو تغلب عليها الإخوة، قراءً ومثقفين، وتجاوزوها، هي الفئوية والقطرية التي مورست بها التبريكات للفائزين على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يفز إبراهيم عبدالمجيد لأنه مصري ولا تاج السر لأنه سوداني، الجميع فازوا كروائيين عرب بغض النظر عن جنسيتهم، ونبارك لهم جميعاً بعيداً عن الاحتفاء الأحادي الذي لا يليق بصورة المثقف ولا بصورة القارئ العربي.