سورية... لا حلَّ إلا هذا الحل!
يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق الفعلي والحقيقي ليس في يد هذا الرجل ولا في يد حكومته وحزبه، بل في يد إيران أولاً، وفي يد موسكو ثانياً، والمعروف أنَّ للإيرانيين والروس مصالح في هذه المنطقة تجعلهم يواصلون استخدام سورية كساحة قتال ومواجهة إلى حين تحقيق هذه المصالح، التي لا تزال تقف في طريق تحقيقها عقبات كثيرة. والسؤال الذي يجب توجيهه إلى ذوي النوايا الحسنة، وأيضاً إلى ذوي النوايا السيئة، هو: كيف يمكن يا ترى جمع كل هذه المتناقضات التي تعيشها سورية، وجميع هؤلاء المتدخلين فيها على موقف واحد، خصوصاً أن الإيرانيين والروس قد ألزموا بشار الأسد برفض "جنيف 1" الذي تبنته أميركا، ووافقت عليه هي ودول الاتحاد الأوروبي ومعظم الدول العربية التي باتت تريد نهاية لهذه "الورطة" وبأيِّ ثمن؟!
لنفترض أن الروس والإيرانيين أعطوا ضوءاً أخضر للمعارضة الداخلية والخارجية التي يتحدث باسمها قدري جميل، والتي كان حوارها في موسكو كمَن يناجي نفسه ويتحدث إليها... لنفترض أن هؤلاء، بتوجيه وتعليمات من طهران ومن العاصمة السورية، أعلنوا قبولهم بهذا النظام الملطخة أيدي أصحابه بدماء السوريين، وبالتعايش معه، فمن يضمن يا ترى موافقة الذين يقاتلون على الأرض من المعارضين المعتدلين وغير المعتدلين، وموافقة كل هؤلاء الذين يشعلون النيران تحت قِدْر طبخةٍ غدت "شائطة"، لم يعد بالإمكان التعامل معها منذ أن دفعها نظام بشار الأسد إلى هذا المأزق، الذي لا يوجد أيُّ بصيص أملٍ بإمكانية العودة عنه؟! إن المسألة لم تعد بالسهولة التي يتحدث عنها السُّذج وذوو النوايا الحسنة على حدِّ سواء، فسورية غدت محتلة وممزقة تتصارع على أرضها كل دول الكرة الأرضية، وسيادتها مستباحة لعشرات التنظيمات المعروفة وغير المعروفة، ومع كل هذا، القرار فيها ليس لهذا النظام، ولا للروس وللإيرانيين فقط، بل أيضاً لتنظيمات وميليشيات لا تنضوي كلها في إطار الجيش الحر والمعارضة المعتدلة... إذ هناك "داعش" و"النصرة" و"القاعدة"، إضافة إلى أكثر من أربعين تنظيماً طائفياً لكل منها السيادة الكاملة في دويلة صغيرة أو كبيرة بهذا البلد العربي. وبغض النظر عن كل هذه المعطيات والحقائق، هل يمكن أن يتصور صاحب ربع عقْل أن يتم القفز من فوق واقع أربع سنوات من الحرب المدمرة وسقوط أكثر من 300 ألف قتيل، غير الجرحى والمشردين واللاجئين، وتكريس بشار الأسد رئيساً إلى الأبد إلى أن يسلم راية الموت إلى "الأسد" الصغير؟! هل يمكن أن تقبل معادلة المنطقة ويقبل العرب والمعادلة الكونية أيضاً بالتسليم ببغداد عاصمة للإمبراطورية الساسانية – الإيرانية؟! هل يمكن أن يقبل الشعب السوري الجريح أن يحكمه قاسم سليماني وحسن نصر الله بعد كل هذه التضحيات وبعد كل أنهار الدماء الطاهرة التي سالت... هل هذا ممكن؟! لم يعد هناك أيُّ إمكانية لتثبيت بشار الأسد رئيساً أبدياً على صدر الشعب السوري، ولا يمكن التسليم باستباحة إيران لسورية كما استباحت العراق، وهكذا لم يعد هناك إمكانية لإنعاش "جنيف 1"، ولا حلَّ إطلاقاً إلا حل الحسم المستند إلى الدعم الفعلي والحقيقي للمعارضة السورية المعتدلة والجيش الحر.