حينما أتبصر فيما يحدث في المنطقة من أحداث سياسية وعسكرية مؤسفة وغاية في السوء أزداد اقتناعاً بأن ما يحدث ليس وليد المصادفة أو العفوية، بل إنها نتائج أعمال استخباراتية على مستوى عال من الدقة والترتيب،

Ad

بطبيعة الحال أقصد ما يسمى بـ"داعش" وغيره من صنائع استخباراتية واضحة.

بصمات إيران والنظام السوري لا تخطئها العين فيما يحدث، فتنظيم "داعش" استطاع خدمة النظام في سورية وتخفيف العبء عنه في كثير من الأحيان، وقد يقول قائل إن التنظبم يحتل ديرالزور، وأرد عليه: بأن هذه إحدى الخدع التي يمارسها نظام دمشق، حيث مهد الطريق لهذا التنظيم المشبوه ليحتل دير الزور والجمل بما حمل فيها، وعندما يدقق المراقبون بهذا الشأن سيجدون ألا قصف لمناطق التنظيم من جيش الأسد ولا براميل متفجرة ولا أي شيء من الأعمال المفترض حدوثها! مما يعزز الشبهات في علاقة التنظيم بنظام الأسد، وكذلك اعتبار  الجيش السوري الحر العدو رقم 1 بالنسبة إلى "داعش"، وفي ذلك مفارقة غريبة وتعزيز لنظرية المؤامرة.

ويبدو أن التنظيم يحقق أهداف مموليه وداعميه بشكل ممتاز، فيعقد وزير خارجية نظام دمشق الدموي الإرهابي مؤتمرا صحافيا يعلن فيه مد اليد للتعاون مع العالم في مجال مكافحة الإرهاب والجماعات المتشددة! ليسوق نفسه كأفضل نظام يستطيع السيطرة على ما يسمى بالجماعات المتشددة، في حين أنه هو من يدعمها ويمولها، ويفتح لها الطرق المغلقة، وكذلك "داعش" يدعم ذلك التسويق لنظام الأسد بممارساته المفضوحة وما يسمى بتطبيق الحدود الشرعية في المناطق التي يسيطر عليها، حيث يبدع التنظيم في إرساء الحق الذي يراد منه الباطل!

أما جولة وزير الخارجية الأميركي لدعم تحالف دولي لمحاربة "داعش" فهي نكتة الموسم، فالعملية لا تستحق كل هذا الزخم وهذه التصريحات الكوميدية، فأيام قليلة من الغارات الجوية تكفي لدحر "داعش"، وهزيمته أصلاً تكمن في طهران ودمشق، فإذا سقط النظام في دمشق سقط "داعش" فورا، لذا لا داعي لتحالف لا قيمة له سوى السحب من خزائن مال دول الخليج العربية.

فعلى الولايات المتحدة إن كانت صادقة في نواياها لاستئصال الإرهاب أن تبدأ بدعم الجيش السوري الحر  ماليا وعسكريا وسياسيا لإسقاط النطام، أما "داعش" فهو ذيل الثعبان فإذا ضرب الرأس يصبح الذيل بلا فائدة، ويموت بموت الرأس "ويمكرون ويمكر الله" سورة الأنفال الآية 30.

***

أشكر كل من سأل عني وعن سبب توقف نشر المقالات سواء هنا في "الجريدة" أو في غيرها، فقد كنت في إجازة طوعية، والآن أعود للكتابة من جديد سائلاً الله أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.