اختفاء أموال كردستان يصيب العبادي بدوار المالكي

نشر في 11-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-09-2014 | 00:01
«عهد الإصلاحات» ينوء بإرث الحكومة السابقة
نقاش مهم ولكنه كان مجرد نقاش داخل صخب المفاوضات التي دارت بين ١٠ احزاب عراقية لتشكيل حكومة حيدر العبادي، كشف أن نحو ١٠ مليارات دولار كان يفترض أن تكون حصة كردستان من ميزانية البلاد العامة (نحو ١٢٠ مليار دولار) لم تعد موجودة في حساب الحكومة العراقية البنكي المعروف بصندوق «دي اف آي»، حسبما نقل مفاوضون عن التحالف الكردستاني.

وبسبب خلافات على البترول، قطعت الحكومة حصة الأكراد من الموازنة عقوبة لهم، منذ فبراير الماضي، فطلبوا من العبادي الأسبوع الماضي، ان يطلق المبلغ المحجوز او بعضه، ولو على دفعات، ليتمكنوا من دفع مرتبات موظفيهم في الاقليم الشمالي، لكن العبادي تردد كمن يخفي معلومة حزينة وغامضة: «أريد ان اتأكد اولاً من وجود المبلغ»!

واتضح لاحقا ان رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، لم يحتجز اموال كردستان، بل انفق المبلغ الطائل ضمن ما يقال إنه «فوضى قرارات مالية وإنفاق طوارئ» لحشد عشرات الآلاف من المتطوعين وصفقات السلاح المستعجلة، وهو ما تم بعيدا عن اي رقابة في ملف تحيطه شبهات فساد.

النقاش بين الأكراد والعبادي، مجرد نموذج على ارث المالكي السياسي الذي يصيب خليفته بالدوار، وسط مطالبة محلية ودولية بالبدء الفوري للاصلاحات العميقة. فكما ان العبادي متفاجئ باختفاء العشرة المليارات دولار، فإن امامه عشرات القرارات الحساسة التي اتخذها المالكي في اخر اسبوع من عهده، بما في ذلك احالة محافظ البنك المركزي إلى التقاعد وتعيين مقرب له بديلاً، والحكم بالسجن سبعة اعوام على المحافظ الاسبق والشخصية المصرفية المرموقة سنان الشبيبي، فضلاً عن احكام سجن حركها ضد معارضيه السابقين داخل الطبقة البيروقراطية، وتعيين العشرات من مساعديه مديرين عامين في اماكن حساسة، في قرارات تجاوزت صلاحيات تصريف الاعمال، وهو وصف حكومته منذ ابريل الماضي.

متحدثون باسم التحالف الوطني، الكتلة الشيعية الكبيرة التي نجحت في تشكيل الحكومة، يقولون إنهم سيتولون إعادة كل هذه القرارات المتسرعة الى البرلمان لمناقشتها وتعديلها، كما سيطلبون إعادة محاكمة كبار الموظفين الذين استهدفهم المالكي، كبادرة حسن نية مع كل الاطراف.

لكن التركة تظل ثقيلة مع انعدام الثقة بين الاطراف العراقية، والمصاعب التي تجعل من ترميمها عملية بطيئة ومحاطة باحتمالات ان ينقلب العبادي نفسه على كل التزاماته، بمجرد ان تمضي بضعة أشهر يشعر خلالها بأن الامر استتب له، وان الظرف العسكري والسياسي لا يوفر مناخا مناسبا لسحب الثقة من حكومته.

وقد تكون التركة الثقيلة اقتصاديا وسياسيا، هي العذر الذي سيتمسك به العبادي في تفسير عجزه عن اصلاح الامور، بينما قام بنقل الخلافات حول البترول واللامركزية ومراجعة وضع البعثيين والعفو عن عشرات الاف السجناء السنة، الى البرلمان، قائلاً إنها قضايا تشريعية، ما يعني جولات تفاوض عاصفة وطويلة لا احد يدري كيف ستنتهي، وهو ما استشعره الأكراد حين منحوا العبادي ثلاثة أشهر كمهلة لتنفيذ الحد الأدنى من مطالبهم.

المتفائلون يحاولون تذكير الجميع بأن أميركا عادت بقوة الى بغداد، وهي تمارس ضغوطها لتصميم تنازلات متبادلة، داخل المعركة مع تنظيم «داعش»، كما ان الشيعة دفعوا بشخصيات «قوية» لتعمل مع العبادي في الحكومة، مثل عادل عبدالمهدي الذي صار مسؤولا عن ملف النفط، واياد علاوي الذي اصبح «جار المالكي»، كنائبين لرئيس الجمهورية، قائلين ان ساسة الصف الأول يمتلكون فرصة لتطويق العبادي وإعادة حزب الدعوة الحاكم «الى بيت الطاعة» كمدخل لتسويات ومتطلبات التهدئة.

back to top