تابعت قبل أيام برامج واستطلاعات تلفزيونية لبعض القنوات الفضائية العربية تتحدث عن أوضاع اللاجئين والمهجرين في العالم، ولم أفاجأ بأن يحتل عالمنا العربي المركز الأول من حيث أعدادهم وأوضاعهم التي نكون قد قللنا من هولها لو وصفناها بالمأساوية، وقد بحثت في قواميس اللغات العالمية فلم أجد لها وصفاً، أطفال لم تتجاوز أعمارهم أصابع اليد الواحدة يمشون على الثلج المتساقط على رؤوسهم حفاة بأقدامهم الطرية التي تجمدت فلم تعد تشعر بحرّ أو برد، تاهت نظراتهم وغابت معاني الحياة من قسمات وجوههم البريئة.

Ad

 وتبقى الأسئلة الحائرة على تلك الشفاه الزرقاء: لماذا نحن هنا؟ وأين بيوتنا؟ وأين فرشنا الدافئة؟ وأين أهالينا وجيراننا؟ والأدهى والأمر أين وطننا؟ وأين أرض آبائنا وأجدادنا؟ لقد غدونا ضحايا لحروب ونزاعات لا دخل لنا فيها من أجل أن يعتلي كرسي الحكم هذا الطرف أو ذاك، وغدا الوطن فريسة تنهشه أحزاب وأطراف وأنظمة سياسية وقادة وتجار حروب و... و... والكل يدّعي الوطنية والحرص على الأوطان.

من خلال هذه الاستطلاعات كان هناك لقاءات مع بعض المسؤولين والإعلاميين ورجال الفكر العربي، وقد صبّ الجميع جام غضبهم على أميركا والدول الغربية والمجتمع الدولي الذي أدار ظهره لهذه المأساة التي يتعرض لها هؤلاء اللاجئون، ذكرني هذا الطرح بالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال حتى لا يراها أحد، فقد تناسى الجميع الإجابة عن أسئلة بسيطة: من السبب في تشريد هذه الملايين؟ ومن قتل الأطفال؟ ومن اغتصب النساء؟ ومن استباح الحرمات؟ ومن شتت العائلات إلى آخر قائمة المآسي؟ من قام بذلك؟

 كم كان بودي أن يقوم المذيع أو المذيعة بتوجيه هذه الأسئلة لهؤلاء القادة والمنظرين، بالتأكيد ليس من قام بذلك المجتمع الدولي أو المنظمات العالمية أو الدول الغربية، ثم لو تولى الحكم هذا الحزب أو ذلك فما الذي سيتغير في تلك الأوطان سوى استبدال أشخاص مكان أشخاص، ويبقى الوضع على ما هو عليه، وربما أسوأ: فقر، وجهل، وتخلف وفساد، وشعب مشرد في كل أنحاء الدنيا؟

 ومن خلال تلك الاستطلاعات تمت لقاءات مع قادة تلك الأطراف المتنازعة، وكل منهم يلقي باللائمة على الطرف الآخر بما وصلت إليه أعداد اللاجئين وأوضاعهم، لم يطرح أي منهم لماذا استخدم هؤلاء وقوداً لحروب ونزاعات ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل؟ ومن سيكون المنتصر فيها؟ ومظاهر الانتصار تتمثل بقوائم لا حصر لها من القتلى والملايين من اللاجئين، وقرى مدمرة، واقتصاد متهالك، والأقسى من ذلك غرس بذور الأحقاد والكراهية في النفوس.

ندعو الله أن يزيل هذه الغمة عن أمتنا العربية، وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

ما الذي يمنع؟

يدور في الساحة الآن موضوع تخصيص الجمعيات التعاونية، ونقول لبعض أعضاء مجلس الأمة: لقد أقسمتم على خدمة الكويت، فنتمنى منكم البر بهذا القسم، فمن المؤكد أن دفاعكم غير المبرر عن وجود الجمعيات التعاونية مبعثه مصالح ذاتية انتخابية، فما الإنجازات التي حققتها تلك الجمعيات على مدى عقود في ظل فساد إداري ومالي طال بعضها، وتخلى البعض الآخر عن تقديم الخدمات الاجتماعية للمنطقة وأهلها، فما الذي يمنع من إنشاء شركات خاصة تقوم بدور الجمعيات التعاونية، ويطرح جزء من أسهمها لاكتتاب المواطنين، وبذلك يحقق المواطن أرباحاً قد تفوق أرباح الجمعيات، مع قيام تلك الشركات بتقديم منتج عالي الجودة، والأهم إبعاد هذا المجال عن الصراعات السياسية سواء القبلية أو الطائفية أو الحزبية وغيرها، كم نتمنى أن يقر قانون خصخصة الجمعيات، ونقول لمعالي وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السيدة هند الصبيح "الله يعطيك العافية، ويكثر من أمثالك المخلصين لخدمة الوطن وأهله".