استيقظت باكستان أمس على الحداد، غداة مجزرة مروعة أحدثت صدمة واسعة، وأثارت استنكاراً عالمياً، في وقت بدأت الاستعدادات لدفن نحو 132 تلميذاً وتسعة من العاملين في جنازات جماعية في بيشاور ومحيطها.

Ad

دخلت باكستان أمس في حداد 3 أيام على ضحايا الهجوم الذي شنته حركة طالبان على مدرسة، وأسفر عن مقتل 132 تلميذاً، وتسعة من الموظفين في مذبحة هي الأكثر دموية في البلاد، ما أثار موجة إدانات عالمية واسعة.

وإثر الهجوم الذي وقع في بيشاور شمال غرب البلاد، أغلقت معظم المدارس في مختلف أنحاء البلاد، وأقيمت صلوات خاصة في ذكرى الضحايا الـ141 في المدارس التي فتحت أبوابها.

وفي إقليم خيبر باختونخوا (عاصمته بيشاور) أغلقت المدارس والإدارات والأسواق. وعلى الجانب الآخر من الحدود في الهند وضع رئيس الوزراء ناريندرا مودي العداوة القديمة مع باكستان جانباً، وطلب من المدارس الالتزام بدقيقتي صمت في ذكرى الضحايا.

وبدأت مراسم تشييع الضحايا الذين سحبت جثثهم من المدرسة وهم لا يزالون باللباس المدرسي الأخضر الملطخ بالدماء، في وقت متأخر أمس الأول، وتواصلت طوال يوم أمس، وسط حراسة أمنية مشددة.

رد حكومي

وترأس رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، الذي وصف الهجوم بأنه «مأساة وطنية ارتكبها وحوش»، اجتماعاً لأطراف سياسية في بيشاور، لبحث الرد على هذه المأساة، مؤكداً تصميم الحكومة والجيش على هزم المجموعة التي قتلت آلاف الأشخاص منذ بدء التمرد في 2007.

وأعلن رئيس الوزراء أمس إنهاء تعليق عقوبة الإعدام في حالات الإرهاب، والتي كانت تصدر بشكل متكرر عادة، لكن هذه العقوبة لم تعد تطبق منذ عام 2008 باستثناء في ظل الحالات المرتبطة بالأحكام العرفية، وذلك بموجب تجميد لهذه العقوبة القصوى.

وقال مسؤول كبير في مكتب نواز شريف، إن «رئيس الوزراء وافق على إلغاء تعليق عقوبة الإعدام في حالات الإرهاب». لكن وسائل الإعلام الباكستانية لفتت إلى أن وعودا سبق أن صدرت بعد وقوع هجمات مماثلة لكن العنف لم يتوقف.

هجوم كبير

وأطلق الجيش هجوماً كبيراً في الأشهر الستة الماضية ضد معاقل حركة طالبان الباكستانية، ومجموعات اخرى تنشط في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية القريبة من بيشاور.

وأدت العملية إلى مقتل أكثر من 1600 مسلح فيما اعتبرها الجيش ناجحة قائلاً «إنها أدت إلى تفكيك البنى التحتية للمتمردين». لكن تسود مخاوف من هجمات انتقامية اكثر من اي وقت مضى.

وقال محمد خراساني، المتحدث باسم «طالبان» أمس، إن الهجوم جاء انتقاماً للقتلى الذين سقطوا في عملية الجيش، مبيناً أن «مقاتلات الجيش تقصف ساحاتنا العامة ونساءنا واطفالنا، كما تم اعتقال الالاف من المقاتلين وأفراد عائلاتهم واقربائهم. لقد طلبنا تكرارا أن يوقفوا هذا الأمر».

«طالبان» أفغانستان

لكن حركة طالبان الأفغانية تنأى بنفسها عن المذبحة، معتبرة أن قتل الأطفال يتعارض مع تعاليم الإسلام. وقالت حركة طالبان الافغانية في بيان نشر في وقت متاخر أمس الأول، إن «إمارة افغانستان الإسلامية دانت على الدوام قتل اطفال واشخاص ابرياء في اي ظرف»، مشددة على أن «كل حكومة إسلامية وحركة يجب ان تلتزم بهذا المبدأ الجوهري». وتابعت: «إمارة افغانستان الإسلامية (الاسم الرسمي للحركة) تقدم تعازيها لعائلات الأطفال الذين قتلوا».

وتنأى حركة طالبان الأفغانية بنفسها عادة عن الهجمات التي تؤدي الى مقتل عدة مدنيين، لكنها تستهدف عمدا أيضاً غير مقاتلين. والأسبوع الماضي أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري في مسرح في المركز الثقافي الفرنسي في كابول، أدى الى مقتل شخص وإصابة 15 بجروح.

موقف حاسم

وفي واشنطن، حيث عرضت الإدارة الأميركية على باكستان مزيداً من المساعدة في الحرب ضد الإرهاب، قال مسؤولون إنهم ينتظرون من إسلام آباد اظهار عزم أقوى في محاربة المتمردين.

وأضاف المسؤولون الأميركيون، في أحاديث خاصة، أنهم ينتظرون الان أن تشن قوات الأمن الباكستانية حملة أشد، رداً على الهجوم على المدرسة التي كان عدد كبير من طلابها أبناء ضباط في الجيش الباكستاني.

(إسلام آباد، بيشاور، واشنطن- أ ف ب، رويترز، د ب أ)