لا تحلّوا «الجماعة»... رجاء

نشر في 14-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 14-12-2014 | 00:01
 ياسر عبد العزيز في هذه المساحة سأعيد نشر أهم الأجزاء التي وردت في مقالة نشرها حُذيفة زوبع، نجل القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" حمزة زوبع، على موقع "ساسة بوست" الإلكتروني، يوم 5 ديسمبر الجاري، تحت عنوان "حلوها يرحمكم الله"، قبل أن أعود بتعليق صغير عليها.

يقول الشاب "الإخواني" حذيفة زوبع، في مقالته، موجهاً حديثه لقيادات تنظيم "الإخوان" ما يلي:

"منذ اليوم الأول للانقلاب وأنتم تكذبون وتتحرّون الكذب على أنفسكم وعلينا دون أي استشعار للمسؤولية ودون أي مبرر شرعي، أو أخلاقي، أو حتى سياسي.

أتذكرون قائد الجيش الميداني الذي انشق وأعلن تأييده للرئيس الشرعي؟ أم تذكرون القائد الآخر الذي أمهل السيسي 24 ساعة لإعادة الشرعية الدستورية؟

هل تذكرون أميركا التي أعلنت أنّ ما حدث انقلاب وليس ثورة؟

أم تذكرون الأشياء التي ستحدث السبت ويعود مرسي الأحد؟

هل تذكرون (ستة أكتوبر... جيم أوفر)، ثم قتلنا كالعادة دون جديد؟

هل تتذكرون شبيه السيسي الذي حل محل السيسي الأصلي الذي قتل يوم 17 أكتوبر بثلاث رصاصات في القاعدة البحرية بالإسكندرية؟ أم تذكرون الانقلاب الذي يترنح ترنح العجل بعد أن سُحبت السكينة من على رقبته؟

هل تتذكرون 25 يناير الماضي عندما دفعتم بنا إلى الميادين دون خطة أو رؤية أو استراتيجية كالعادة ثم قتلنا كالعادة؟ هل تتذكرون كل مرة كذبتم فيها؟

هل تتذكرون كم مرّة تلاعبت بكم أجهزة الأمن والاستخبارات؟

يا جماعة (الإخوان)، لم يعد هناك مساحات كافية للمناورة أو التأثير في الوضع بشكل فعال أو مؤثر، أنتم تملؤون كل المساحات ولا تقبلون نصحاً ولا توجيهاً من عديمي الخبرة أمثالي. والمشكلة أنكم تملؤون كل المساحات الممكنة حتى التي لا تُجيدون اللعب فيها، ثم تنادون بصوت عالٍ لتقولوا إن الساحة تتسع للجميع!

والحقيقة أنّ القائمين حالياً على الجماعة لا يجيدون اللعب على أيّ مستوى من المستويات، فعند الحديث عن الفعل الثوريّ الحقيقي، لا تذكرون سوى المسيرات المناهضة للانقلاب التي تملأ مربعات الجزيرة مباشر مصر، والسلمية المبدعة التي لا أعرف لها تعريفاً مع بعض الجمل المكررة مثل حان موعد القصاص، أمّا عن السياسة فحدّث ولا حرج، لا يُذكر سوى مصطلحات على شاكلة المصالحة والهدنة ويتم نفيها بسرعة فائقة، وكأن النظام يُعاني وينتظر موافقتهم!

أمّا أن تطالبهم بتوصيف دقيق للوضع الحاليّ يتم على أساسه عمل واضح، فهل نحن أمام انقلاب أم احتلال؟ أو أن تطلب منهم موقفاً واضحاً من داعش وتمدده؟ أو أن تطلب منهم موقفاً واضحاً من عملية إعادة تقسيم الشرق الأوسط الجارية على قدمٍ وساق؟ أو أن تسألهم لماذا تم طردهم من قطر؟ فهذه مضيعة للوقت ورفاهية غير مسموح بها!

وفي النهاية عندما يحاول أحد محاسبتهم على هذه المساحات المُهدرة والفرص الضائعة والأسئلة التي لا إجابة لها، يتحججون بأنه مش وقته، وأنه مينفعش لأننا مش في شركة عشان نتحاسب.

إذاً، ماذا تفعل جماعة الإخوان على المستوى السياسي الآن فعليّاً، لا شيء سوى أنها تنتظر أن يأتيَ أحدهم ليطيح بالسيسي فتملأ هي الفراغ المتوقع حدوثه، تنتظر مثلما انتظرت في الخمسينيات أن يطيح أحدهم بعبدالناصر. والمصيبة أنّهم غير مؤهلين لملء هذا الفراغ إن نشأ، وإن حاولنا الوصول لأصل المشكلة فسنجد أن الجماعة لا تعرف ما هو هدفها أصلاً، لا تعرف حجمها وأدواتها لتحدد أهدافها بالأساس؟ هل الهدف دولة مدنية حديثة لها حدود واضحة أم الهدف هو أستاذية العالم؟

في النهاية هذه هي النتيجة الطبيعية لجماعة يقودها أشخاص أوجدت المصادفة بعضهم في أماكن القيادة، وآخرون حصلوا على أماكنهم لأنهم تعرضوا لابتلاء السجن لسنين طويلة، وجزء ليس باليسير خدمته علاقاته الاجتماعية في الترقي داخل الجماعة.

إن كانت كلمة حل الجماعة ثقيلة على مسامعكم فاستبدلوها بأي مصطلح تريدون... تعليق النشاط السياسي مثلاً؟

وفي نفس الوقت، تُعيد الجماعة ترتيب أوراقها داخليّاً وتحدد أهدافها بوضوح وتجيب عن التساؤلات المبهمة، وتخلق كوادر ونخبة وقيادة جديدة واعية.

هذه بالطبع ليست دعوة للرضا بالأمر الواقع والاستسلام للسلطة القمعية، ولكنّه اقتراح لأخذ زمام المبادرة والانتقال من رد الفعل إلى الفعل، علّ مسار التاريخ يتغير هذه المرة.

في النهاية، عاملكم الله بعدله لا بفضله يا من أورثتمونا الذل والهوان وأخلاق العبيد وجعلتموهم مبلغ الحكمة وذروتها، عاملكم الله بعدله لا بفضله يا من لقنتمونا صغاراً أن الاعتقال والتعذيب بطولة تستحق التكريم.

رافقتكم السلامة".

عند جملة "رافقتكم السلامة" تنتهي مقالة الشاب "الإخواني"، وهي مقالة خلقت زوابع وأعاصير داخل "الجماعة" وحولها، خصوصاً أنها جاءت في وقت يتصدع فيه ما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية"، الذي تم تدشينه غداة إطاحة مرسي.

لقد استدعت تلك المقالة ردوداً عديدة من قيادات داخل تنظيم "الإخوان" و"تحالف دعم الشرعية"، كما تحولت مادة أساسية للنقاش في أروقة "الجماعة" والمتحلقين حولها، وبلورت السؤال المهم والحيوي: "متى يتم حل الجماعة؟".

والواقع أن قراءة مقالة "حذيفة زوبع" تعطينا تصوراً واضحاً عن طبيعة التفاعلات السياسية داخل "الجماعة" من جانب، وتصورات الأجيال الشابة الجديدة داخلها من جانب آخر.

ولأن بعضاً من قيادات "الإخوان" وحلفائهم وبخوا حذيفة، وأهانوه، وشككوا فيه لكتابته هذه المقالة، وأكدوا استحالة حل "الجماعة" وضرورة استمرارها في "نضالها"، ضد ما يسمونه "الانقلاب" في مصر، فأنا بدوري أنضم إليهم وأؤيدهم، لأن استمرار "الجماعة"، واستمرارهم في قيادتها، وحفاظهم على نمط أدائهم الراهن، سيكون أكبر ضمانة لاستقرار الأوضاع في مصر وازدهارها، وإبقاء تلك "الجماعة" بعيدة دوماً عن حلمها في الوصول إلى السلطة وإقامة الفاشية الدينية، وإبعاد كل صاحب عقل حر أو تفكير مستقل عن صفوفها وعقلها وممارساتها.

* كاتب مصري

back to top