من صاحب فكرة {ديكور}؟
• محمد: شيرين؛ فهي عرضت عليّ معالجة القصة، التي جذبتني واتفقت معها على أن أشاركها في كتابته. بعدما انتهت من وضع التصور الأول له، بدأنا في تطويره، مثلما فعلنا في {الجزيرة 2} فهذه هي طريقتنا في العمل. ولكن الروح الأساسية في النص هي لشيرين، لذا تبدو الروح الأنثوية عالية داخل الفيلم.وما مصدر هذه الفكرة؟* شيرين: من خلال متابعتي لحال نساء ورجال كثيرين وجدتهم يفضلون الهروب من مشكلاتهم بحلم أو عالم في خيالهم. وإن كانت هذه الحالة موجودة لدى النساء بنسبة أكبر، وربما يرجع ذلك إلى أن لدى الرجال عدداً هائلاً من الاختيارات، وليسوا مضطرين إلى الذهاب إلى حلم لأنهم قد يجدون حقيقة أخرى تناسبهم، على عكس النساء اللواتي لا يملكن هذه الفرصة.وهل قابلت نساء يعشن حالة بطلة الفيلم نفسها؟* شيرين: نعم، ولكن بعد كتابتي للفيلم، الأمر الذي أكد لي أنني أناقش فكرة واقعية. قابلت امرأة في الخمسينات من عمرها، أخبرتني أنها طوال حياتها كانت تتخيل أنها تعيش حياة أخرى مع أناس آخرين من شدة البؤس في حياتها الحقيقية، ومن رفضها لها اختارت أن تعيش حياة أخرى خيالية، وهذا يؤشر إلى السلبية لديها، فهي بدلًا من أن تحسن من حياتها عاشت في لديها لامبالاة كبيرة.ماذا عن قصة الفيلم؟• محمد: يناقش {ديكور} مشكلة المرأة المعاصرة بين المنزل والعاطفة، ولا توجد امرأة مصرية م تمر بهذه الحيرة، سواء في ما يتعلق بالمشكلات الشخصية والعاطفية، أو المشكلات المهنية. يضم الفيلم أيضاً خيوطاً أخرى متشابكة بين اختيارات الرجل واختبارات المرأة، ويوضح أن الصعوبة ليست في الاختيار، وإنما في الاختيار بين السيئ والسيئ أو الجيد والجيد.كيف يمكن تلخيص هذه الفكرة؟* شيرين: في عبارة بسيطة نرددها جميعاً في مناسبات مختلفة رغم انتمائنا إلى طبقات مختلفة أيضاً، وهي {آه لو عاد بي الزمن لما فعلت كذا}. حتى الشخص السعيد لديه بعض الأخطاء يرغب في إعادة موقفه لتصحيحها.كيف عالج الفيلم هذه الافتراضية؟* شيرين: هي افتراضية واقعية أيضاً في مجتمعاتنا العربية، و{ديكور} عالجها بشكل جيد في رأيي؛ فهو لم يضع حلولاً لها، ولكن ترك أمر الاختيار للمشاهد، كل واحد بحسب تفكيره. مثلاً، حدثتني امرأة أربعينية بعد عرض {ديكور} في مهرجان القاهرة السينمائي، وأخبرتني أن الفيلم دفعها إلى اتخاذ قرار الانفصال عن زوجها، فأجبتها بأنه لا يجب بناء أو هدم حياتها بالاستناد إلى الفيلم، وإنما عليها اختيار الطريق الصحيح، مثلما فعلت {مها} بطلة {ديكور}، وقررت الابتعاد عن متابعة حياتها بمفردها. وأخبرتني أخرى أنها حزينة لعدم إنجابها لأنها لم تتزوج، ولكن الفيلم جعلها تتأكد أنها ربما كانت تزوجت، ولكن لن تكون سعيدة كحال البطلة.إلى أي مدى اتفقت فكرة الأبيض والأسود مع قصتك؟* شيرين: لم أتقبلها بسهولة عندما عرضها عليّ المخرج أحمد عبد الله السيد. حتى إنني طلبت منه وضع بدائل لأنني تخوفت من استقبال الجمهور له، خصوصاً في ظل انخفاض نسبة مشاهدة الأفلام القديمة. ولكن الحقيقة بعد مشاهدتي للفيلم وجدتها فكرة عبقرية، وكان عنده بعد نظر لأنها مناسبة لروح الفيلم، وهوس البطلة بالأفلام القديمة، حتى في بطء سرد القصة.محمد، لماذا تُعلي من شأن القضايا النسائية في أفلامك؟لأنني أرى أن موضوعات المرأة لم تأخذ حقها من التناول سينمائياً لأسباب متعلقة بسوق السينما والمزاج الجماهيري. أعتقد أن أجمل الأمور وأصعبها لدى المؤلف أن يكتب عن قضية لا تخصه، وهذا ما واجهته أيضاً في فيلم {678} الذي تحداني فيه أحد أصدقائي، مؤكداً أنني لن أستطيع التعبير عن النساء فيه. الأمر نفسه واجهته في {الجزيرة}؛ إذ كنت أكتب عن شخص بعيد تماماً عن أفكاري واهتماماتي وآرائي. عموماً، الكاتب المتميز يستطيع أن يتعاطف مع الشخصية التي يكتب عنها حتى إذا كان لا يتفق معها.هل اهتمامك بالقضايا النسائية كان السبب في زيادة مساحة البطلة في الفيلم؟• محمد: خلال عملية التأليف لا أفكر أنني سأمنح هذا النجم أو ذاك مساحة كبيرة. لأن البطلة تتوجّه إلى عالمين ولأنها عنصر مشترك بينهما، فإن مساحتها بطبيعة الحال جاءت واسعة داخل الفيلم.وكم استغرقتم من الوقت لتطوير الفكرة؟• محمد: ستة أشهر، ثم أعدنا النظر فيها بعدما عرضنا الفيلم على المخرج أحمد السيد الذي كانت له تصورات عظيمة عن القصة جعلتها تتطور بشكل ممتاز.لماذا لم تخرج الفيلم؟• محمد: لأنني مشغول بمشروع سينمائي آخر هو فيلم {اشتباك}، كما أنني لا أسمي نفسي مخرجاً بقدر ما أسمي نفسي مؤلفاً، إلى جانب أن ثمة أفلاماً سأقوم بتأليفها، وأخرى سأقوم بتأليفها وإخراجها، والأخيرة هي التي أملك حولها رؤية معينة أرغب في أن يشاهدها الناس بوجهة نظري أيضاً مثلما حدث مع {678}.هل تحرص على تضمين أفلامك لرسائل وأهداف؟• محمد: بالطبع. ولكن على حسب قصة كل عمل. مثلاً، قد تكون الرسالة مثلما هي في {ديكور} لا ترضخ للاختيارات السيئة، أو كما هي في {الجزيرة} الذي يناقش فكرة هل الإنسان مسير أم مخير؟ هل ترى أن أحداث {ديكور} المتشابكة تجعله يتطلب مشاهد بعينها؟• محمد: لم أفكر بهذا الشكل أثناء الكتابة، وفي رأيي أن العمل الذي لا يخرج منه المشاهد بتساؤل سيتم نسيانه بعد انتهاء متابعته. شخصياً، تلقيت أسئلة كثيرة من الجمهور، الذي أكَّد لي أنه بعد مشاهدته للفيلم أعاد أحداثه في ذهنه وترتيبها ليستوعب النهاية.كيف تابعت صورة العمل النهائية؟• محمد: هي نفسها القصة التي كتبتها وأفضل منها. أحمد عبد الله السيد أحد المخرجين الذين سعدت بالتعاون معهم لأنه يملك الكثير الذي يمكن إضافته لإثراء العمل. والحقيقة أن أفلاماً كثيرة من تأليفي كنت أواجه فيها خلافات في وجهات النظر مع مخرجيها بسبب تصوري عن كل فيلم أنجزه. ولكن {ديكور} أحد أقل الأفلام التي شهدت خلافاً بيني وبين مخرجه.وإلام يرجع نجاح {ديكور}؟* شيرين: السبب الرئيس، بعد توفيق ربنا، هو شقيقي محمد دياب، والمخرج أحمد السيد. كنت أحلم بعرض الفيلم مثلما كانت تحلم البطلة.ما الصعوبات التي واجهتوها أثناء كتابة {الجزيرة 2}؟• محمد: كان التحدي الأكبر أمامنا ارتباط الجمهور بالجزء الأول منه، ونجاحه الكبير، وإصرار البعض على أننا نقدمه من باب استغلال النجاح فحسب، لذا حاولنا الاجتهاد بقدر ما نستطيع، وتبيان أسباب مشاركة ثلاثة مؤلفين في كتابته، وأن زخماً من الأحداث الدرامية استدعى ذلك. أشير هنا إلى أننا كتبنا {الجزيرة 2} خلال عامين ونصف العام.هل ستقدمون جزءاً ثالثاً منه؟• محمد: الفكرة ليست مطروحة لدينا راهناً، فنحن بعد تقديم الجزء الأول لم نكن ننوي تقديم جزء ثان، الذي فرضته الأحداث الجارية في البلاد، وإمكان تخيل نتيجة وضع شخصيات الجزيرة في هذه الأجواء. لا توجد أي أحداث جديدة تجعلني أتخيل انتقال الشخصيات فيها.وما طموحاتك في التأليف؟• محمد: أحلم بتقديم مسلسل تلفزيوني أقوم بتأليفه مع شيرين وشقيقي خالد، وأتولى مسؤولية إخراجه.
توابل - سيما
مؤلفا «ديكور»: رسالة الفيلم ألا يرضخ المرء للاختيارات السيئة
26-01-2015