يقاتل مسلحو العشائر السُّنية بشراسة محاولين منع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من احتلال بلداتهم، كما في الضلوعية الواقعة بين سامراء وبغداد، والتي تصمد منذ نحو 4 أشهر بوجه مقاتلي التنظيم، وكذلك على طول خط التماس في مدن الأنبار.
وينشغل قادةٌ سُنة بمحاولة فهم الاستراتيجية التي يعتمدها البيت الأبيض لكبح جماح «داعش»، إذ تتمثل في الطلعات الجوية مع قوات محلية على الأرض ستتشكل من أهالي المدن نفسها في مشروع يعرف بـ»الحرس الوطني»، وصار جزءاً من الاتفاق السياسي مع حيدر العبادي. لكن هؤلاء القادة يقولون إنه في أكثر من مدينة سنية يحمل أبناء العشائر السلاح منذ شهور، دون أن يتلقوا دعماً حقيقياً من بغداد أو واشنطن.ويعتقد هؤلاء أن الحكومة العراقية لاتزال ترتاب فيهم رغم كل تضحياتهم في المواجهة مع التنظيم المتشدد، قائلين إن موقف الحكومة من مسلحي العشائر المنخرطين فعلاً في قتال «داعش» سيكون أفضل اختبار لإمكانية نجاح سيناريو تشكيل الحرس الوطني؛ فالصامدون في مدن كالضلوعية ومعظم مدن الأنبار ينجحون في منع «داعش» من التقدم نحو بغداد، لكنهم لم يحصلوا على جائزة بعد، بل لم يحصلوا على الإسناد الكافي، بعكس آلاف المتطوعين الشيعة الذين يقاتلون في أكثر من قاطع عمليات ويحظون بإمكانيات أكثر ودعم سخي في معظم الأحيان.غير أن مقربين من الحكومة يردون بأن عدم وجود دعم مريح للمقاتلين السُّنة ليس بسبب الارتياب فيهم، بل يعود إلى فوضى رهيبة تضرب المؤسسة العسكرية وتعرقل جهود الإسناد، ويقولون أيضاً إن مساعدات كثيرة بالأسلحة والأموال، تم دفعها إلى زعماء سُنة، لكنها لم تصل إلى المقاتلين، فالفساد يتغلغل بين شيوخ القبائل والزعامات المحلية، والسلاح المرسل من بغداد كثيراً ما يجري بيعه إلى «داعش» وفق بعض التقارير، وهذه المعلومات التي يعترف بجزء منها القادة المحليون السُّنة أنفسهم، تلقي الضوء على الصعوبات التي تعترض تأسيس التشكيل العسكري الجديد وتسليحه مع ضمان استقلاليته النسبية عن سلطة بغداد وربطه بالحكومات المحلية، كشرط لضرب «داعش».في المقابل، تهون مراكز القوى السنية من حجم هذه الثغرات قائلة إن تشكيل الحرس الوطني سيتكفل بتجاوزها، وسيحشد الشباب لمقاتلة «داعش» إذا بقيت الأجواء السياسية ملائمة، وإذا حصل السنة على ضمانات حقيقية تطمئنهم إلى أن بغداد ستبقى تحترم التزاماتها حتى بعد الانتهاء من التنظيم وطرده.ويراهن هؤلاء على التكييف التشريعي لتشكيلات الحرس الوطني الجديدة، وينتظرون انطلاق سجال داخل مجلس النواب بعد أن تسلم المسودة الأولية لقانون إنشاء الحرس، مؤكدين أن صدور قانون بهذا الشأن سيمثل ضمانة تشريعية لحقوق المقاتلين وامتيازاتهم وسلطة وصلاحيات القادة السُّنة في هذا التشكيل المسلح. وسيؤكد القانون أن السلطة على هذه التشكيلات ستكون للجنة أمنية عليا في كل محافظة تتشكل من المحافظ ونوابه ورئيس مجلس المحافظة ونوابه، مع تنظيم آلية للتصويت على القرارات العسكرية، ومنع بغداد من إصدار أوامر لهذه القوات تتعارض مع رأي اللجنة المحلية تلك، ما سيخلق لأول مرة قراراً أمنياً لامركزياً يطالب به السُّنة منذ سنوات.ويتوقع أن يثير القانون زوبعة بين النواب المتشددين الشيعة، فالمسودة التي كُشِف عنها أمس الأول تشير إلى استقطاب ضباط الجيش السابق وإعفائهم من ضوابط اجتثاث بقايا حزب البعث والمساءلة والعدالة، أي أن القانون يتضمن أول تطبيق لالتزام العبادي بإجراءات التصالح والمرونة مع «البعث»، لكن القانون نفسه ينص على منع الميليشيات من الانخراط في الحرس الوطني، وهذا ما سيثير غضب الشيعة الذين لن يستسيغوا طرد الميليشيات من تشكيل جديد سيستقبل حتى الضباط البعثيين.وعلى أي حال، فإن أكثر من طرف سيحرص على إنجاح هذا المشروع وستكون الضغوط الأميركية حاضرة بقوة، لكن المقاتلين في خطوط التماس مع «داعش»، يقولون إنهم لن يستطيعوا الصمود أكثر إذا لم يتوفر الإسناد السخي والسريع، مع وضع حد للشك في السُّنة وبناء ثقة مقبولة معهم تشجع شبابهم على الانخراط الجدي في مواجهة التنظيم المتطرف.
آخر الأخبار
قانون الحرس الوطني أول ضمانات العبادي لسنّة العراق
04-10-2014