مصر وقطر... والمبادرة الملكية!
لم تكن المبادرة التي لبّتها كل من البحرين والإمارات في السعودية مع دولة قطر كافيةً لأن يكتمل التعاون والتفاهم مع دولة قطر، بل أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتفعيل مبادرة الصلح بين قطر ومصر على أسس تجمع بين الدولتين، بدلاً من تلك الأجواء السائدة التي كانت مثقلة بالخلاف والتنافي الإعلامي والسياسي، وعلى الأصعدة كافة.زار رئيس الديوان الملكي خالد التويجري القاهرة، مبعوثاً من الملك، وبيده ملفّ صعب وشائك. ثلاث ساعات التقى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي المبعوث القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والنقاط كانت صعبة ومعقدة، ووفق تصريحات التويجري، فإن المفاوضات كانت متعددة، غير أن رحابة صدر السيسي جعلتها تسير بشكلٍ أكثر سلاسةٍ من أجل البدء في فتح صفحة جديدة.
في حديث التويجري لبرنامج "القاهرة اليوم" قال لعمرو أديب إن الانطباعات كانت جيدة للغاية، كما أن من المهم تكامل المواقف الإعلامية مع المواقف السياسية، من الخطأ الكبير استمرار الحملات المتبادلة بين مصر وقطر، في ظلّ أجواء يجب أن تكون غير مكدرة بغية إنجاح المبادرة. كما تحدث عن أن "الجزيرة" لديها مسؤولية أيضاً، والظن بتحسُّن خطابها كبير. بالفعل، من دون إيقاف للتنافي الإعلامي لن يكون هناك إجراء سياسي فعّال يمكنه أن يصل بالمبادرة إلى اكتمالها ونضجها. من القصور في التفكير اعتبار الملفات العالقة بين مصر وقطر بسيطة أو سهلة، هناك اختلاف على معنى "مشروعية النظام"، وهذا هو التحدي الأكبر أمام محاولات رأب الصدع، حين تصف قطر ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب على المشروعية، ومن ثم تبني على هذا الوصف سمات وأفكاراً وأسساَ للهجوم، فإن القصة لن تكون سهلة، وهذا يعيه المبعوث الخاص الحصيف خالد التويجري. من هنا كان الرهان على التكامل بين العمل السياسي والعمل الإعلامي.مصر لا يمكن أن تكون ممانعة أو رافضة لأي مبادرة للصلح والتوفيق بين الدول، أو للصلح بينها وبين دولة أخرى مختلفة معها، لقد مرت علاقات مضطربة للسعودية مع مصر إبان حكم جمال عبدالناصر، غير أن مثل تلك الاختلافات تنتهي لتبدأ من جديد حال التعاون والتحالف.ثمة أصناف من الخلافات، هناك الاختلاف على "وجهات النظر"، وهذا قائم ولا يخل بالتعاون الاقتصادي والسياسي. لأضرب مثلاً بالخلاف الروسي - التركي، هناك خلاف جوهري على موضوع الأزمة السورية، وخلافات أخرى في موضوع دعم جماعات الإسلام السياسي، غير أن هذا لم يمنع روسيا من توقيع تعاون اقتصادي يبلغ 1.6 مليار دولار مع تركيا، كما أن حجم استثمار روسيا داخل تركيا يبلغ مليار دولار.نتمنى أن نتجاوز الخلاف "الاستراتيجي"، الذي يعني الاختلاف الجذري على المشاريع والخطط والبرامج، لنصل إلى الاختلافات العادية التي لا تمنع من التعاون والتفاهم، وهذا ما نأمل أن يكون بداية الحل بين مصر وقطر، في ظل مبادرة الحكيم المصلح عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.