اليوم يومك
كل قوانين الأحوال الشخصية تمييزية تقريباً وفي حاجة إلى تعامل سريع وتغيير جذري، وتبقى النظرة المجتمعية، التي لا تتجلى إشكالياتها في نظرة الرجل إلى المرأة فقط، بل في الجزء الأكبر منها، في نظرة المرأة إلى نفسها وبنات جنسها، في رضوخها لموروث موغل في القدم يعاملها على أنها مخلوق أقل، بل يقنعها بأنها أقل.
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
هذا المنطق البدائي الموغل في القدم لا يزال هو ما يحكم علاقة الجنسين في السنة الخامسة عشرة من القرن الحادي والعشرين، ولا تزال فكرة القوة الجسدية، وإن لم تكن واضحة كعامل فصل، هي المحددة لأنماط الحياة وموازين القوى. وعلى الرغم من مسيرة المرأة النضالية الطويلة بحثاً عن حقوقها الإنسانية ولاحقاً المواطنية، فإنها لا تزال تفتقر لما هو في الواقع من أساسيات هذه الحقوق. في الكويت يعتقد الكثيرون أن المرأة قد اكتمل بدر حقوقها بحصولها على تلك "السياسية"، في حين أن الحق السياسي ما هو في الواقع سوى أداة لتأمين الحقوق الإنسانية والمواطنية، والتي هي شديدة الانتقاص في بلدنا. لا تتساوى المواطنة الكويتية بنظيرها الكويتي في اكتمال أهليتها، فلا هي وصية على أولادها، ولا تتحصل على حق السكن الكامل للأسرة إذا لم يكن في أسرتها رجل، والطامة الكبرى، لا تورث أبناءها انتماءها الوطني.تعاني المرأة الكويتية الإهانة يومياً وهي تحاول تأمين وجود زوجها وأولادها "الأجانب" في بلدها، في حين يؤمن الكويتي الجنسية لزوجته (بعد زمن يطول أو يقصر حسب قوة وساطته) ولأبنائه (تلقائياً) بما يضمن استقرار الأسرة والالتئام الدائم لشملها. أما قوانين الأحوال الشخصية فتتجلى فيها أشد صور التفرقة والتمييز بين الجنسين، فتبقى المرأة تحت الوصاية فلا تزوج نفسها إذا كانت بكراً في أي عمر تصله، كما يبقى سلاح الطلاق نصلاً حاداً في يد الرجل وحده يقبض أو يسرح بواسطته، وأحياناً يذل به ويعوق حياة المرأة بل يوقفها تماماً. كل قوانين الأحوال الشخصية تمييزية تقريباً وفي حاجة إلى تعامل سريع وتغيير جذري، وتبقى النظرة المجتمعية، التي لا تتجلى إشكالياتها في نظرة الرجل إلى المرأة فقط، بل في الجزء الأكبر منها، في نظرة المرأة إلى نفسها وبنات جنسها، في رضوخها لموروث موغل في القدم يعاملها على أنها مخلوق أقل، بل يقنعها بأنها أقل، وأنها أصغر شأناً وأعظم آثاماً وأبعد منطقية، تبقى هذه النظرة هي فحوى معركة المرأة الحقيقية، في تغييرها نقطة انطلاقة نحو تفعيل حقوق المرأة كاملة، والتي لن يكتمل بدرها إلا عندما تتمكن المرأة من تغيير النظرة المجتمعية البائدة لها ونظرتها هي الاستصغارية لنفسها.كل عام والمرأة في الكويت والعالم أجمع بكل خير.