لماذا التلاعب بأمن المنطقة؟!
وكأن هذه المنطقة لا تعاني كل هذه المعاناة مما ترتب على التلاعب بأمنها وحدود دولها منذ كارثة احتلال صدام حسين دولة الكويت، وما تلا ذلك من مغامرات غير محسوبة العواقب أوصلتها إلى كل هذه المآسي التي تعيشها فالآن هناك، بالإضافة إلى ما فعله الحوثيون ومعهم علي عبدالله صالح في اليمن، وما أصبحت عليه سورية، تلاعب مقصود بوحدة العراق وبتركيبته الاجتماعية، وإلَّا فما معنى أن تُمنع مناطق العرب السنّة من التسلُّح؟ وما معنى أن يُعامل أهل "الأنبار" في عاصمتهم بغداد وكأنهم ليسوا عراقيين وكأنهم غزاة جاءوا من كوكب آخر لا علاقة له بالكرة الأرضية؟إن كل ما يجري في العراق بحجة مواجهة "داعش" يدل على أن الهدف هو تغليب فئة "مذهبية" على فئة أخرى، وإلَّا فبأي حق وأي مبرر يُسمح
لـ "مجموعة" بإقامة دولة داخل الدولة العراقية، يحق لها ما لا يحق لغيرها إن بالنسبة إلى التسلُّح، وإن بالنسبة إلى أعداد "الميليشيات"، وإن بالنسبة إلى اتخاذ القرارات النافذة وبالنسبة إلى كل شيء؟! المفروض أنه غير مسموح لأي مكونٍ اجتماعي، إنْ في العراق وإنْ في غيره، بأن يحق له ما لا يحق لغيره، وأنْ يكون له جيشه الخاص و"ميليشياته" الخاصة، فهذا سيدفع الآخرين إلى البحث عن الحماية في الخارج، وسيدفعهم إلى التفكير، لمواجهة ما يعانونه من تمييز وضغوط، في أن تكون لهم دولتهم الخاصة وكيانهم الخاص، وهذا بالنسبة إلى العراق هو "أم الكبائر"، وهو ما سيؤدي إلى تمزيق هذه المنطقة أكثر مما هي ممزقة ومشرذمة.كيف لا يُسمح لـ "الأنبار" وبقية مناطق العرب السنّة بالتسلح، طالما أن الهدف هو مواجهة "داعش" وإخراجه من هذه المناطق، وطالما أن تجربة "تكريت" و"ديالى" كانت مؤلمة جداً وفاشلة، حيث تعمّق الشرخ المذهبي، وحيث كان الرابح الوحيد بالنتيجة هو هذا التنظيم الإرهابي الذي كان بمنزلة الخطأ الفادح مواجهته تحت العناوين الإيرانية، وبقيادة الرموز المحسوبة على إيران؟الآن يحاول أهل "الأنبار" وبقية مناطق العرب السنّة الحصول على سلاح من بعض الدول العربية ومن الولايات المتحدة مباشرة، وبعيداً عن بغداد والحكومة المركزية، وحقيقة أنَّ هذا ليس جائزاً على الإطلاق لو لم يكن هناك إصرار من قبل "الحشد الشعبي" الواضح الارتباطات كل الوضوح على التدخل في هذه المناطق التي يخشى أهلها من أن يفعل بهم ما فعله في "تكريت" و"ديالى" وفي مناطق عراقية أُخرى متعددة!ثم، وهذا هو بيت القصيد، فإنه على إيران "الجارة العزيزة" أن تتعامل مع العراق ومع كل الدول العربية المجاورة على أساس "الأخوة وحسن الجوار"، وليس من منطلق أنَّ هذه الدول كلها هي مجالات حيوية لها، باعتبارها "الدولة المركز"، وباعتبار أن كل ما حولها وبخاصة في المجال العربي ليس أوطاناً، وإنما أجرامٌ تدور حول الكوكب الإيراني الرئيسي، كما تدور الكرة الأرضية حول الشمس!