الدموع تتصدَّر مهرجان الإسكندرية
كانت الدموع نجم الدورة الثلاثين في {مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط}، وهي الدموع التي صنعت حالة من الشجن، خصوصاً في حفلة الافتتاح. عندما انتابت النجم الأسمر محمد منير نوبة من البكاء الشديد بمجرد أن أعلنت مقدمة الافتتاح الفنانة لقاء الخميسي اسمه لتكريمه عن مشواره مع الغناء والتمثيل وعلى خلفية أغنية {علّي صوتك بالغنا}.
صعد الفنان محمد منير إلى مسرح {مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط} وهو لا يتمالك نفسه من التأثر لدرجة البكاء، بينما استقبله الجمهور بالصفير والتصفيق، ليقول منير في كلمة موجزة ومعبرة: {التكريم للفنان بيعني أنه في مرحلة التسليم... يعني خلاص. لكن أنا لسه عايز أغني وأقدم أغاني كتير}. منير ما زال يشعر بالرغبة في الغناء ويحلم بتغيير خارطة أحلامنا بكلماته وصوته الذي صنع له تاريخاً من الصدق، يهتف باسمه في دنيا الغناء عبر مشوار منحه منير أعصابه واهتمامه وحبه ووجعه وهمه وموهبته الاستثنائية التي جعلته «الملك».حملت دورة هذا العام من المهرجان اسم الفنان الكبير نور الشريف الذي استقبله الجمهور بعاصفة من التصفيق تخللها هتاف {بنحبك}، ما جعله مرتبكا من شدة التأثر. ورغم ذلك تمالك نفسه وتكلم عن بداية ميلاد قصة حبه لفن السينما في حي السيدة زينب حيث ولد. وخانته دموعه في ما بعد في ندوة تكريمه التي شارك فيها نجوم كثيرون صعدوا إلى المنصة ليقبلوه، وذلك في لفتة إنسانية منحت المشهد دراما مؤثرة ومعبرة عن حب كبير لفنان يعتبر قطعة من قلب وعقل وضمير السينما المصرية ووجدانها، بأكثر من 170 فيلماً و50 جائزة، عبر 45 عاماً من الفن والإبداع والعطاء.
تحدث في الندوة الفنانون والمخرجون الذين عملوا معه، وأبرز الذكريات التي يحملونها في قلوبهم له لتنتهي الندوة بقالب حلوى ضخم يحمل اسم نور الشريف وصورته.كذلك أقيمت ندوة لتكريم الفنانة نادية الجندي، ولكن نظرا إلى أنها طلبت إقامتها قبل موعد ندوة الشريف في الحادية عشرة صباحاً، كانت النتيجة خلو القاعة من الحضور.الطيب الوحيشيوأثناء ندوة تكريم المخرج التونسي الطيب الوحيشي، بكى بدموع أثارت تعاطف الحضور، وذلك عندما تكلّم عن حادث سير تعرّض له في أبو ظبي منذ سنوات، وأفقده القدرة على استخدام أطرافه. وكان الوحيشي قد صعد إلى المسرح في حفلة الافتتاح وهو على كرسي متحرك، في مشهد إنساني درامي استفز مشاعر الحاضرين الذين صفقوا له كثيراً عند قوله إن المرض لن يمنعه عن الإخراج، وتأكيده أنه سيواصل التحدي، معرباً عن امتنانه لزوجته التي ساندته في لحظات الألم والمحن التي مر بها.والطيب الوحيشي أحد فرسان السينما التونسية، ودرس الآداب وحصل على الدكتوراه في علم الاجتماع، ثم درس السينما في باريس. بدأت مسيرته بإخراج أفلام روائية قصيرة وتسجيلية، وهو أحد المتحمسين لسينما المؤلف، حيث المخرج هو مؤلف الفيلم وواضع السيناريو وكاتب الحوار. ومن أبرز أفلامه: {ظل الأرض} عام 1982 الحاصل على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان {واجا دوجو} للأفلام الإفريقية والفائز في أسبوع النقاد بمهرجان {كان} السينمائي و{جزيرة الجد} عام 1987، {مجنون ليلى} عام 1989 الذي اختير في مسابقة مهرجان فينسيا السينمائي الرسمية وحصل على جائزة الجمهور في المهرجان الأول للسينما الإفريقية في ميلانو، {عرس القمر} عام 1998، {رقصة الريح} عام 2003، {شعب الشرارة} عام 2011 وهو فيلم وثائقي عن أبطال الثورة التونسية. عرض له المهرجان فيلمه الروائي السادس {طفل الشمس}.ومن الأفلام التي صنعت حالة من التأثر في ضيوف المهرجان {قبل الربيع} للمخرج أحمد عاطف، والذي شاركت به مصر في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويل، والفيلم يسرد الأسباب التي أدت إلى اشتعال ثورة 25 يناير ومتابعة أسلوب حياة الشباب الذي أشعل شرارة الثورة في بدايتها.بعد عرض الفيلم أقيمت ندوة حضرها أحمد عاطف مع بطلي الفيلم أحمد وفيق وهنا شيحة، أدارها الناقد فتحي العشري الذي دخل في مشادة ساخنة مع صحافية وجهت سؤالا إلى المخرج فأجاب العشري بالنيابة عنه، ما أثار غضبها فرد عليها: {أنا مدير الندوة، ومن حقي أرد على الأسئلة}، فتركت القاعة على الفور.غياب التنظيمأما الدموع التي بدأت مع المهرجان ولم تنته فهي دموع التنظيم الذي ظلَّ غائباً، وكانت لغيابه ملامح كثيرة من بينها استبدال العروض في اللحظات الأخيرة وتغيير مواعيد ندوات أو إلغاء أخرى، وتغيير أماكن العرض وعدم وجود عدد كاف من النشرة اليومية للمهرجان واختفاء أي معلومة تستطيع الحصول عليها، وأبرز دليل على ذلك هو الغموض الذي رافق عرض فيلم {فيلا توما} الذي أثار الجدل بسبب حصول مخرجته سها عراف من عرب 48 على دعم من جهات إسرائيلية عدة، ورغم ذلك تقدمت بفيلمها باسم فلسطين لا إسرائيل، لأن المهرجانات تدرج الأفلام طبقاً لجنسية المخرج وليس تبعاً لجهات التمويل أو الإنتاج. وكان السؤال الحائر على مدى أيام المهرجان «هل سيعرض الفيلم؟، وهو السؤال الذي كان يستقبله المسؤولون بابتسامة صفراء أو صمت مضحك أو تأكيد غير واضح.