في خطوة عززت مخاوف نظام الرئيس بشار الأسد من هجوم للمعارضة للسيطرة على كامل مدينة حلب، زار رئيس الحكومة التركية أمس ضريح سليمان شاه داخل الأراضي السورية في رسالة معنوية واضحة إلى دمشق بأن تركيا قادرة على التوغل داخل سورية.

Ad

وسط تقارير بأن تركيا تستعد للتدخل عسكريا في سورية، زار رئيس الحكومة التركي احمد داود اوغلو أمس ضريح سليمان شاه التاريخي في موقعه الجديد داخل الاراضي سورية، من دون اذن أو حتى تبليغ النظام السوري الذي يعتبر نفسه ممثلا للدولة السورية وذلك وسط صمت مطبق في دمشق.

وعلقت وكالة «سانا» على هذا الإعلان قائلة إن «داود أوغلو تسلّل إلى سورية، زاعماً زيارة ضريح سليمان شاه في انتهاك واضح للقوانين والمواثيق الدولية».

والزيارة، التي لم يعلن عنها مسبقا هي الاولى لمسؤول سياسي تركي الى الموقع الجديد لضريح سليمان شاه، الجد الاكبر لمؤسس السلطنة العثمانية عثمان الاول. ويقع الضريح على بعد 200 متر عن الحدود التركية في الداخل السوري.

وزار داود أوغلو القوات التركية المتمركزة بشكل دائم في الضريح الذي يقع الآن في قرية اشمة، ويمكن رؤيته بسهولة من الاراضي التركية، بحسب مكتبه.

وفي فبراير الماضي قامت القوات التركية بعملية توغل غير مسبوقة داخل الاراضي السورية لنقل الضريح من موقعه السابق.

وكان الضريح يقع على ضفة نهر الفرات ويعتبر ارضا تركية منذ التوقيع على معاهدة بين فرنسا التي كانت منتدبة على هذه الاراضي وتركيا عام 1921.

وتقررت العملية العسكرية بسبب تدهور الوضع حول الجيب التركي الصغير الذي تبلغ مساحته بضع مئات من الامتار المربعة في قلب البادية السورية، ويضم ضريح سليمان شاه جد مؤسس السلطنة، عثمان الاول.

وكان الأمين العام للحزب الجمهوري غورسيل تكين اعلن الخميس الماضي أن «تركيا ستطلق عملية عسكرية في سورية» مشيرا إلى انه حصل على تلك المعلومات من «مصدر جدير بالثقة». والحزب الجمهوري يعارض السياسة الحالية الداعمة للثورة السورية ويدعم نظام الأسد. وتوجه نواب من الحزب اكثر من مرة الى دمشق. والاسبوع الماضي حذر مندوب سورية لدى الامم المتحدة الموالي للأسد بشار الجعفري من «دعم تركيا لهجوم جدي لاحتلال حلب».

معركة حلب

وتسود حالة من الرعب في صفوف النظام تخوفا من هجوم على حلب. وأخيراً أعلن 21 فصيلاً مسلحاً معارضاً تشكيل غرفة عمليات «فتح حلب» بمشاركة 22 ألف مقاتل تدعمهم نحو 300 آلية ثقيلة، استعداداً لمعركة السيطرة الكاملة على ثاني أكبر مدينة في سورية، ونسخ تجربة «جيش الفتح» الذي سيطر على إدلب نهاية الشهر الماضي.

وبحسب «غرفة عمليات جيش الفتح» يضم الجيش 21 فصيلاً، بينها «حركة نور الزنكي» و«جيش المجاهدين» و«الفرقة 101» و«الفرقة 13» المحسوبين على الفصائل المعتدلة، إضافة إلى فصائل أخرى، منها «أحرار الشام» و«فيلق الشام» و«جيش الإسلام» و»الجبهة الشامية»، مشيرة إلى أن التكتل الجديد يضم 22 ألف مقاتل تدعمهم 60 دبابة و70 عربة مصفحة و170 سلاحاً ثقيلاً و20 ألف سلاح فردي بهدف «تحرير حلب».

جسر الشغور

الى ذلك، تمكن مقاتلو «جيش الفتح» الذي يضم «جبهة النصرة» وكتائب اسلامية أمس من اقتحام احد ابنية المشفى الوطني في مدينة جسر الشغور في شمال غرب سورية حيث يُحاصر 250 جنديا ومدنيا منذ اسبوعين، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن: «تمكن مقاتلو جبهة النصرة والفصائل الاسلامية من التقدم والدخول إلى أحد المباني في المشفى الوطني» الواقع عند الاطراف الجنوبية الغربية لجسر الشغور.

واضاف ان «اشتباكات عنيفة اندلعت بين مقاتلي النصرة والفصائل الاسلامية من جهة وقوات النظام المتحصنة داخل المبنى من جهة اخرى».

واوضح المرصد ان هجوم مقاتلي النصرة وحلفائها «بدأ صباح الاحد بعد تفجير عربة مفخخة في محيط المبنى».

وسيطر مقاتلو جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية) وكتائب اسلامية معارضة على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في محافظة ادلب في 25 ابريل الماضي، وتمكنوا من محاصرة 250 شخصا بين عسكري ومدني داخل المشفى.

وقال عبدالرحمن ان بين المحاصرين «ضباطا كبارا وعائلاتهم وموظفين كبارا في محافظة ادلب».

ومنذ خسارة النظام سيطرته على المدينة، يحاول مقاتلو «جبهة النصرة» والفصائل الاسلامية دخول المشفى بحسب المرصد، بينما تكرر قوات النظام محاولاتها للتقدم من اجل تحرير المحاصرين فيه.

ولا يمكن التكهن بقدرة العناصر المحاصرين في المشفى منذ اسبوعين على الصمود في ظل عدم امدادهم بالسلاح والمؤن.

وباتت قوات النظام وحلفاؤها وفق المرصد، على بعد كيلومترين عن المشفى.

واشار المرصد الى ان الطيران الحربي كثف غاراته مستهدفا مناطق الاشتباكات على اطراف المدينة وفي محيط المشفى، لافتا الى تنفيذه الاحد 16 غارة على الاقل.

وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» من جهتها ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوات المدافعة عن المشفى الوطني في مدينة جسر الشغور تقضي على عشرات الارهابيين عند المدخل الجنوبي والشرقي للمدينة».

ونقلت عن مصدر عسكري اشارته الى «انهيار التنظيمات الارهابية التكفيرية في جسر الشغور ومحيطها نتيجة الخسائر الفادحة التي تكبدتها».

وجاءت السيطرة على جسر الشغور بعد اقل من شهر على خسارة النظام لمدينة ادلب، مركز المحافظة في 28 مارس الماضي.

وكان بشار الأسد تعهد قبل ايام بظهور نادر ان يحرر الجنود العالقين في المشفى.

(أنقرة، دمشق - أ ف ب، رويترز، د ب أ)