الإسكندرية والتطرف
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
"نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف" مؤتمر نظمته مكتبة الإسكندرية، تحت رعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، للفترة من 3 إلى 5 يناير الجاري، وقد دعت إليه أكثر من مئتي شخصية عربية فكرية وثقافية وعلمية وسياسية ودينية، للوقوف على تصوراتها في كيفية مواجهة مأزق التطرف الذي يعصف بأقطار الأمة العربية، ووضع استراتيجية شاملة لمواجهته. بدءاً من الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة، مروراً بالدكتور خالد عزب محرك المؤتمر، ووصولاً إلى خلية النحل الأجمل التي تعمل في تنظيم المؤتمر، فإن الجميع يرى في المؤتمر نقطة انطلاق لفكر إنساني علمي وعملي لمواجهة ظاهرة التطرف، ولذا فإن مشاركة رجال الدين المسلمين والمسيحيين، كانت لافتة، فلا يصح أن ينعقد مؤتمر عن التطرف وتحديداً تطرف الفكر الديني دون وجود أهل الدين. انعقاد مؤتمر بهذه الأهمية في واحدة من أهم مكتبات العالم، يتناول التطرف بشكل فكري بعيد عن التشنج، ويقول إن المراكز العلمية والفكرية العربية يجب أن تمارس دوراً أكثر من دورها في حفظ الكتب، وعقد المحاضرات العابرة، أو الأماسي الموسيقية، مع تقديرنا لدور الكتب والمحاضرات والموسيقى. إن انطلاق المؤتمر من مكتبة يعني تناول التطرف بشكل فكري إنساني، ولذا تطمح المكتبة وكل المشاركين في المؤتمر إلى أن تصدر عن المؤتمر توصيات على مستوى العالم العربي، لمواجهة التطرف، وتكون هذه التوصيات محل نظر من حكومات ومؤسسات الوطن العربي. المتحدثون في المؤتمر وعلى اختلاف مشاربهم اتفقوا على أن البدء يكون بالأسرة، ففي حضنها تكون التنشئة الأولى، ووسط أجوائها تتفتح مدارك الطفل وقناعاته تجاه ما يحيط به. وبعد الأسرة تأتي المدرسة، لذا فمناهج أقطار الوطن العربي بحاجة لنسف وإعادة صياغة بما يتناسب وروح العصر. وثالثاً تأتي مهمة الإعلام والثقافة في أن يكون الطفل موضوعياً وإنساني النبرة. وأخيراً يجب الوقوف ملياً أمام الفكر المتطرف ليس فقط لقتاله، ولكن لقراءته بشكل مختلف بحيث يمكن إصلاح ما يمكن إصلاحه فيه، وانتزاع الشباب من ساحات الموت إلى بساتين المعرفة والوصل الإنساني. المؤتمر يعيد إلى الأذهان دور مصر العظيمة في لمِّ مفكري ومبدعي ومثقفي الوطن العربي، ودورها القيادي في رسم ملامح المستقبل العربي، وهذا في مجمله يوحي بتواصل العربي مع أخيه العربي، ويقول إننا نأمل خيراً في الغد بالرغم من كل وجع اللحظة العابرة.وصلتُ الإسكندرية ليلاً وهي غافية، وودّعتها ظهراً وهي تضج بحركة أبنائها، وما بين الوصول والوداع محبة تملأ قلبي.