"الاستقرار والأمان والأمل"
كانت هذه هي الرسائل الأساسية وعماد توجه المشير عبدالفتاح السيسي إلى الشعب ملبياً النداء للترشح لرئاسة الجمهورية، كانت هذه وعوده التي أظن أن الناس كانت في حاجة إلى أن تسمعها مراراً وتكراراً بأشكال وطرق مختلفة ومتعددة، وعلى الرغم من عدم تكرار هذه الرسالة كثيراً في ما بعد فإنني أستطيع القول إنها المكونات الرئيسية لنجاح من يريد أن ينجح في حكم مصر، وأيضاً كانت ملموسة بل وواضحة في مضمون ما تحدث به المرشح ثم الرئيس في ما بعد. صحيح أن وضوح الرسائل أحد أهم عناصر نجاح الخطاب السياسي وضمان تأثيره مستمراً، إلا أن ما يمتلكه الرئيس من علاقة شديدة الخصوصية، والتفرد مع الناس، وعطية التواصل الإلهية معهم، ضمنت له نتائج مستمرة النجاح في ترسيخ علاقته بالشعب، لكن الاعتماد على هذه العلاقة وحدها دون استثمارها والبناء عليها ليس الخيار الأفضل للجميع، للرئيس، للمسؤولين، للشعب، بل للدولة كلها.لنجاح النظام، أي نظام، عدة ركائز، أهمها ثقة المواطن في قدرة نظامه على الإنجاز، ثم قدرة النظام على الإنجاز، ويترافق ذلك مع القدرة على خلق الأمل لدى الناس بأن القادم أفضل، وذلك من خلال التواصل الصحيح معهم ودفعهم وإقناعهم وخلق الإيمان داخلهم بأهمية مشاركتهم وحشدهم، من أجل الفعل المشترك بين الشعب ونظامه وقيادته، والسؤال الآن هو هل تتوافر هذه العناصر في المرحلة الحالية؟ هل هناك ثقة لدى الناس في قدرة نظامهم على الإنجاز؟ وهل هو قادر بحق ويمتلك الأدوات للفعل؟ وهل الأمل حاضر في نفوس الناس ليدفعهم إلى المشاركة والتحمل والعمل؟ما سأفعله بمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة هو تمرين ذهني أدعو القراء إلى ممارسته، وسأبدأ بالإجابة عن سؤال الثقة، هل لدى المواطن ثقة في قدرة نظامه على الفعل؟ الإجابة هنا هي مزيج متداخل من نعم ولا، لأن الثقة هنا أو عدمها تتوزع على النظام بمستوياته المختلفة، ابتداء من قاعدة النظام البيروقراطية حتى رأس النظام، ومعدلات الثقة هنا تتباين ما بين القاعدة والقمة، والناس مازالوا يثقون بدرجة كبيرة جداً في قدرة الرئيس، ومازال الأمل قائماً عليه باعتباره القادر على إنقاذ مصر من أزمتها في الدائرة التالية مباشرة للرئيس، والتي يمكن اعتبارها الماكينة الرئاسية من أدوات معاونة ومستشارين ومجموعات عمل، فالناس غير قادرين على الحكم بالثقة من عدمها، لأنها دائرة مجهولة أو مظلمة لهم لا يعلمون من فيها.إذا ما تحركنا خطوة من قمة الهرم إلى المستوى التالي مباشرة، أي إلى الجهاز التنفيذي المعاون للرئيس المتمثل أساساً في الحكومة بمجلس وزرائها والهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، فإننا نلحظ انخفاضاً ملحوظاً في الثقة بالقدرة على الفعل، وتباينها في مستوى هذه الثقة تباين مرتبط بالزمن والأشخاص، فالناس في المرحلة الأولى التالية لانتخاب الرئيس بدأ يملؤهم الأمل الذي تحول إلى ثقة في المجموعة التي كلفها الرئيس بتنفيذ رؤيته لبناء مصر.وبعد مرور هذه "الأيام" بدأ التراجع في معدلات الثقة، وهذا ما قصدته بالتباين المرتبط بالزمن، أما التباين المرتبط بالأشخاص فإنه ارتبط بالأشخاص المسؤولين الذين كانوا ومازالوا تحت اختبار قاس ومستمر من قبل الناس، ويمكن القول باطمئنان إن الفرز الشعبي المعتمد على الحس الفطري دقيق إلى درجة بعيدة، لذا فإن مستويات ثقة الناس في المسؤولين تتباين ما بين مسؤول وآخر، وأيضاً ترتبط بقدرة المسؤول على التعامل مع المشكلات وقدرته على التواصل الصحيح مع الناس.
أخر كلام
بدء موسم الأسئلة الصعبة في مصر
09-05-2015