انتهت محكمة الجنايات في حكم بازر منها في قضايا غسل الأموال بعدم إمكانية محاسبة موظفي البنوك المسؤولين عن حسابات شركات الصرافة، لأنهم لم يتحروا العمليات المشبوهة، لعدم نص قانون غسل الأموال على نصوص تعاقبهم على ذلك، كما لم يتضمن القانون تفويضاً لأعمال قرارات أو تعاميم البنك المركزي.

Ad

أكدت محكمة الجنايات في حكم بارز لها أن تجريم أي فعل لابد أن يكون بناء على نص بالقانون، ولابد أن يكون القانون هو التجريم، ولا يجوز أن تكون اللائحة التي تصدرها السلطة التنفيذية سبباً للتجريم، وأن تجريم الأفعال وإصدار العقوبات لابد أن يكون بناء على قانون.

وكانت محكمة الجنايات قضت ببراءة موظف في أحد البنوك بعدما اتهمته النيابة العامة بتهم غسل أموال بصفته مسؤول حسابات لإحدى شركات الصرافة بأن نفّذ معاملات تحويل إلى الخارج عن طريق البنوك المحلية بناء على طلب أحد المراسلين في الخارج «شركة بدولة الإمارات العربية المتحدة»، دون أن يتم تضمين اسمه بالكتب المرسلة إلى البنوك والخاصة بإجراء تلك التحويلات.

كما اتهمت النيابة المتهم الموظف بأنه لم يجمع المعلومات الخاصة بالمعاملات المالية المشبوهة والمعاملات غير الاعتيادية والأطراف ذات الصلة بها، والتي أجرتها شركة الصرافة التي يدير حسباتها لبعض عملائها، وتدوين نتائج البحث التي قام بها بتقارير متضمنة التفاصيل الكاملة للمعاملات التي ارتكن إليها في اتخاذ القرار بتمريرها.

وطلبت النيابة عقاب المتهم بالمادتين 3 و11 من القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، والمواد 2/ب، 3/و، 4 من قرار وزير المالية رقم 9 لسنة 2005 بالإجراءات والضوابط التي يتطلبها تنفيذ أحكام القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال، والبندين 4 و6 من التعميم رقم 2/رص/95/2002 الصادر من البنك المركزي إلى كل شركات الصرافة بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعدل بالتعميم رقم 2/رص/301/2010 الصادر إلى جميع شركات الصرافة.

دعوى جزائية

وفي جلسة 15/1/2014 حضر المتهم بشخصه ومعه محاميه الذي ترافع شفاهة شارحاً ظروف الدعوى، وقدم مذكرة طلب في ختامها 1- عدم قبول الدعوى الجزائية قبل المتهم لإلغاء القانون رقم 35/2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال. 2- ببراءة المتهم لانتفاء الجريمة وفقاً للقانون رقم 106/2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقال بيانا لدفاعه إن القانون رقم 35/2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال تم إلغاؤه بالقانون رقم 106/2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مما يكون معه القانون الأول هو والعدم سواء يترتب عليه انعدام تقرير الاتهام وتكون معه الدعوى غير مقبولة قبل المتهم، وأن القانون رقم 106/2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلت نصوصه من تأثيم الفعل المنسوب للمتهم اتيانه، كما قدم حافظة مستندات طويت على صورة من حكم قضائي مقدم على سبيل الاستئناس.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنها تشير تمهيداً لقضائها إلى أن النيابة العامة لم توضح في قرار الاتهام أياً من البنود الواردة بنص المادة 3 من القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال التي ارتكبها المتهم، ولما كان ذلك وكان من المقرر بنص المادة 1 من قانون الجزاء أنه

(لا يعد الفعل جريمة، ولا يجوز توقيع عقوبة من أجله، إلا بناء على نص في القانون).

ولفتت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أنه لما كان ذلك وكان الأصل وفقاً للنص سالف البيان أنه لا يجوز تجريم فعل ما إلا بناء على نص في القانون، أي أن يكون القانون هو أداة التجريم، ولا يجوز أن تكون اللائحة التي تصدر من السلطة التنفيذية سبباً للتجريم والعقاب ما لم يكن هناك تفويض تشريعي صريح بذلك كما هو الحال بنص المادة 34 من القانون رقم 35 لسنة 2005 بشأن بلدية الكويت، التي أجازت أن تتضمن اللوائح التي يصدرها وزير البلدية عملاً بنص المادة 26 منه عقوبة نتيجة مخالفة تلك اللوائح.

 وكان الثابت للمحكمة من مطالعة نص المادة 3 من القانون رقم 35 لسنة 2002 في شأن مكافحة عمليات غسل الأموال أنه لا ينطبق على أي من الأفعال التي ارتكبها المتهم حسب وصف الاتهام الوارد بتقرير الاتهام، وأن الثابت أنهما أسندتا إليه استناداً إلى المواد 2/ب،3، 4 من قرار وزير المالية رقم 9 لسنة 2005 بالإجراءات والضوابط التي يتطلبها تنفيذ أحكام القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال والبندين 4 و6 من التعميم رقم 2/رص/95/2003 الصادر من بنك الكويت المركزي إلى كل شركات الصرافة بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المعدل بالتعميم رقم 2/رص/301/2010 الصادر من بنك الكويت المركزي إلى شركات الصرافة.

 وكان قانون مكافحة غسل الأموال قد خلا من نص يجيز لوزير المالية أو محافظ البنك المركزي أن يصدر أيٌّ منهما لوائح من شأنها تجريم بعض أوجه النشاط المصرفي والإحالة في العقوبة بشأنها إلى العقوبات الواردة بالقانون، أو أن يحظر بذاته وجهاً من أوجه التعامل المصرفي وتقرير عقوبة له استناداً إلى التفويض التشريعي له من المشرع، ومن ثم يكون الاتهام قد أسند للمتهم على غير سند صحيح من الواقع والقانون جديراً القضاء ببراءته منه عملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.