بينما بدأت الولايات المتحدة حملة عسكرية طويلة الأجل ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف بـ"داعش"، أفاد مسؤولون في الاستخبارات الأميركية عن ظهور تنظيم جديد في سورية، بقيادة شخصية غامضة كانت ضمن الدائرة الضيقة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، محذرين من أن هذا التنظيم قد يشكل تهديداً أكثر لأميركا وأوروبا من "داعش".

Ad

وقال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر جونيور يوم الخميس الماضي إنه "من حيث التهديد للوطن، خراسان قد يشكل خطراً أكبر من خطر الدولة الإسلامية".

وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة "نيويورك تايمز" إن التنظيم الذي أطلق على نفسه اسم "خراسان" ظهر في سورية العام الماضي، ويعتقد أنه كان جزءاً من "جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم "القاعدة" قبل أن ينشق عنها.

وأشار المسؤولون الى أن هذا التنظيم قد يكون أكثر عزماً على ضرب الولايات المتحدة أو منشآتها في الخارج من تنظيم "داعش"، وأنه مهتم بشكل خاص بشن هجمات ارهابية باستخدام متفجرات مخبأة.

وليس هناك تقريبا أي معلومات عامة عن تنظيم "خراسان"، الذي وصفه العديد من أجهزة المخابرات والمسؤولين العسكريين بأنه يتكون من عناصر تنظيم "القاعدة" من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال إفريقيا.

الفضلي وبن لادن

وأجهزة الاستخبارات على يقين أن محسن الفضلي، الكويتي الأصل، هو الذي يقود هذا التنظيم. وتقول وزارة الخارجية الأميركية إن الفضلي كان من المقربين من بن لادن، وإنه كان ضمن مجموعة صغيرة من الناس الذين عرفوا عن هجمات 11 سبتمبر 2001 قبل وقوعها.

الفضلي وإيران

وتتبعت وكالات الاستخبارات الأميركية الفضلي (33 عاماً) عشر سنوات على الأقل. ووفقاً للخارجية الأميركية، فإن الفضلي كان يعيش في إيران كجزء من مجموعة صغيرة من عناصر "القاعدة" الذين فروا إلى طهران من أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر قبل أن ينتقل الى سورية.

وفي عام 2012، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الفضلي هو الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة في إيران، وهو مسؤول عن توجيه "حركة الأموال والعملاء" عبر البلاد، وعرضت مكافأة 7000000 $ لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.

الفضلي والتبرعات

وقالت الوزارة إن الفضلي كان يعمل مع "المانحين الجهاديين" في الكويت، لجمع أموال لتنظيم "القاعدة" الذي يحارب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

الفضلي ملاحق في الكويت

وبرز اسم محسن الفضلي للمرة الأولى كإرهابي عام 2000 عندما ألقت السلطات الأمنية الكويتية القبض عليه بتهمة محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمي الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة إسرائيلية، ولكنه برئ من هذه التهمة وأدين زميلاه الآخران في القضية، وهم محمد الدوسري المعروف بأبي طلحة (سجن 7 سنوات) وبادي العجمي (سجن سنتين).

وخلال الفترة التي سبقت الحرب الأميركية الأخيرة على العراق، ألقت قوات الأمن الكويتية القبض عليه مجدداً مع آخرين بتهمة التورط في تفجير الناقلة الأميركية (كول) قبالة السواحل اليمنية من خلال دعم الشبكة التي نفذت العملية بالتمويل المالي، وحكمت محكمة الجنايات الكويتية بسجنه خمس سنوات وأيدتها محكمة الاستئناف، لكن محكمة التمييز برأته من التهمة الموجهة إليه لعدم اختصاص القضاء الكويتي في النظر في أحداث وقعت خارج الأراضي الكويتية وأطلق سراحه.

واعتقل مرة أخرى بعد ورود تقارير استخباراتية تفيد بتورطه في مقتل عضو مجلس الحكم العراقي السابق عز الدين سليم وتقديم دعم مادي لمنفذي عملية اغتيال محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، ووجهت السلطات إليه تهمة التورط بدعم تنظيمات إرهابية خارجية عبر قضية أمن دولة حملت الرقم 5/2004، لكن القضاء الكويتي برأه من جديد لعدم كفاية الأدلة فيما نسب إليه.

لماذا «خراسان» أخطر؟

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن العديد من المسؤولين الأميركيين وخبراء الأمن القومي يقولون إن التركيز المكثف على تنظيم "الدولة الإسلامية" أعطى صورة مغلوطة عن التهديدات الإرهابية التي برزت من جراء الحرب الأهلية في سورية.

ويؤكد هؤلاء أن التهديدات المباشرة لواشنطن لاتزال تأتي من الجماعات الإرهابية التقليدية مثل "خراسان" أو "جبهة النصرة".

وتشير الصحيفة الى أن المراقبين يعتقدون أن "الدولة الإسلامية" يركز على توحيد الأراضي التي سيطر عليها  في سورية والعراق أكثر من مهاجمة الغرب، وحذّر بعضهم من أن شن ضربات عسكرية ضد "داعش" قد يؤدي الى استعداء التنظيم ودفعه الى التخطيط لشن هجمات على أهداف غربية.

ولفتت الصحيفة الى أن "داعش" حرص في الآونة الأخيرة، خصوصاً في الأشرطة المصورة التي نشرها لإعدام صحافيين أميركيين وثالث بريطاني على تأكيد أن ما يفعله هو رد على الضربات الأميركية على مواقعه في العراق، مهدداً بهجمات انتقامية اذا ما تم ضربه، ولكن لم يكن هناك تهديد مباشر لواشنطن.