فجر يوم جديد: {هجوم منتصف الليل}

نشر في 12-01-2015
آخر تحديث 12-01-2015 | 00:01
 مجدي الطيب لم أكن أعرف أن ظاهرة «أفلام المقاولات» عادت حتى قادتني المصادفة إلى رؤية فيلم {هجوم منتصف الليل} قصة وسيناريو وحوار وإخراج إسماعيل جمال، الذي عُرف بإخراج هذه النوعية، واختفى مع اختفائها، لكنه عاد ليمارس نشاطه من خلال فيلم جمع في بطولته بين إنجي عبد الله ملكة جمال مصر في العام 1999 وهبة السيسي ملكة جمال مصر في العام 2004. ولما استشعر أنه حقق ضالته بهذه المعادلة اختار لبقية أدوار البطولة وجوهاً مغمورة أشهرها: ياسمين جمال، محمد أحمد ماهر وعمرو يسري والبقية مجرد أسماء مجهولة مثل: حسام الجندي، تامر سعد وأحمد النمرسي!

اللافت أن منتج الفيلم هو محمد حسيب محمد، الذي عرفه أبناء جيلي عندما ظهر على الساحة في العام 1994 كمنتج لفيلم {يا تحب ياتقب} تأليف يوسف معاطي وإخراج عبد اللطيف زكي، لكنه هجر مهنة الإنتاج في ظروف غامضة إلى أن عاد مع هذا الفيلم، الذي بدا من خلاله وكأنه يتحسس الخطى قبل أن يعود إلى الساحة من جديد؛ فالفيلم فقير الموازنة بشكل ملحوظ، وبالإضافة إلى الوجوه الجديدة والمجهولة التي قام الفيلم على أكتافها، تم تصوير الأحداث بالكامل في {فيلا} لم تخرج منها كاميرا رؤوف عبد الخالق!

إحقاقاً للحق، نجح المخرج إسماعيل جمال في استثمار المكان الواحد، وصنع فيلماً لا تنقصه الإثارة، ولا يغيب عنه التشويق؛ فالأحداث تبدأ ليلة زفاف العروسين {شريف} (حسام الجندي) و{سوسن} (إنجي عبد الله) ودخولهما {الفيلا} لقضاء ليلتهما قبل السفر صباح اليوم التالي إلى تايلند لبدء شهر العسل. وفجأة تتناهى إلى مسامعهما حركة غريبة في الطابق الأرضي، ما يدفع العروسين إلى تقصي حقيقة الأمر، وينجح المخرج في التلاعب بمشاعر المتفرج عندما يتبين أن {إيمان} (ياسمين جمال) شقيقة العريس وزوجها {عادل} (عمرو يسري) أرادا أن يفاجئا العروسين بهذه الزيارة غير المتوقعة، التي كشفت عن الثراء الفاحش الذي يرتع فيه {شريف} صاحب المصانع والمزارع والعقارات ورجل {بورصة الأوراق المالية}. لكن الدعابة تتحول إلى حقيقة مع اقتحام ثلاثة من اللصوص {الفيلا}، وتحويل أصحابها إلى رهائن!

في اللحظة التي دخل فيها البلطجية الثلاثة {الفيلا} حلَّ الهزل مكان الجد، وتراجعت جرعة التوتر لتتصدر السذاجة، وبدا السيناريو عاجزاً عن تبرير نوازع الشر لدى أفراد العصابة، بما لا يصلح معه القول إن {ليلى} (هبة السيسي) انحرفت لأنها لقيطة، و{خالد} (محمد أحمد ماهر) يثأر لنفسه من الأثرياء الذين فرقوا بينه وبين حبيبته، بينما {شكري} (تامر سعد) منحرف بالفطرة. ويقع الفيلم في فخ الملل نتيجة الرسم البليد للشخصيات، قبل أن يستعيد جرعة الإثارة مع ارتياب ضابط الدورية الليلية (أحمد النمرسي) في طلقات الرصاص، التي انطلقت في سكون الليل، وأودت بحياة حارس الفيلا، واضطرار العصابة إلى تهريب الرهائن إلى المخزن الخلفي، والإيحاء بأن {شكري} السادي اغتصب {إيمان}، التي لجأت إلى سياسة {فرق تسد} كوسيلة للإيقاع بين أفراد العصابة، وتنجح بالفعل في دفع {خالد} إلى العراك مع {شكري} وقتله، وهي مناسبة للقول إن السيناريو أوحى بأن {إيمان} هي الشخصية الوحيدة المقاومة بعد استسلام الجميع من دون مبرر معقول!

على الوجه الآخر استغرق السيناريو وقتاً طويلاً قبل الإفصاح عن السبب في اقتحام {الفيلا}، لكنه نجح في تفجير مفاجأة مثيرة بالفعل عندما تبين أن خطة الاقتحام دُبرت بالاتفاق بين {خالد} زعيم العصابة والعروس {سوسن}، التي خانت {شريف} وخدعته، غير أن السيناريو لا يكتفي بهذه القنبلة، ويختار نهاية ميلودرامية فجة للغاية تنقلب فيها {سوسن} على الخطة المتفق عليها، وترفض إطلاق الرصاص على {شريف}، وإنما تُطلقه على {خالد} فترديه قتيلاً، وتُساق إلى السجن. ولحظة الإفراج عنها ينتظرها {شريف} على مقربة من أسوار السجن، بعد أن غفر لها ما اقترفته، ويتصافحان بحرارة، وتتعانق الأيدي بحميمية!

براعة المخرج إسماعيل جمال في صنع فيلم حركة مثير رغم أنه لم يخرج من إطار المكان الواحد، وتفوقه في كتابة سيناريو يمكن النظر إليه بوصفه {سهرة فيلمية} متقنة، واختياره لموسيقى مناسبة لأجواء الحدث صاغها مصطفى الشريف، ومونتاج (أحمد طنطاوي) الذي احتفظ للفيلم بعنصر التشويق، وتدفق الأحداث رغم التصوير في المكان الواحد، ذلك كله لم يحل دون تراجع الأداء التمثيلي بدرجة لافتة، وتأرجحه بين المبالغة والفتور الناتجين من افتقاد الخبرة، والاعتماد على مدرسة رجعية، ومن ثم جاءت نتيجة التمثيل: لم ينجح أحد!  

back to top