تقضي المادة 114 من قانون هيئة سوق المال بأن تنشأ نيابة خاصة تسمى نيابة سوق المال تختص دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجرائم التي تختص بنظرها محكمة سوق المال والطعن في الأحكام الصادرة فيها.

Ad

أكدت دائرة أسواق المال الجزائية في محكمة الاستئناف، في حكم بارز لها، بطلان الأحكام التي تصدرها محاكم أول درجة الجزائية، والتي لا يمثل في هيئاتها القضائية، ممثل نيابة سوق المال، وفق ما تنص عليه المادة 114 من قانون الهيئة.

وأضافت المحكمة، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار نايف المطيرات وعضوية المستشارين مفرح الجداوي وأحمد البحري، ان المشرع وهو يرسم دائرة اختصاص النيابة والمحكمة المختصة بقانون أسواق المال قد حدد نطاق وحدود الجهة المختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء بتلك الدعاوى وفق المادة 114 منه، وألغى كل نص في قانون عام أو خاص يتعارض مع أحكامه، وفقا للمادة 164 من القانون رقم 7 لسنة 2010 اسواق المال، استعمالا لحقه في التشريع، ووفق ما ارتآه من دواع عملية وقانونية جديرة بالاعتبار، عملا بالمادة 164 من الدستور، التي أناطت بالقانون ترتيب المحاكم وتعيين اختصاصاتها.

وأضافت المحكمة، في حكمها ببطلان حكم محكمة اول درجة وحكم المعارضة في الدفع الذي أثاره دفاع المتهم عضو مكتب «اركان» للاستشارات القانونية المحامي حسين العبدالله، أن الحكمين الصادرين بإدانة المتهمين قد شابهما عوار في انعقاد وتشكيل المحاكمة لعدم تمثيل نيابة أسواق المال فيه تمثيلا صحيحا، الأمر الذي يتعين معه الحكم ببطلان الحكمين المستأنفين وإلغاؤهما مع عدم التقيد من قبل المحكمة بأي شيء مما ورد فيهما، لكونه عيباً جوهرياً لا يمكن تصحيحه، وانتهت الى الغاء حكمي أول درجة والمعارضة اللاحقة عنه ودفعت ببراءة المتهمين بعدما غرمت الأول 10 آلاف، والثاني بالامتناع عن العقاب.

إدخال الأوامر

وعن الدفع المثار من قبل دفاع المستأنف المحامي العبدالله بعدم تجريم عملية ادخال الاوامر من اجل التداول في سوق المال وعدم انطباق التداول الوهمي على المتهمين، ان صح كون العمليات التي تم شراؤها عبارة عن سهم واحد من كل متهم بمجموع سهمين فقط، قالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إنها لا تطمئن إلى الركيزة الاساسية للاتهام المنسوب للمتهمين، لكونه جاء مثقل الخطوات ومختنق الانفاس والنبرات، وقد غلب عليه الوهن وواكبه الظن والحدس، ولانه لا يتصور القول بخلق مظهر وإيحاء زائف من شراء السهمين فقط، كما ان عملية ادخال امر البيع والشراء بحد ذاتها ليست جريمة ما لم يوجد نص بقانون او قرار او لائحة يجرم ذلك، وهو ما عجز الادعاء عن اثباته، كما لا يتصور القول ان شراء سهمين أو بيعهما يخلق إيهام وحث الاخرين على الشراء.

وأكدت المحكمة انه عن الدفع ببطلان الحكم المستأنف لصدوره من محكمة غير مختصة، وعدم تمثيل نيابة سوق المال فيه، فإن المادة 108 من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية تنص على أن «تنشأ بالمحكمة الكلية محكمة تسمى (محكمة أسواق المال) يصدر بتحديد مقرها قرار من وزير العدل بموافقة المجلس الاعلى للقضاء، وتتألف هذه المحكمة مما يلي: أـ دوائر جزائية تختص دون غيرها بالفصل في الدعاوى الجزائية المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وتشكل دائرة الجنايات من ثلاثة قضاة، احدهم بدرجة مستشار على الاقل...».

المادة 114

وقالت المحكمة إن المادة 114 من ذات القانون تنص على أن «تنشأ نيابة خاصة تسمى نيابة سوق المال تختص دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجرائم التي تختص بنظرها محكمة سوق المال والطعن في الأحكام الصادرة فيها».

بينما نصت المادة 164 من ذات القانون على أنه «يعتبر هذا القانون، قانونا خاصا كما تعتبر احكامه احكاما خاصة، ويلغى كل نص في قانون عام او خاص يتعارض مع أحكامه». وأصدر وزير العدل القرار رقم 111/ 2010 بإنشاء محكمة ونيابة سوق المال، استنادا للقانون سالف الذكر، وتنفيذا لذلك أصدر المستشار النائب العام القرار رقم 2/ 2010 الذي ينص على «إنشاء نيابة خاصة جزئية تسمى (نيابة أسواق المال) تختص بتحقيق القضايا التي تدخل في اختصاصها، وإعدادها للتصرف قبل إرسالها للنيابة الكلية للتصرف فيها، وتشكل هذه النيابة ـ مؤقتا ـ من مدير ونائب مدير ووكلاء نيابة العاصمة، بينما يختص المحامون العامون الأول بالتصرف والادعاء في هذه القضايا، كما تم تحديد دوائر جزائية، لنظر قضايا اسواق المال، وفقا لقرار الجمعية العامة لكل محكمة وتوزيع العمل».

وأضافت أنه «استيثاقا للتحقق من صحة وسلامة الاجراءات ومطابقتها للقانون لكون ذلك من الامور التي تتعلق بالنظام العام، التي تقررها المحكمة من تلقاء نفسها، قامت المحكمة بمخاطبة ادارة كتاب المحكمة الكلية والنيابة العامة للاستعلام عن القضاة المختصين بنظر قضايا سوق المال خلال فترة نظر الدعوى الماثلة امام اول درجة، وكذلك الاستعلام من النيابة العامة عن النيابة المختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء في القضايا الخاصة بسوق المال خلال فترة من يناير 2013 إلى مايو 2014، مع بيان ما اذا كان عضوا النيابة اللذان حضرا تلك الجلسات والأحكام عضوين في نيابة اسواق المال خلال تلك الفترة».

وورد كتاب رئيس المحكمة الكلية يفيد بأن دوائر اسواق المال الجزائية خلال الفترة من 17/4/2014 حتى 8/5/2014 هي الدوائر التالية:

1ـ الجنح: دائرتان جنح 1 وجنح 2، الاولى برئاسة الاستاذ صبري عمارة، والثانية برئاسة الاستاذ نواف الشريعان، وتعقد كلتاهما بالقاعة 18 بالدور الرابع في قصر العدل.

2ـ بينما دائرة جنح مستأنفة برئاسة المستشار عدنان الجاسر وعضوية الاساتذة/ وحيد رفعت ومحمد بهمن وعبدالعزيز الغيث تعقد بالقاعة 19 بالدور الرابع في قصر العدل.

3ـ وبخصوص الجنايات، فهي الدائرة الثالثة برئاسة المستشار حسن الشمري، وعضوية القاضيين وليد المذكور وخالد عبدالهادي، والتي تنعقد كل يوم اثنين في القاعة 15 بالدور الرابع في قصر العدل.

وأضافت المحكمة في حكمها: «بينما ورد كتاب الافادة من المستشار النائب العام بأنه عملا بنص المادة 114 من القانون رقم 7/ 2010 بشأن إنشاء هيئة سوق المال، وعملا بالمادة 102 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية التي تنص على أن يحدد النائب العام بقرار منه السلطة التي يخولها في هذا الصدد لاعضاء النيابة العامة على مختلف درجاتهم، فقد اصدر النائب العام القرار رقم 2/ 2010 بإنشاء نيابة خاصة جزئية تسمى (نيابة اسواق المال) تختص بتحقيق القضايا التي تدخل في اختصاصها، وإعدادها للتصرف قبل ارسالها للنيابة الكلية للتصرف فيها، وتشكل هذه النيابة ـ مؤقتا ـ من مدير ونائب مدير ووكلاء نيابة العاصمة، بينما يختص المحامون العامون الاول بالتصرف والادعاء في هذه القضايا، وان تمثيل النيابة العامة في حضور جلسات محكمة سوق المال يتم بتكليف من النائب العام لبعض اعضاء النيابات الجزئية، ومنهم عضوا النيابة المذكوران اللذان حضرا بعض جلسات المحاكمة خلال الفترة المشار اليها بتكليف من النائب العام».

وأما عن الدفع بعدم تمثيل النيابة العامة تمثيلا صحيحا، قالت المحكمة: «وفقا لما ورد بكتاب المستشار النائب العام بأن الاستاذين عضوي النيابة اللذين مثلا النيابة بالجلسات وبالحكم ليسا من ضمن اعضاء نيابة العاصمة المكلفة بالقيام بعمل نيابة اسواق المال ـ مؤقتا ـ وانهما من اعضاء النيابة الجزئية الاخرى، مما يترتب عليه مخالفة لحكم المادة 114 التي تستوجب ان يكون ممثل الادعاء امام المحكمة عضوا في نيابة اسواق المال، وذلك من عبارة النص: «ان نيابة اسواق المال تختص دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في جرائم اسواق المال، والطعن في الاحكام الصادرة فيها».

عبارات صريحة

وذكرت أنه «لا يقدح في ذلك ما ورد بكتاب المستشار النائب العام بحقه بتكليف من يراه من اعضاء النيابة الجزئية لحضور جلسات محاكمات اسواق المال عملا بحكم المادة 102 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، فالمشرع ـ وهو من يرسم دائرة اختصاص النيابة والمحكمة المختصة بقانون اسواق المال ـ قد حدد نطاق وحدود الجهة المختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء بتلك الدعاوى وفقا للمادة 114، وألغى كل نص في قانون عام او خاص يتعارض مع احكامه، وفقا للوارد بنص المادة 164 من القانون 7/ 2010 اسواق المال، استعمالا لحقه في التشريع، ووفق ما قد ارتآه من دواع عملية وقانونية جديرة بالاعتبار عملا بالمادة 164 من الدستور، التي اناطت بالقانون ترتيب المحاكم وتعيين اختصاصاتها، ولما كانت تلك المواد صيغت بعبارات صريحة وجلية، ومن ثم لا تقوم الحاجة الى الاجتهاد استنادا الى المبدأ القضائي الشهير «لا اجتهاد في ظل وجود النص».

وقالت المحكمة في حكمها: «وهدياً بما تقدم فإن الحكمين المستأنفين قد شابهما عوار في انعقاد وتشكيل المحاكمة لعدم تمثيل نيابة اسواق المال فيه تمثيلا صحيحا، الامر الذي يتعين معه الحكم ببطلان الحكمين المستأنفين والغاؤهما مع عدم تقيد المحكمة بأي شيء مما ورد فيهما، لكونه عيباً جوهرياً لا يمكن تصحيحه، وتطبيقا لما تقدم، وعملا بنص المادة 209، من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزئية فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكمين المستأنفين، وتصدر حكما جديدا وفق ما هو آت دون ان تتقيد باي شيء مما ورد في الاحكام الملغاة».

وأوضحت المحكمة: «لما كان ذلك وكانت الواقعة تتحصل ـ على نحو ما ورد بالبلاغ ـ من انه بتاريخ 15/5/2012 قام المتهم الاول ببيع سهم شركة للمتهم الثاني بالحد الاعلى بقيمة 19.5 فلسا، ثم عكس في اليوم التالي بين ذات المتهمين بان تم شراؤه بقيمة 22 فلساً، وأن المتهم الاول يملك 400 الف سهم لم يتداول بها، وكذلك المتهم الثاني يملك 80 الف سهم لم يتداول بها. وثبت من كشف تداولات سوق المال ان الاسهم المتداولة سهمان فقط».

وتابعت: «وبعد ان احاطت المحكمة بظروف الدعوى وألمت بها وملابساتها على نحو ما سلف بيانه فإن المحكمة لا تطمئن إلى الركيزة الاساسية للاتهام المنسوب للمتهمين لكونه قد جاء مثقل الخطوات مختنق الانفاس والنبرات، وقد غلب عليه الوهن والثبات وواكبه الظن والحدس على نحو ما هو آت، بأنه لا يتصور القول بخلق مظهر وإيحاء زائف من شراء سهمين فقط، وان عملية ادخال امر بيع وشراء بحد ذاتها ليست جريمة، ما لم يوجد نص بقانون او قرار او لائحة يجرم ذلك، وهو ما عجز الادعاء عن ثباته».

وأضافت أنه «لا يتصور القول بان شراء سهمين او بيعهما يخلق ايهام وحث الاخرين على الشراء، الامر الذي تجد معه المحكمة ان الاوراق قد خلت من ثمة دليل يقيني قبل المتهمين بثبوت التهمة قبلهما، فضلا على عدم توافر القصد الجنائي الخاص، وهو قصد حث الاخرين على الشراء، اذ لا يكفي في ثبوت القصد الخاص استظهار الحكم القصد الجنائي العام، وإنما يجب على المحكمة بيان توافر هذا القصد الخاص من الادلة المستمدة من الاوراق، وهو ما عجزت الاوراق والحكم عن اثبات اظهاره بالنسبة للمتهمين».

وتابعت بأنه «لا يقدح من ذلك القول انه لا يشترط لسلامة تسبيب الحكم بالادانة ان يتحدث عن تلك النية استقلالا، اذ ان ذلك انما يصدق على القصد الجنائي العام، وليس القصد الجنائي الخاص، ولما كانت المحكمة غير ملزمة بان ترد على كل دليل من ادلة الاتهام لان في اغفال التحدث عنه ما يفيد حتما انها طرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه الى الحكم بالادانة، فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهمين مما اسند اليهما، ولما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين الغاؤه والقضاء مجددا ببراءة المتهمين مما نسب اليهما، وهو الأمر الذي تقضي به المحكمة عملا بالمادة 209 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية».   

الدفع ببطلان تشكيل الهيئة القضائية

قالت المحكمة في حكمها: «لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 11/11/2013، ان الهيئة التي نظرته هي برئاسة المستشار حسن الشمري، وعضوية كل من الأستاذين وليد المذكور وخالد عبدالهادي، وبحضور الاستاذ عبدالرضا المهيلج، بينما الهيئة التي فصلت بالمعارضة بجلسة 2/6/2014 مشكلة برئاسة المستشار حسن الشمري، وعضوية الاستاذين خالد عبدالهادي وفتح الله حسن، ولما كان ذلك، وكان الثابت وفقا لكتاب رئيس المحكمة الكلية بناء على قرار الجمعية العامة للمحكمة الكلية المنعقدة بتاريخ 26/9/2013 بتوزيع العمل على السادة مستشاري ووكلاء وقضاة المحكمة الكلية خلال العام القضائي 2013/ 2014، فإن الدائرة التي اصدرت الحكم المستأنف مختصة بنظر جنايات اسواق المال».

وبينت أنه «لا يقدح في ذلك كون حكم المعارضة قد استبدل فيه الاستاذ فتح الله حسن بدلا من وليد المذكور، اذ ان قرار الجمعية العامة للمحكمة الكلية فوض رئيس المحكمة الكلية بانتداب ما يلزم من القضاة للعمل لسد النقص وفق مقتضيات العمل، ومن ثم يكون الحكمان المستأنفان قد صدرا من هيئة قضائية مختصة تطبيقا لحكم صحيح القانون عملا بحكم المادة 108 من القانون 7/ 2010 بشأن اسواق المال، وقرار وزير العدل، وقرارات توزيع العمل في الجمعية العامة للمحكمة الكلية، ومن ثم يكون الدفع في غير محله خليقا بالرفض».