ناقش عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن القانوني المثالب ونقاط الضعف في قانون الشركات الجديد، مؤكدين أن القانون شهد العديد من نقاط الضعف عند تطبيقه بشكل معرقل للشركات، من خلال زيادة التكلفة عليها اضافة الى غياب التنسيق مع بقية الجهات الرقابية، ما ادى الى تضارب الاختصاصات، والمطالبة بمزيد من الواجبات على الشركات، في الوقت الذي تعاني ازمة مالية.

Ad

وقال هؤلاء الخبراء، خلال مؤتمر الكويت لآليات تطبيق قانون الشركات الجديد، الذي افتتح أمس ويستمر ثلاثة أيام، إن القطاع الحكومي يعاني غيابا في قواعد الحوكمة، لعدم وجود دليل خاص، وقدم الاطار التشريعي لنظام التوظيف الحكومي، وعدم وجود نظام لمحاسبة الموظفين وعدم تفعيل نظام الجزاءات.

وألقى كلمة الجهة الراعية مدير عام مؤسسة التقدم الكويتية لتنظيم المعارض والمؤتمرات مرزوق الجاسم، الذي قال إن المؤتمر يهدف إلى توضيح العلاقة بين قانون الشركات وغيره من القوانين الأخرى المرتبطة به كقانون هيئة أسواق المال.

وبين الجاسم ان المؤتمر يطرح عدة محاور، أهمها نظرة تحليلية لقانون الشركات الكويتي ولائحته التنفيذية، تتضمن المشكلات العملية التي واجهت العاملين به، وفض التشابك بين الجهات الرقابية (وزارة التجارة والصناعة – هيئة أسواق المال – بنك الكويت المركزي والادارة التنفيذية لشركات المساهمة) وتعارض المصالح وتكلفة حوكمة الشركات وفقا للقرار 25 لسنة 2013.

تكلفة إضافية

وألقت الجلسة الاولى للمؤتمر نظرة تحليلية على قانون الشركات ولائحته التنفيذية، تتضمن المشكلات العملية التي واجهت العاملين به، وحاضر فيها المستشار القانوني لشركة المركز المالي عمرو حافظ الذي أكد ان تطبيق قانون الشركات يتطلب تكلفة اضافية من خلال تشكيل لجان وعقد اجتماعات لمجلس الادارة وتوفير كوادر وظيفية في مواقع محددة لتطبيق الحوكمة، وهذه الامور لا تحقق ارباحا على المدى القصير والمتوسط، ولكن على المدى البعيد.

ولفت حافظ الى ان غياب هذه القواعد سيؤدي الى خلق ضبابية حول مناخ الثقة في الاقتصاد في وجود عيوب في النصوص واللائحة وغياب القوانين المنظمة.

وزاد ان هناك غيابا في قواعد الحوكمة بالقطاع الحكومي لعدم وجود دليل للحوكمة، وقدم الاطار التشريعي لنظام التوظيف الحكومي منذ عام 1979، وعدم وجود نظام لمحاسبة الموظفين، وغياب التشريع واضح بشأن الكادر الوظيفي والترقيات، وعدم تفعيل نظام الجزاءات وقليل الاثر، وعدم وجود تحديث لبيانات التوظيف في الدولة، وغياب التنسيق بين الاجهزة الحكومية، ووجود اكثر من جهاز رقابي دون تنسيق في ما بينها (التجارة وهيئة اسواق المال وادارة التراخيص والهيئة العامة للصناعة).

مذكرة تفاهم

وأضاف حافظ ان عدم توقيع مذكرة تفاهم بين الجهات الرقابية جعل كل جهة تعمل في واد دون مبادرة بتوقيع مذكرة التفاهم في ظل غياب سياسة واضحة لتعزيز زيادة الانتاج الوظيفي، كما يحدث في البحرين ودبي، مشددا على ان كل قطاعات الدولة لا تطبق قواعد الحوكمة الا القطاع النفطي الذي يتميز بآليات ونظم في الرواتب والترقيات.

وحول اهم المشاكل العملية لقانون الشركات اشار الى ان هناك اشكاليات كبيرة في حضور الجمعيات العمومية ودور وكالة المقاصة بشأن منع المساهمين حضور الجمعيات العمومية، لتعارض ذلك مع قانون التجارة التي تقف موقفا سلبيا في الالتزام بقوانين الشركات، وظهر ذلك في اشكالية بطاقة التصويت في الجمعيات العمومية باسم المساهم او الوكيل، اضافة الى فشل تطبيقات النافذة الموحدة في القطاع الحكومي، بسبب عدم تطوير الاداء الالكتروني وعدم صدور ادلة استرشادية.

وتابع: «وكذلك هناك قصور في النصوص التشريعية في شركات الغرض الخاص، لعدم اعتماد الوزارة لانشاء هذا النوع من الشركات، حيث تضطر الشركات لانشاء شركات خارج الكويت في ظل وقوف التجارة عاجزة امام ذلك».

إشكاليات التأسيس

وأوضح حافظ ان هناك اشكاليات في تأسيس الشركات المهنية (الطب والمحاماة والهندسة والمحاسبة)، حيث تحتاج الى موافقة التجارة والجمعية المنظمة لاعمال المهنة، وهذا الامر تصاعد في ظل عدم التنسيق بينهما، حيث منح القانون الجهات المختصة سلطة مراجعة عقد التأسيس، وهو يخرج عن نطاق اختصاصها، ومنع الشريك من ان يباشر المهنة لحسابه الخاص او مستترا من خلال شخص آخر تتعارض مع طبيعة بعض المهن كالطب والمحاماة.

وزاد ان التطبيق العملي كشف عن اشكاليات في صعوبة اضافة او حذف بنود لعقد التأسيس في الشركات المعتمدة رغم تنافيها مع الأحكام الآمرة في التعديل رغم ان القانون واللائحة يوافقان على التعديل للنصوص، ورغم ذلك فشل القطاع الخاص في انشاء شركات لوجود مشكلة في التطبيق في ما يخص الحد الادنى لرأس المال.

واردف ان «من اغرب الاشياء التي شاهدناها في تطبيق القانون هي نص المادة 2743، والتي نصت على جميع الشركات المدرجة مساهمة عامة، وعند التطبيق رفضت التجارة الاعتراف بذلك، وبالتالي هناك اشكاليات عديدة في اجراءت التراخيص».

وألمح الى ان القانون نص على ضرورة وجود وكالة مقاصة لكل شركة، ويمكن لاي مساهم الاطلاع على بياناتها، لكن المقاصة ترفض وفقا لقانون هيئة اسواق المال الافصاح عن ذلك، وبالتالي هناك تناقض والسبب هو غياب التنسيق بين الجهات الرقابية لعدم وجود تطبيق لقواعد الحوكمة.

فض التنازع

وخلال الجلسة الثانية تم تناول فض التنازع بين الجهات الرقابية ونظام النافذة الواحدة، والتي قدمها المستشار القانوني لشركة الاستشارات المالية الدولية (ايفا) أشرف سمير في ورقة العمل للمؤتمر قال فيها ان تحسين بيئة الأعمال أصبح مطلبا من أهم المحاور التي يتبناها الاقتصاديون عند وضعهم تصوراتهم المستقبلية بشأن السياسات الاقتصادية في أي بلد.

واشار سمير الى ارتباط تحسين بيئة الأعمال الوثيق بدعم محركات النمو الاقتصادي وتحسين التنافسية والبيئة الجاذبة للاستثمارات، بما يدعم سوق العمل ومكافحة البطالة، ولا يمكن الحديث عن تحسين بيئة الأعمال إلا من خلال الارتقاء بنوعية وجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمستثمرين في كل قطاعات الإنتاج.

وزاد ان الحكومة الكويتية تبنت خلال السنوات الماضية برامج عدة للإصلاح والتطوير في مجال الاستثمار، وسهولة مباشرة الأعمال، بهدف توليد بيئة جاذبة تساهم في تدعيم النمو الاقتصادي، وقد بدأت الحكومة بحث المتطلبات التشريعية لخدمة خطة التنمية من خلال عدة لجان متخصصة.

وتابع ان ذلك أثمر عن عدة قوانين هامة طريقها إلى النور، فصدر القانون رقم (7) لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال لتنظيم نشاط الأوراق المالية، كما صدر المرسوم بقانون رقم (25) لسنة 2012 بإصدار قانون الشركات والذي عُدل بموجب القانون رقم (97) لسنة 2013، فضلاً عن إصدار القانون رقم (116) لسنة 2013 بشأن تشجيع الاستثمار المباشر، وقد أنشأت هذه القوانين جهات جديدة تقوم ضمن أدوارها بدور رقابي في مجال اختصاصها.

وبين ان هناك جهات عديدة أصبحت تمارس دورا رقابيا على الشركات، إضافة إلى الجهات الرقابية الأخرى التي تمارس عملها قبل إصدار هذه القوانين، ما أحدث تداخلا وتنازعا في ممارسة العمل الرقابي على الشركات الكويتية، وقد حاول المشرع في قانون الشركات أن يُعرف هذه الجهات ويحدد دورها، بل حاول المشرع أن يضع آلية مستحدثة للتنسيق في ما بينها، من أجل منع الازدواجية والتداخل بما يؤثر على بيئة الأعمال وفرص الاستثمار.

وأشار الى ان الرقابة على الشركات تهدف بوجه عام إلى ضمان قيام الشركة بتطبيق أحكام القانون، وعدم مخالفتها بنود عقد الشركة، ومن هنا تنشأ أهمية الرقابة التي تُعد عنصرا فعالا في تقليل المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة، وبالتالي الحد من الأزمات المالية التي قد تحدث بسبب مخالفات أحكام القوانين واللوائح، وتنقسم الرقابة من حيث القائم بها إلى رقابة داخلية ورقابة خارجية، ومن حيث نوعها إلى رقابة مالية ورقابة إدارية، ومن حيث توقيتها إلى رقابة سابقة ورقابة لاحقة.

تأهيل الموظفين

من جانبه، اكد رئيس الادارة القانونية لمؤسسة الخليج للاستثمار المستشار د. محمد طه ان اشكالية القانون تكمن في عدم المرونة وفي التطبيق، فليس هناك عيب في القانون بل في تطبيقه، ولابد من تأهيل الموظفين والمسؤولين في الادارات الحكومية لان هناك اشكاليات في التطبيق مثل قيد حق الامتياز، حيث لا يتم تطبيقه.

واضاف د. طه ان هناك اشكالية في النماذج التي لم يتم تعديلها، وهي سبب المشاكل والعيوب، لذا فإن الحل القانوني بتعديل النماذج.

تكلفة حوكمة الشركات

حول تكلفة حوكمة الشركات، وفقا للقرار 25 لسنة 2013، قال المستشار القانوني لغرفة تجارة وصناعة الكويت د. رضا الأحول إنه بات من المسلمات أن تطبيق مبادئ وأساليب حوكمة الشركات من خلال اتباع مجموعة القوانين والقواعد والمعايير والسياسات التي تحكم عملها والإفصاح عن المعلومات المرتبطة بها؛ وما يتعلق بها من معاملات مع الغير؛ وسيكون له أثر إيجابي في تحديد العلاقة بين إدارة الشركات من جانب وحماية حقوق حاملي الأسهم أو السندات أو العمال أو الموردين أو الدائنين أو المستهلكين من جانب آخر.

واضاف الاحول، في كلمته انه من المُسلم به أيضاً أن تطبيق مبادئ حوكمة الشركات لا يسعى فقط لتعظيم ربحية وقيمة أسهم الشركة في الأجل الطويل؛ بل لابد أن يعمد إلى تحقيق الشفافية والعدالة جنباً إلى جنب مع منح الحق في مساءلة إدارة الشركة والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة للشركة بما يؤدي في النهاية إلى تنمية الاستثمار وتشجيع تدفقه وتعظيم الربحية.

واوضح ان الهدف من إقرار مبادئ الحوكمة ينبغي أن ينصرف نحو تحسين القدرة التنافسية للشركات مع تعظيم أرباحها، وهنا يثار التساؤل حول بيان تكلفة الالتزام بقواعد الحوكمة، بحيث يكون الالتزام بهذه القواعد يصب ليس فقط في جانب تعزيز القدرة التنافسية للشركات بل ويساعد أيضا على تعظيم أرباحها، فإذا خرجت قواعد الحوكمة عن هذا الإطار أضحت عبئا على الشركات ليس إلا.

واردف ان تناول الجانب الاقتصادي للالتزام بمبادئ الحوكمة سنتناوله من خلال تحديد ماهية تكاليف الالتزام، ثم الوقوف على التحديات التي تواجه تطبيقها بالسوق الكويتي في الوقت الراهن مع طرح بعض الحلول العملية لهذه التحديات.

ثم انتقلت ورقة العمل التي قدمها إلى تحديد قيمة هذا الالتزام، وعلى من سيقع عبء الوفاء به، وقياس مدى قدرة الشركات الوطنية على ذلك، لتنتهي بوضع تصور مقترح لمستقبل تطبيق القرار 25 لسنة 2013 في ضوء الإمكانات الوطنية والتجارب الدولية، وذلك يتركز في تحديد ماهية تكاليف الالتزام بمبادئ الحوكمة بوجه عام، وبيان الأهمية العملية لبحث تكاليف الالتزام بمبادئ الحوكمة، وحصر التحديات التي تواجه تطبيق مبادئ الحوكمة بالسوق الكويتي.

وذكر ان التصور يتضمن:

• طرح الحلول العملية لمجابهة تحديات تطبيق الحوكمة بالسوق الكويتي من خلال تناول الإطار الصحيح لما كان يجب أن يتضمنه القرار 25 لسنة 2013 بشأن مبادئ الحوكمة

• محاولة تحديد قيمة الالتزام بتطبيق مبادئ الحوكمة طبقا لما جاء بالقرار 25 لسنة 2013، وبيان المغالاة في التكلفة التي ستتحملها الشركات عن المعمول به بالأنظمة المقارنة.

• تحديد من سيدفع تكاليف الالتزام بمبادئ حوكمة الشركات المنظمة بالقرار 25 لسنة 2013 وقياس مدى قدرتها على تحمل ذلك.